الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبريالية و الإنتفاضات العربية

وائل بنجدو

2014 / 4 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مثلت إنتفاضة 17 ديسمبر منعرجا حاسما في تاريخ النضال الوطني و الطبقي في القطر التونسي و بالنسبة للشعوب و الأمم المضطهدة بصفة عامة حيث إنتفضت الجماهير العربية في كامل أرجاء الوطن العربي مطالبة بإسقاط هذه الأنظمة الفاشية و العميلة (المغرب ، اليمن ، مصر ، سوريا ، البحرين ...). و لم يقتصر تأثير الإنتفاضةالتونسية على الوطن العربي فقط بل تجاوزه ليشمل الدوم الرأسمالية ( إسبانيا ، اليونان ، فرنسا ) و قد تردد صداها في قلب الغول الإمبريالي الأمريكي من خلال عدة مسيرات و حركات إحتجاجية مثل حركة إحتلوا وول ستريت .
كانت إنتفاضة ديسمبر ـ جانفي تعبيرا مكثفا عن التناقضات التي تشق المجتمع و التي يمثل فيها التناقض بين الإمبريالية و عملائها من جهة و بين الشعب من جهة ثانية التناقض الرئيسي الذي كلما إحتد إلا و اندلعت الحركات الإحتجاجية و الإنتفاضات الشعبية و برزت البؤر الثورية مثل إنتفاضة العمال في جانفي 1978 بقيادة الإتحاد العام التونسي للشغل و إنتفاضة الخبز في 3 جانفي 1984 و إنتفاضة الحوض المنجمي في 2008 .
أدركت الجماهير و الشبيبة الثائرة بوعيها الحسي أنها لن تحقق التحرر الوطني و الإنعتاق الإجتماعي إلا بإسقاط النظام العميل فصاغت الشعار المركزي للإنتفاضة الذي إستلهمته من إحدى قصائد الشاعر التونسي الخالد "أبو القاسم الشابي" : الشعب يريد إسقاط النظام . و إندفع الشعب بكل بسالة لمواجهة قوات القمع حالما بتغيير جذري و راديكالي يقلب النظام رأسا على عقب و يمنح السلطة للجماهير الواسعة من أبناء شعبنا الكادح من عمال و فلاحين و مثقفين ثوريين و معطلين و ذلك بعد إسقاط الطبقات الرجعية الحاكمة المرتبطة بالإستعمار .
لكن الدوائر الإمبريالية أدركت ما يمثله هذا الشعار من تهديد مباشر لمصالحها في تونس فسارعت بتحريك بدائلها التي تم إعدادها منذ الثمانينات لإستلام الحكم و هي قوى الإسلام السياسي ممثلة في حركة النهضة في تونس و في الإخوان المسلمين في مصر . و وفقا لذلك فقد تم التخلص من العملاء المفضوحين لدى الشعب لتهدئة الأوضاع و إمتصاص غضب الجماهير و تعويضهم بعملاء جدد يحضون بدعم الدول الرجعية الخليجية و خاصة قطر و السعودية التي تمثل ذراع الإمبريالية و الصهيونية بالمنطقة العربية. إن المهمة الأساسية للحكام الجدد هي المحافظة على جوهر النظام و إرتهانه لإملاآت الإمبريالية و مؤسساتها ( صندوق النقد الدولي ، البنك العالمي ، منظمة التجارة العالمية) و ضمان أمن الكيان الصهيوني كقاعدة عسكرية متقدمة للإمبريالية في قلب الوطن العربي . حيث تواصل السلطة سواء في تونس أو في مصر إنتهاج نفس السياسات الإقتصادية اللاوطنية و اللاشعبية التي تم إتباعها خلال فترة حكم الجنرال بن علي أو الجنرال حسني مبارك و هي سياسات أثبتت فشلها الذريع و كانت سببا رئيسيا في إرتفاع معدلات البطالة و في إندلاع الإنتفاضات العربية ، فعلى سبيل الذكر لا الحصر تعتزم حكومة النهضة في تونس إقترا ض مبلغ قيمته 1.78 مليار دولار من صندوق النقد الدولي و هو قرض مشروط بتطبيق جملة من الشروط المجحفة التي سيتحمل الكادحون تبعاتها و التي أقرها مجلس مدراء الصندوق خلال جلسته المنعقدة بواشنطن في 3 أوت 2012 و من أهمها تجميد الأجور و خوصصة المؤسسات العمومية دو التغافل عن تقليص موارد الدعم ، و هو ما يعد تواصلا لعملية الإفقار و تعميقا للأزمات الإقتصادية و الإجتماعية التي تعاني منها الطبقات الشعبية . إن هذه المؤسسات ليست (صندوق النقد الدولي ، البنك العالمي ) ليست منظمات خيرية بل هي أدوات بيد الإمبريالية لنهب خيرات الشعوب (نفط ، غاز...) و فرض جملة من التسهيلات لصالح المستثمرين الأجانب مثل إلغاء الضرائب و التضييق على الحق النقابي و إستغلال اليد العاملة بأبخس الأثمان .
إضافة إلى ذلك فإن حركة النهضة لازالت متمسكة برفض إدراج بند يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني في الدستور أما في مصر فإن الإخوان المسلمين يرفضون إلغاء إتفاقية السلام "المصرية ـ الإسرائيلية " المعروفة باسم إتفاقية كامب دايفد التي وقعها العميل أنور السادات سنة 1979 رغم تشدقهم بالإلتزام بتحرير فلسطين في عديد المناسبات قبل وصولهم للسلطة.
يتضح جليا من خلال ما سبق إرتباط السلطات في كل من تونس و مصر بالإمبريالية و هي لا تعدو كونها راعية لمصالح الإستعمار في هذه البلدان. و من هذا المنطلق فإن تصفية المصالح الإستعمارية في و الحسم في العملاء من القوى اليمينية الليبيرالية (نداء تونس مثالا) أو القوى اليمينية الدينية (حركة النهضة مثالا) تظل المهمة المركزية للثورة في تونس و في الوطن العربي لأنه بدون حل المسألة الوطنية ستبقى كل المشاكل الإقتصادية و السياسية و الثقافية التي يعاني منها المجتمع عالقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟