الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب مفهوم الإرهاب في القانون الدولي الحلقة 26

ثامر ابراهيم الجهماني

2014 / 4 / 18
دراسات وابحاث قانونية


الفرع الثالث : الإرهاب والدين .
يهدف الإسلام كدين سماوي إلى رفاهية الإنسان ، ويهدف إلى التوحيد بين البشر في ظل نظام قانوني واحد، هو الشريعة الإسلامية ، دون تمييز ( لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ) . وكانت كلمات الله عز وجل في القرآن الكريم تنصب في هذا المجال بين الترغيب والترهيب ، لكن الترهيب هنا يدل على حالة الرهبة من الله ، فقد وردت في سورتي ( البقرة والنحل ) بصيغة الأمر (( وإياي فارهبون )) ، وصيغة الأمر تفرض الوجوب ، والرهبة في هذا النطاق تدخل ضمن الخضوع لله مخافة من غضبه ، وبالخضوع لله تنفي المعصية .
وقد تقع الرهبة في نفس الإنسان من شخص ، في حين لا يرهب الله ، وهذه الصورة عبّر عنها القرآن الكريم في سورة الحشر بقوله > . ولقد حرّض الله المؤمنين على الدفاع عن أنفسهم وحياتهم بأن قال للمؤمنين في سورة الأنفال > . لكن هذا التحريض لا يعني – قطعاً – التعدي على الغير لأن الله (( لايحب المعتدين )) . لذلك فنحن لن نكون أبداً إرهابيين ، ونحن رواد حضارة عنوانها الاسلام .
تقوم الشريعة الاسلامية على مبدأ العدالة الاجتماعية والتعاون على الخير ورفض الظلم واستغلال الآخرين . كما أن الحرب العدوانية غير موجودة في الاسلام ، لأن الحرب بمنظورها الدفاعي هي الموجودة فقط وبصورتين :
1- حرب الدفاع عن النفس :
تجلّت في قوله تعالى : (( أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ...)) سورة الحج الآيات (39-41) . وسمي بالجهاد " وفقاً لقواعد محددة " (102) :
1- الجهاد فرض ولا يحل تركه بأمان أو موادعة .
2- أساس العلاقة بين المسلمين ومخالفيهم في الدين – الحرب .
3- دار الاسلام هي الدار التي تجري عليها أحكام الإسلام ويأمن من فيها سواء كانوا مسلمين أو ذميين .
لكن الشريعة الغراء لا تجعل المقاومة الشعبية المسلحة حقاً للشعب له أن يستغله أو يحجم عن استخدامه تخوفاً ورهبة ، إنها تجعله واجباً يأثم المتخاذل عن أدائه (103) . ويقول تعالى في سورة الأنفال الآية /65/ : (( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين ، وإن يكون منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون )) .
2- حرب الإغاثة : لشعب مسلم أو لأحد الحلفاء ، لقوله تعالى : (( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك نصيرا )) .
وفقاً لذلك فالشريعة الإسلامية تقف ضد الارهاب بكل صوره وأشكاله حتى أن آداب القتال في الحرب لها قيود أخلاقية مثل :
- لا تجوز فيه الحرب الهجومية .
- لا تجوز مباغته العدو قبل إنذاره .
- لا يكون الجهاد إلا مع العدو الحربي .
- لا يجوز قتل النساء والأطفال والشيوخ ورجال الدين المعتزلين .
- يجب معاملة الأسرى معاملة حسنة .
- لا تجوزمقاتلة من جنح للسلم ....إلخ (104) .
ونقول بملء أفواهنا ورداً على التراث الغربي الذي دعمته الحملات الصليبية إن الإسلام دين سماحة وغفران وهما من صفات الله عز وجل ، فهما بالتالي من الصفات التي يجدر بالمؤمنين التحلي بها .
فالدين يدعو إلى التسامح واللين وسماحة الإسلام تذكرنا بخرافة ( لافونتين ) عن الريح والشمس اللتين تراهنتا أيهما أقدر على أن تجرد رجلاً في أحد الحقول من عباءة يلبسها ، فأما الريح فهبّت تحاصره وتشدد من هجومها ، فإذا بالرجل يزيد من تشبثه بالعباءة وإحكام قبضته عليها ، وأما الشمس فقد طلعت في هدوء وثقة إلى كبد السماء ، تبث حرارتها ، حتى رأى الرجل من المناسب أن يخلع العباءة من تلقاء ذاته ويلقي بها جانباً (105) .
وكما نعلم أن الاسلام إنما انتشر ووطد دعائمه في أنحاء عديدة من أفريقيا السوداء وجنوب شرق آسيا ، وحتى حدود الصين ، لا بالسيف والقهر ، ولا حتى بالتبشير والدعوة ، وإنما بفضل سماحة خلق التجار المسلمين الوافدين إلى تلك المناطق للتجارة ، وأمانتهم ورفقهم ودماثة طبعهم ووقارهم ، مما دفع الناس إلى الاقبال على سؤالهم تعاليم دينهم ، ثم اعتناق هذا الدين ، الذي كان له الفضل الأكبر في غرس هذه الفضائل (106) . وللأسف نجد أن بعض مدعي الإسلام شوهوا صورته عن قصد أو غير قصد ، حين يشكلون مجموعات لاغتيال المواطنين الأبرياء واللجوء إلى السلاح من أجل موقف سياسي ، كما يحدث في مصر والجزائر وغيرها من البلدان . نحن هنا لا نتهم ولا نشير بالأسماء إلى كل من قال أنا مسلم ، ولكن نريد أن نعرف لماذا انساق البعض من هؤلاء الأشخاص إلى التعصب إلى أفكارهم والتفرد بالحل والقوة ؟ ولماذا وصلوا إلى هذا القدر من العنف ؟ يجيب الداعية الإسلامي ( يوسف القرضاوي ) عن هذا السؤال بشيء من العمومية << سياط السجن الملتهبة أرتني كيف ينبت العنف في قلوب الشباب >> ويضيف << كانوا يجبروننا على تلاوة الفاتحة بالمقلوب ويضعوننا في حبس انفرادي بغرف منتنة في أيام عصيبة قاتمة ومنع عنا كل ما نتسلى به من الكتب حتى المصاحف >> ( 107) .
هذه إشارة فقط لوضع الإصبع على الجرح . فالعنف يولد العنف . نحن لا نريد الدخول في غمار موضوع يندرج ضمن إطار داخلي للدول ، لكن نشير فقط إلى التقارير الأمنية في مصر ، التي تؤكد بأن محافظتي القاهرة والجيزة شهدتا 13 عملية إرهابية خلال العام الماضي بواقع عملية إرهابية كل 22 يوماً (108) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية: اعتقال 9 أشخاص في شارع غزة بالقدس خلال م


.. نتنياهو سينقل للجيش مسؤولية توزيع المساعدات في غزة.. والحكوم




.. المجاعة تطرق أبواب غزة.. عيد بلا أضاحٍ وطوابير للحصول على ال


.. دولة الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأم




.. شاهد: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام الكنيست من جديد للمطال