الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فشلَ الربيعُ العربي؟

عبدالله خليفة

2014 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مع تحول النظام المصري إلى نسخة جديدة من النظام العسكري وترنح الثورة السورية وانقضاض أطراف الاستبداد عليها، وغموض الوضع في اليمن، أصبح الربيع العربي مشكوكاً في حاله بحيث يبدو إن رأي المتشائمين قد انتصر وهو الذي يشكك حتى في كون الجماهير قد ثارت أصلاً!
بعد كل الهبات العظيمة التي قامت بها الجماهير العربية ضد بعض الأنظمة، لم يكن مستوى الجمهور العربي بمستوى الجمهور الأوروبي الشرقي الذي أطاح بأنظمة شمولية متقدمة، فلم تكن أوروبا الشرقية بمستوى تخلف البلدان العربية وثمة جماهير منظمة لرأسماليات دول متقدمة وصعود كبير للقطاعات الخاصة وهناك رغبة عارمة من قبل روسيا بالانفكاك من ثقل هذه الدول وتبعيتها.
فخلافاً لمصر وتونس وسوريا فإن بقية الدول لم تهب بشكل واسع فتشارك فيها جماهير وطنية كبرى، وحين انتهت هذه الموجة بصعود الجيش مرة أخرى في مصر وصعدت القوى الدينية المحافظة في تونس وسوريا ترنحت الموجاتُ النضالية وتخوفت أقسامٌ كبيرة من الجماهير العربية من المنحى الديني المحافظ وفضلت أوضاعها الراهنة وحكم الدول والعسكر على مغامرات الدينيين.
أعطى الإخوان في مصر مثلاً سيئاً لاستغلال عواطف وزخم الشعوب العربية للتغيير، فقد قفزوا للسلطة لتكوين قبضة شمولية دينية قوية، وسواء كان ذلك في قلب البلد عبر القاهرة أم باستغلال وضع سيناء وغزة لمؤامرة محفوفة المخاطر على الشعب المصري وجره إلى حرب مع إسرائيل وهو في لحظات صعبة، فكانت كارثة مزدوجة.
كذلك كانت الثورة في سوريا واعدة، وكانت شعارات الوحدة الوطنية والنضال السلمي قد وحدت جموعاً كبيرة في وجه النظام العسكري الدموي، ولكن الإخوان مرة أخرى وفي قطر عربي آخر راحوا يزايدون على الشعارات الدينية ويخيفون جماهير المسيحيين العرب والعلويين من شعاراتهم، ثم فتحوا الأبواب لدخول قوى التطرف الديني العسكري، بحيث اعتبرها النظام فرصة كبيرة للقضاء على الجميع!
هكذا عمل الطائفيون على تقويض الحراك العربي الجماهيري الموحد والعمل المشترك لإقامة أنظمة ديمقراطية علمانية تتيح لمختلف الأديان والمذاهب الحياة ويتم التركيز على الظروف الاقتصادية والاجتماعية وتغييرها لمصلحة الجمهور كله.
هذا يوضح كيف أن جمهور أوروبا الشرقية المثقف الموحد في شعاراته الديمقراطية قد حافظ على وحدته وتماسكه حتى إقامة أنظمة بديلة، فكان النسيج الديمقراطي التحديثي في الجمهور قد أتاح هذه المسيرة المشتركة الظافرة.
في حين كان النسيج العربي بين قوى ليبرالية ضئيلة وتقدمية صغيرة وحشود من عامة دينية توسعت بشدة في أزمنة الدكتاتوريات مغايراً فسرعان ما تكشف عن تناقضات عميقة واستفادت القوى القديمة من تمزقها وعرضت عودة إلى الأنظمة السابقة بواجهات وإصلاحات جديدة طفيفة!
البلدان التي لم تشهد تطرفاً وتمزقاً دينياً وطائفياً كالمغرب سارت في تحولاتها المتدرجة بهدوء، في حين أن البلدان التي شهدت تمزقات طائفية ودينية سياسية واسعة عانت أشد من غيرها ورجعت في تطورها السياسي إلى الوراء مع خسائر بشرية ومادية فادحة.
وهذا قد لوحظ في أقطار المشرق العربي الإسلامي وخاصة سوريا والعراق فعادت الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى الوراء وزادت مشكلات الشعوب فكانت الثورات بشكلها الديني الطائفي وبالاً على الناس بدلاً من أن تؤدي إلى تحولات مفيدة وعميقة في حياتها.
كلمة الربيع الطبيعية المجردة لا تصلح للتوصيف الاجتماعي ونحن بحاجة إلى قراءات سوسيولوجية تحلل هذه الظاهرات وتكشف مشكلاتها وتطوراتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني