الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الذات الثوريّة ، و تبني الماركسية معارضة هيغل للاأدرية - حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في -بؤرة ضوء-- الحلقة الثامنة من - العقلنة والإنعتاق الإنساني -

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2014 / 4 / 18
مقابلات و حوارات


" الذات الثوريّة ، و تبني الماركسية معارضة هيغل للاأدرية " حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في "بؤرة ضوء"- الحلقة الثامنة من " العقلنة والإنعتاق الإنساني "

من رواق الفكر والفلسفة
17. متى ستصبح الذات الثوريّة ذاتًا مطابقة لكلّ من التيارات السياسية والحكومة؟

الجواب:
أرى أنّ هذا السؤال رغم بعض الغموض الذي يشوبه ومن أكثر الأسئلة عمقا من وجهة النظر الاستراتيجيّة و و إن كان " التطابق " مثله مثل الحتميّة الآليّة " لم يعد مطلوبا أو ممكنا في شأن التفكير في الواقع الشديد التعقيد و التغيّر و فإنّ التفكير في كيفيّة إعادة صياغة و بناء " الذات الثوريّة " لهو من أوكد المسائل و أكثرها أهميّة و إلحاحا بالنسبة لقوى التقدم و الثورة . و لعلّ مثل هذه المهمّة المحوريّة لا يمكن الخوض فيها إلاّ خارج ما يمكن أن نسمّيه بـ " الرعب الإيديولوجي " الموروث عن " الآباء المؤسسين " و الذين على صدق نواياهم و جسامة تضحياتهم , لا يزالون يمثّلون عنصر عرقلة لعمليّة التجاوز بحكم تشبّثهم بقوالب نظريّة و طرق عمل لم تعد تتماشى مع الأوضاع المعقّدة الراهنة . و هذا الشرط شديد الأهميّة , و به تكتسب القوى الثوريّة الجديدة القدرة على توطين المكاسب النظريّة و العمليّة الكونيّة , بما في ذلك الماركسيّة , و تقلع عن إسقاط تجارب الآخرين لتتوصّل الى إنتاج المفاهيم و الأشكال الخاصة بمجتمعاتها , و تبني الذات الثوريّة المذكورة على أساس المصالح المشتركة للطبقات و الشرائح الاجتماعيّة المتضررة من الهيمنة و الاستغلال . و أنّ ذلك سوف لن يتحقق دفعة واحدة على يد "المهدي المنتظر " أو الزعيم الملهم الفذّ , بل عبر صيرورة مرحليّة قد تطول أو تقصر بحسب دقّة المهام المطروحة و مراكمة النضج الاستراتيجي , و بالخصوص العمل على السير قدما بالديمقراطيّة الداخليّة للهيكلة و التسيير في أوساط الأحزاب الثوريّة , إذ لا يمكن بأيّة حال من الأحوال تصوّر بناء جسم سياسي ديمقراطي فاعل بدون مكوّنات ذاتيّة مستوعبة للعقليّة الديمقراطيّة بالقدر المقبول و الكافي ؟

*
*

18. تتبنت الماركسية معارضة هيغل للاأدرية، وتأصيله التاريخي، وإيمانه بقوى العقل الإنساني، وعلم المنطق عنده، هل التبني خان أفكار هيغل الجدلية لأنه (ادعى أن تطور العالم والمعرفة قد قطع مساره حتى الكمال، فأدخل بذلك التصوف في الجدل، مطبقا مبدأ التطور فقط على الظواهر التي تقع في مجال الفكرة ؟، وجاعلا من مقولات المنطق مقولات مقولبة ومصطنعة) ؟

الجواب:
" كلّ واقعيّ هو منطقيّ , و كلّ منطقي واقعيّ ", هكذا اجترح هيغل مشروعه الفلسفيّ الشامل الذي ستكون المسارات الفلسفيّة اللاحقة له تفريعا عنه و تنويعا له , بالتبنّي و التفصيل أو بالقلب و التطوير كما هو شأن " الحالة الماركسيّة " .
الفتح المبين للمشروع الهيغليّ هو انقاذ الفلسفة من تهويمها السماويّ و تعاليها و و ذلك على إثر الزجّ بها في صراط التاريخ و جدل الصراع الأرضيّ و لينهي بذلك تأجيل الخلاص البشريذ على وهم العالم الآخر و يجعل منه خلاصة لصيرورة دنيويّة يقودها العقل الانسانيّ ..زالى المطلق .
انتبه تلاميذه النببهاء كفيورباخ وماركس إلى هذه النقلة العملاقة و عملوا على تطويرها كلذ على طريقته بالتأصيل الماديّ لدى فيورباخ و بالتأصيل الماديّ القلب الاجتماعي المعروف لدى ماركس . و لم ينج كلّ من هيغل و ماركس من الوقةع في شرك الحلم المثاليّ بمقولة تحقق العقل المطلق عند الأوّل , و تحويل العصر الذهبي البدائي للبشريّة المشاعيّة إلى فردوس ارضيّ : الشيوعيّة , لدى ماركس , و كل ذلك في إطار أفق نهاية سعيدة مرتقبة في آخر النفق لدى الاثنين .
إلاّ أنّ ما يجب النطر إليه و فيه ه ما ابدته النظريّتان الهيغيليّة و الماركسيّة من جدوى و نجاعة تاريخيّة . فقد كانت الهيغيليّة وراء استكمال بناء الكيانات القوميّة الأروبيّة الألمانيّة و الإيطاليّة ( فقد استقى هيغل رؤيته من مشاهدته العينيّة لمرور نابليون بمدينة "أيينا " أثناء توسّعاته , و قال عنه أنه يرى التاريخ بركب حصانا أبيض , و من تلك الحادثة صاغ المفهوم المعروف لديه بـ " حيلة العقل " Ruse de la raison ) . بينما كانت الماركسيّة محرّكا لثورات الملايين من المضطهدين و المستغلين في روسيا و الصين و أمريكا اللاتيني" و شرق آسيا... لتنشأ عنها كيانات سياسيّة و اجتماعيّة جديدة و أبدت قدرة على الاستمرار . كما أنذّ المتأمّل في رصيد المراكمة الفلسفيّة في العالم بإمكانه أن يلحظ استمرار التأثير الهيغليّ على الضفّتين : الرأسمالي"ة من خلال قول " فوكوياما " بنهاية التاريخ في انسجامها الحرفيّ مع نبوءة عيغل , عندما رأى أن المطلق قد بلغ تحققه في الامبراطوريّة العالميّة مجسّدة في العولمة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكيّة . و من جهة النظريّة الشيوعيّة عاد الفيلسوف الفرنسي " لويس ألتوسير " في كتابه " قراءة ماركس " إلى هيغل بتعديل علاقة الحتميّة الأحاديّة الاتجاه , من البنية التحتيّة إلى البنية الفوقيّة , بجعلها علاقة تبادليّة ومن خلال منحه للحيزين السياسي و الثقافي قدرة على التأثير بالفعل و التوعية على الحياة الماديّة و إي بإنقاذه للوعي الهيغليّ من علاقة الاستتباع لنمط الانتاج الاقتصادي بصفة مطلقة . و بقطع النظر عن اتفاقنا او عدم اتفاقنا مع مثل هذه النتائج فالأهمّ هو أن ننتبه بعد استيعاب الدرس الفلسفي الكوني , إلى ذواتنا , كأن نتساءل حول ما يلي : ما هو إسهام " العقل العربيّ " في الرصيد المعرفي الانساني ؟ و متى سيصبح هذا العقل قادرا على إنتاج المفاهيم و المقولات المستقاة من استقراء واقعه ؟ و كيف له ان يحوّل وجوده في ذاته إلى وجود لذاته , بجهده النظريّ و العمليّ , الذي به يجترح لنفسه مكانا لائقا في مشهد العصر و التاريخ ..مكانا تحت شمس الحريّة ؟؟؟


انتظرونا والمفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني عند رواق الفكر والفلسفة وسؤالنا " 19. في إطار فعاليات ملتقى مدينة نابل للشعر العربي ، كانت لكم مداخلة تحت عنوان "الشعر و الأيديولوجيا" ، هل أنت مع أدلجة الأجناس الأدبية ؟" - الحلقة التاسعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: لم نكمل إزالة التهديد لكننا غيرنا مسار الحرب


.. عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل إسرائيلية وإصابة آخرين في




.. حرائق وأضرار في كريات شمونة والجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مس


.. ماذا تريد إسرائيل من ساحة غزة؟




.. لماذا مخيم جباليا؟