الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هايل.. لماذا شيعتنا وبقيت..؟!

ليلى الصفدي

2005 / 7 / 15
حقوق الانسان


هذا هو اليوم الرابع لرحيلك هايل، ومازلنا نجمع شتات أجسادنا وذاكرتنا ونلملم كلماتنا البائسة، نبحث في فراغها عن شيء تستحقه.
وحدك كنت صارخ المعالم، قويا.. جريئا.. صلبا..حنونا..عظيما..حتى وأنت مسجى بيننا.
بينما كنا اقرب إلى الموت وننتظر.. كنت هايل اقرب إلى الحياة وتتأمل.
سامحنا هايل ...فنحن قتلناك بتخاذلنا عشرين عاما، عشرون عاما ونحن ننتظر، يتنازعنا الاحتلال وأوطان قاسية.
ننتظر..... وسنواتك العشرون تمضي، لم تؤلمنا تفاصيل الوقت قبلا، فزمن الوهم يمضي سريعاً.
سامحنا لأننا نثور وننفعل ونذرف الدموع، ولكنا سرعان ما نهدأ ونعود لحياتنا الفارغة ونبحث عن الجدوى، ولا نعرف أننا كنا قريبين منها، ولسنا بهذا إلا أشباحا تهرب وتقارع الشكوى وتتغنى بالندب.
هايل حسين أبو زيد من مواليد عام 1968، أسس مع عدد من رفاقه (غالبيتهم من الأسرى حالياً) حركة المقاومة السرية في عام 1983، حيث ساهموا في مقاومة المحتل، من خلال العمل الجماهيري والعسكري، وقد نفذوا العديد من العمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية، المنتشرة على ارض الجولان المحتل. ألقي القبض عليه في 18-08-1985، وتعرض إلى تعذيب وحشي من قبل المخابرات الإسرائيلية. وقد حكم بالسجن مدة 27 عام وهو لم يزل تحت سن 18 .
مرت على هايل أيام سوداء ومؤلمة، فإضافة إلى ظروف الاعتقال السيئة فقد عانى من ظروف صحية قاسية في فترة السجن، وقد توفي والده أثناء فترة الاعتقال ولم تسمح له السلطات الإسرائيلية بإلقاء نظرة الوداع الأخير عليه، وقد عانى من هبوط حاد في القدرة على الرؤية، وأجريت له عدة عمليات جراحية، ولكنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وقد آلت حالته أخيرا إلى أن يصاب بمرض اللوكيميا والذي اضطرت على إثره سلطات الاحتلال لإطلاق سراحه بعد مماطلة ومحاكم ولجان.
توفي هايل بعد ستة شهور من خروجه من المعتقل 7 / 7 / 2005 ، وشيع إلى مثواه الأخير في مجدل شمس في اليوم التالي..
هايل برحيلك استنفذنا كل أحزاننا وأحزان أيامنا القادمة، صار لابد أن نتجاوز دموعنا قليلا ونقول كلمتنا، على ما يبدو لا نملك غيرها في زمن فضائيات الصوت والصورة، لا صور جميلة لدينا تزين صدر الفضائيات ولا رقص ولا غناء، حتى أفراحنا ممزوجة بالبكاء، لذا سنتكلم لا بل سنصرخ ونخبر من فاتهم الخبر: "أننا اثنا عشر أسيرا أمضينا عمرنا وشبابنا في سجون الاحتلال ننتظر والوقت يمضي، فها أنا أسجل يومي 7220، وآخر 3798 .......، هل لأيامنا وساعاتنا وقع على مسامعكم، والآن صرنا احد عشر أسيرا وشهيدا هل نستحق إصغاء أكثر، هل لديكم مشكلة في تسمية مدارسكم ومرافقكم؟؟ هل نحتاج للمزيد من الشهداء لهذه الغاية"؟!
هايل سأتكلم لأضع نقاطي على حروفهم الخرساء علها تنطق وعلهم يسمعون، أتذكر الآن بحرقة الوزيرة السورية المثقفة بثينة شعبان عندما سألوها عن أسرانا، تجاهلت السؤال وكأن لا علم لها بالأسرى او حتى بالجولان، استغرب لهذا.. بل استهجن فالعيون الساهرة في الوطن لا تخفى عليها شاردة وشغلها الشاغل مراقبة الأحرار وتقصيهم، كيف لم تلمحك يا هايل أنت ورفاقك، او أنها لا تجرؤ للنظر خلف الحدود.
هايل لا حاجة لإضافة كلمة بعدك، ولا للثرثرة الفارغة ولا لكتابة إنشاء جميل يصف بطولاتك وصمودك، فقط هي كلمة لنخبرهم انه في هذه الأرض الطيبة ولد بطل لأهل أبطال ومكافحين أمضى جسده سنواته العشرين خلف القضبان لكن روحه كانت دائما حرة وكلماته كانت تعانق ضعفنا وتقويه، وبعد عشرين عاما من الأسر كان المرض ارحم به من المحتل وللأسف من الوطن ليطلقه حرا بعد أن قايضه على ما تبقى من الحياة.
هايل حتى وأنت على فراشك الأخير كنت أقوى منا، كنت اقرب للحياة وكنا اقرب للموت.
لماذا شيعتنا هايل وبقيت...؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل #العربية فادي الداهوك: ‏طلاب جامعة السوربون ونواب فرنس


.. رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية: نتهم ا




.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا