الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العهدة الرابعة : العسكر، الديمقراطية والشعب الجزائري :

أشرف طانطو

2014 / 4 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


العهدة الرابعة : العسكر، الديمقراطية والشعب الجزائري :

نتيجة الانتخابات الجزائرية ، المغلفة بالديمقراطية المصطنعة ، كانت معروفة ومحسومة قبل انطلاقتها ، نظرا لطبيعة النظام الجزائري المتحكم فيه بواسطة الجيش والمخابرات التي تتفنن ومنذ الاستقلال بالسيطرة على البلاد وخيراتها وتزور الاستحقاقات التشريعية على المقاس بمنطق الولاءات الكاملة والعمياء بغض النظر عن الإسم المرشح للرئاسة، وكل من يريد الاصلاح يكون مصيره الخسارة و الإقصاء.

وكمثال على خطورة المؤسسة العسكرية ومنطقها التحكمي المميت ، فلنرجع للوراء وبالضبط الى تسعينيات القرن الماضي حيث نجد أن المؤسسة العسكرية في هذه الفترة أحكمت سيطرتها وبقبضة من حديد على دواليب الحكم الجزائري بعد الانقلاب العسكري 11 يناير 1992 على الرئيس الشاذلي بن جديد، وبدأت تختار من يوضع في الواجهة كرئيس خدمة لمصالحها الضيقة ، وتصفي جسديا من يعارضها ويريد تطبيق الديمقراطية والنزاهة وخدمة الشعب.

في هذه الفترة، التسعيينيات ، تمت أبشع عملية إغتيال راح ضحيتها الرئيس الأسبق محمد بوضياف في عنابة، و هو يلقي خطابا يينقل على التلفزيون مباشرة يوم 29 يونيو 1992. إذ كان عمره آنذاك 72 عاما، و كان قد أستقدم قبل أقل من ستة أشهر ليرأس ما سُمِي بالمجلس الأعلى للدولة خلفا الرئيس الشاذلي بن جديد بعد انقلاب 11 يناير 1992.
والجدير بالذكر أن محمد بوضياف لقب بالسي الطيب الوطني وهو اللقب الذي أطلق عليه خلال الثورة الجزائرية ويعد أحد كبار رموز الثورة الجزائرية وقادتها و هو الرئيس الخامس للدولة الجزائرية.

هذا الإغتيال يبين وحشية وخطورة الجيش الذي أرسل رسائل شديدة اللهجة وتخويفية لكل من يريد أن يرفع راية الاصلاح والمساس بمصالح الجيش ومعاداته.
فحينما نحلل سياسيا و نفسيا بعمق سنجد أن هذا الإغتيال وحشي وترهيبي جدا لماذا ؟ لأنه تم بشكل مباشر وواضح أمام الجميع لكي يبث الرعب في قلوب كل جزائري جزائري ويعد بالموت كل من أراد خدمة الوطن وسن سياسات دبلوماسية جيدة مع المغرب ، فالمرحوم بوضياف في هذه الفترة طالب بإعادة ملف الصحراء المغربية وحله حلا سلميا كما وعد بذلك المرحوم الملك الحسن الثاني ، حينما كان يقيم بالمغرب قبل استدعائه من طرف الجيش الجزائري.
وللإستئناس فقط ، نذكر بالطريقة ، الوحشية ، نفسها التي قتل بها الشهيد صدام حسين الذي أعدم على المباشر وفي يوم عيد الأضحى من طرف أمريكا التي وجهت رسائل مشفرة لكل القادة العرب مفاذها هذا هو مصير من يريد محاربة أطماع أمريكا وسياساتها الخارجية....

و السؤال المطروح اليوم هل بوتفليقة كان مخيرا أم مجبرا لخوض غمار العهدة الرابعة ؟ ؟ وحده التاريخ من سيجيب ومن سيكشف على العلبة السوداء العسكرية القاتلة.

صراحة لم تكن لدي أي تحفظات على أن يترشح السيد بوتفليقة إلى ما لانهاية من الولايات أو العهدات كما يحب الشعب الجزائري الشقيق النطق بها ، ولكن على أساس توفر الشروط والمكانيزمات المناسبة وأقصد هنا الشرط الأهم هو الأهلية الصحية والمقدرة العقلية والجسدية لتسيير البلاد ، ولو كدفة أو واجهة تستقبل الأوامر من الالة العسكرية أو جنرالات فرنسا .

لكن للأسف بوتفليقة لم يحترم نفسه ولم يحترم شعبه وترشح وهو على كرسي متحرك ، ليفوز وبكل وقاحة بمنصب رئيس الجمهورية ومن دون أية حملة انتخابية أو حتى خطاب جماهيري ، فالرجل رشح بالوكالة وجندت له كل إمكانيات الدولة وأموال الشعب .

ثم من غير المعقول أن يحصل المقعد بوتفليقة على 82% من الأصوات ونحن في 2014 بمعنى أن الشعوب العربية وصلت لدرجة كبيرة من الوغي والتمييز وتشبعت وشربت نوعا ما مفهوم الديمقراطية خاصة بعد فوضى الخريف العربي، الشيء الذي يكشف ويدل على وجود وحدوث تزوير الإدارة لنتائج التصويت.

فكيف يفوز رجل لم يستطع حتى الوقوف أثناء عملية الإدلاء بالصوت ، في موقف مهزلي ومهين لسمعة وصورة الدولة والمواطنين الجزائريين في الخارج .
والبارحة الجمعة مقدم برنامج Le Petit Journal يان بارتيز على قناة كانال بلاس ( + ) الفرنسية وهو يعلّق باستهزاء على مشهد تصويت الرئيس المشلول بوتفليقة قال :
Le futur president qui nest même pas capable de mettre un seul papier dans une envolope"
"هذا هو الرئيس المستقبلي الذي لا يستطيع وضع حتى ورقة داخل ظرف "
هذا الفوز لرجل للأهلية الصحية يحيلنا على مجموعة من الأسئلة الجوهرية ،لما يقع داخل دواليب الجكم الجزائري:
هل هي الحيرة في تدبير الخلافة على كرسي الرئاسة، أم قصور في إنتاج البلاد لنخبة سياسية كفؤة، أم هو تخطيط على أعلى مستوى ، بواسطة الجيش ، لإبقاء الوضع البائس والمأساوي كما هو عليه؟ هل إختيار رجل مشلول للرئاسة ، غباء أم ذكاء من القيادة العسكرية الإستخبارتية ؟

أسئلة كانت بوادرها الأولى حينما أكد عمار سعداني، الأمين العام للحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني الجزائري بأنه لا بديل عن عبدالعزيز بوتفليقة مرشحا رئاسيا لولاية رابعة حتى وإن كان مريضا.

والمثير في الحملة الانتخابية التي قادها بالوكالة مرتزقة النظام الجزائري ، أنها إستعملت منطق التخويف ومنطق التقابلات في الدعاية لبوتفليقة إّذ كررت على مسامع الجزائريين جملة إما التصويت على بوتفليقة أو عودة الإرهاب والإنفلاتات الأمنية ، أي إستعمال الورقة المتهالكة للعشرية السوداء في إديولوجية قديمة بلغة خشب هدفها التأثير على عقول البسطاء من الناس ودغدغة مشاعرهم لإضفاء الشرعية على إنتخاب بوتفليقة من جديد حفاظا على المصالح الإقتصادية الخاصة .
وهي للأسف نفس اللغة التي يستعملها حزب العدالة والتنمية من حين للاخر بعد دستور 2011 ، إذ يلوح ويهدد بورقة الإستقرار وتجاوز أزمة الخريف العربي ويوهم نفسه بأن له الفضل في أمان المغرب.

أين هو الشعب من كل هذا ؟ هل سيسكت عن هذه المهزلة ، وهل سيرضى لنفسه بأن يحكم من طرف رجل مشلول على كرسي متحرك بعد جلطة دماغية أصابته في السنة الماضية ؟ كيف سيمارس بوتفليقة مهامه الرئاسية الدستورية وهو الذي لم ينطق ولو بكلمة بسبب المرض قبل وبعد الحملة الإنتخابية ؟

إنها الديمقراطية المهترئة التي يتغنى بها النظام العسكري وهو يزكي رئيسا مريضا يقود شعبا من المفروض انه شاب متطلع للحرية والكرامة، ويطمح إلى الخروج من هذا الأفق الضيق الكئيب الذي تصنعه النخبة الحاكمة العسكرية والسياسية نحو آفاق أكثر رحابة.

بوتفليقة فاز نعم لكنه قضى على امال شعب كامل حالم بالديمقراطية والعدالة الإجتماعية قوامها إقتصاد جزائري وطني حقيقي لا يرتكز فقط على المحروقات والغاز ( إقتصاد ريعي هش )، بل على الزراعة والصناعة والسياحة فالكل يعلم أن إحتياطيات الجزائر من البترول أصبحت قليلة جدا والبترول بصفة عامة حياته الإقتصادية ستنتهي بعد حوالي 30 الى 40 سنة القادمة وبالتالي فقط الدول التي تمتلك قواعد وبنى إقتصادية قوية ومثينة من ستصمد . وعبد من جديد الطريق لجنرالات فرنسا لإتمام عملية نهب الثروات وتعمية للشعب وتخويفه من الإنتقال الديمقراطي السليم .

هذه العهدة الرابعة بمثابة دليل قاطع على فساد الإدارة الجزائرية وهذا أمر أتمنى أن يستوعبه الشعب الجزائري الشقيق ، الذي ضحى بالأرواح في الستينات من اجل الاستقلال، خاصة في ما يتعلق بمسألة المغرب وألا يصدقوا الحرس القديم ( كوادر الجيش ) حينما يصف المغرب بأنه يهدد المصالح و الأمن القومي الجزائري ليدعم مرتزقة البوليساريو من أموال الشعب، أموال حري لها أن تستثمر في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق التنمية الشاملة الجزائرية والمساهمة أوطوماتيكيا في تحسين العلاقات مع الجوار وتنمية منطقة شمال إفريقيا .

على العموم فوز بوتفليقة كان متوقعا ومحسوما من قبل ، مادام أمين عام الحزب الحاكم عمار سعداني وبالواضح قال مسبقا أن مرض الرئيس لا يمكن أن يكون عائقا أمام ترشحه لكرسي الرئاسة "فالدستور يسمح لرئيس دولتنا بالترشح لولاية رابعة" ، ولا شيء جديد يذكر ما دامت الديمقراطية لم تجد أبدا طريقها للجزائر ، فمن قام بتعديل بعض المواد من الدستور الجزائري سنة 2008 للسماح لبوتفليقة بولاية 3 لن يغلب في إنجاح بوتفليقة لعهدة 4 و 5 وحتى سادسة إن لم توافيه المنية.


أخيرا أمام كل هذا المكر السياسي المبرمج والممنهج والذي يدل على أن مهندسي العمليات داخل حجرات الحكم لا يحبون شعبهم بقدر حبهم للثروات والبترودولار ، أوجه رسالة أخوية للشعب الجزائري الشقيق مفاذها :

»أيها الأشقاء الجزائريون تحلوا بضبط النفس والصبر أمام هذا التزوير الواضح والنهب المباشر للخيرات ، ولا تنساقوا وراء الخطابات العاطفية الرنانة الداعية للثورة ومواجهة فساد العسكر ، وليكن إحتجاجكم سلميا وفكريا بعيدا عن لغة العنف والفوضى ، فالفوضى والعنف لا تولد سوى الخراب والدمار للبلدان والدليل ما يروج حولكم في بلدان إخوانكم العرب في مصر ، تونس ، سوريا ....فأنا أفضل التعايش مع السارقين وأن أحكم من طرف الدكتاتوريين العسكريين على أن أتسبب في زرع الفتنة داخل بلدي وأن أزرع بذور الحروب الأهلية والطائفية المساهمة في نوغل وتغلغل أيادي خارجية مسمومة تخرج الشعوب من إستعمار داخلي لإستعمار خارجي أشد وجعا وخطورة...الصبر ثم الصبر فأكيد التغيير والإنتقال الديمقراطي السلس ات لا محال ولو بعد حين «








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خليك في حالك
الشهيد كسيلة ( 2014 / 4 / 19 - 08:48 )
الاخ طانطو
كنا نتمنى ان يكون مقالك موضوعيا يلتزم بالحياد ولا يستغل انتخابات الجزائر لتبيان ان النظام الجزائري يهدد مراكش ... النظامان المخزني في مراكش مثل زميله نظام الجزائر وهما نظامان استخباراتيان قمعيان متفقان تماما فلا احد افضل من التاني ولا نظن ان النظام الملكي المخزني يريد خيرا بالشعبين الشقيقين المراكشي والجزائري


2 - مادام مصيرنا مشترك
قاده ( 2014 / 4 / 19 - 21:00 )
الاخ كسيلة المحترم من حق الزميل طانطو كما من حقك وحقي ان نتحدث وان نكتب عن منطقتنا والفساد الذي ينخر ويعشعش في دواليب انظمتنا وكذلك شعوبنا ايضا فباعتقادي ان لا حدود تفرقنا وان كنت ممن يعتقد بتقديس الحدود التي وضعها الاستعمار الغربي الحديث فهذا شانك

اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان