الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجائزة

صبري هاشم

2014 / 4 / 19
الادب والفن


إنْ أردتَ مِن الغربِ جائزةً فَخُذْ
ومرّةً ثانيةً خُذْ
وثالثةً خُذْ
فالأمرُ يبدو يسيراً :
اطعنْ بنسبِكَ العربي .. هاجمْ الإرهابيَّ محمداً وقُلْ عن كتابِهِ : هذا كتابُ سوءٍ ، وإنْ نويتَ التوغّلَ في الغابةِ أكثرَ باحثاً عن أحضانٍ الأميرةِ الدافئةِ فعرِّ جسدَ عائشةَ وارمِ عفّةَ فاطمةَ وارفعْ عقيرتَك بالقربِ مِن حصنِ القيصر : أنا علمانيٌّ لا يُشَقُّ له غبارٌ .. أنا لبراليٌّ منذُ المهدِ .. أنا ديمقراطيٌّ فُطِمتُ عن ثديِّ السيدةِ " تاتشر " وتخرّجتُ مِن مدرسةِ " بوش ـ رامسفيلد " الإنسانية وولدتُ في الصحراء خطأً حيثُ وجدتُ دينَهم دينَ نجاسةٍ ، أو فارتمِ في حضنِ مؤسسةٍ تُعادي أُمتَكَ .
إنْ أردتَ مِن الغربِ جائزةً فامسحْ طاولةً لن تنْظَفَ .
الحالُ تتغيّرُ مع الجوائزَ العربيةِ " الخليجيةِ بشكلٍ خاص " هنا لابدّ مِن أنْ يسفحَ ـ البعضُ ـ قطرةَ الحياءِ الوحيدةَ .. يرتدي ثيابَ المُهَرِّجِ وينتقي قفّازاتٍ ناعمةٍ ليدين خبيرتين في المسحِ ثم يُمسكُ بعصا التوازنِ فالحبلُ كثيرُ الإهتزاز وهو البهلوانُ عليهِ أنْ يَجتازَ الممرَّ بسلامِ فالقائمون على معظمِ الجوائزِ العربيةِ ليسوا عرباً في الغالب ، وهي ـ أعني الجوائز ـ لا تأتي بيسرٍ ، ولا تنفعُ معها قصيدةُ مديحٍ لمَن لا يستحقُّ المديحَ ، أو هديةٌ مُجزيةٌ لوسيطٍ ، أو هزّةُ ردفٍ في حضرةِ مخصيٍّ ، أو تملُّقٌ لأصحابِ شأنٍ ، أو إفادةٌ مِن صديقٍ مُتنفذٍ في لجنةِ الجائزةِ . مع الجوائز العربيةِ لا يُطلبُ منكَ الطعنُ في دينٍ أو طائفةٍ أو قومٍ ما فالأديانُ هنا مُعترفٌ بها وهي ذاتُ قداسةٍ في النصِّ ولا يعني القائمين على الجائزةِ حالُ أمةٍ مِن الأممِ . هنا تجري عمليةُ الشّراء بدونِ ضجيجٍ . الجوائزُ مدخلٌ مفيدٌ لتكميمِ الأفواهِ . البعضُ لم يستوعبِ الدّرسَ فباتَ على " تهريجِهِ " وضلَّ الطريقَ والبعضُ لم " يُروّض " كما تمنّوا فسُحِبتْ منه الجائزةُ " معنوياً " على الأقل .
***
الجائزةُ ـ أيُّ جائزةٍ كما يُفترضُ أنْ تكونَ ـ تُمنحُ على أساسِ نوعِ وحجمِ وقيمةِ العطاءِ الإنسانيِّ .. على أساسِ قناعةِ اللجنةِ المُشرفةِ على الجائزةِ بهذا المُنجزِ الإبداعيِّ ولا يُتوخّى منها شراءُ ذمّةِ صاحبِ العطاءِ . الجائزةُ الخليجيةُ الإماراتيةُ " سلطان العويس " مثلاً تُمنحُ مع " سحّابٍ " تُغلقُ به الأفواه . تُمنحُ لكي تُكممَ أفواه المُبدعين . ما حصلَ مع الشاعرِ " المُشاغب الكبير " سعدي يوسف ـ الذي فازَ بالجائزةِ مرتين : مرّةً حين مُنحت له مادّياً ومعنوياً ومرّةً حين سُحبتْ منه معنويّاً ، لن يتكررَ مع آخرين حصلوا عليها قبلئذٍ وبعدئذٍ ، فهؤلاء ليسوا سعدي الذي لن تُسكت صوتَهُ قوّةُ الرياح ـ وحسب تقديري فهم ـ بلعوا ألسنتَهُم وكسّروا أقلامَهُم أمام أصحابِ الجائزةِ .. وصاروا في حلٍّ مِن الآثامِ التي سيرتكبُها قادةُ دولةِ الجائزة . فبأيِّ بِركةٍ مِن ماءٍ آسنٍ يسبحُ هؤلاء الفائزون؟!
***
إلى صاحبِ مالٍ وسطوةٍ :
كنتَ مظلوماً فوقفتُ معك وصرتَ ظالماً فوقفتُ ضدَّك . وجائزتُك مرفوضةٌ فهي ملوّثةٌ بدماءِ الأبرياء . هل تفهم ؟
***
الصّيّادُ المُتعبُ مِن ملاحقةِ الموجِ والشِّباكِ يبحثُ هو الآخرُ عن جائزةٍ ما ، يمنُّ بها عليه البحرُ في الغالبِ . جائزتُهُ متواضعةٌ حدّ الحزنِ .
يدُ الصَّيادِ تنزلقُ تلقائياً ـ إلى الجائزةِ ـ إلى لقمتِهِ مِن السّمكةِ . نحن نسعى للحصولِ على " لقمةِ الصّيّاد " بشقِّ السمكةِ مِن ظهرِها حيثُ تكونُ اللقمةُ مما يلي الرأسَ مباشرةً أي مما يلي " الغلاصم " . الأوربيون لا يجهدونَ مِن أجلِ هذهِ اللعبةِ السمجةِ فيشقّون السمكةَ مِن بطنِها لسهولةِ المأتى عندئذٍ تكونُ لقمةُ الصّيادِ على الأجنحةِ . الأوربيون يُريدون السّمكةَ لا لقمةَ الصّيادِ . الشبابُ " الثائرُ " في تونس ومصر العربية لم يحصلْ على شيءٍ لا لقمة الصّيادِ ولا ذيل السمكةِ .. الحيتانُ الكبيرةُ ابتلعت السمكةَ والبحرَ معاً . أيُّها " الثّوّارُ " أين الجائزةُ التي وعدتمونا بها .. مَن منكم حصدَها وقد اهتزّت الأوطانُ ؟
***
الذين جاؤوا مع الاحتلالِ والذين أيدوه ودبّجوا له القصائدَ ـ حافِظوا على أرشيفِهم الأسود ـ ثم تعفرتوا إبّان غزوِ العراقِ كانوا في الحقيقةِ يبحثون عن الجائزةِ .. المال ، السلطةِ . بعضُهم قطفَ ثمرَ الخيانةِ والبعضُ لم يفلحْ فارتدَّ " وطنياً " معادياً للاحتلالِ والبعضُ تطرّفَ كأنّهُ يمحو ذنباً . أحزابٌ ومنها يساريةٌ صارت ـ بعد أنْ عافتْها الجماهيرُ ـ تلهجُ بوقاحةٍ بمُعاداةِ المحتلِّ وهي كانت قد انغمستْ حتى أُذنيها في ذلِّ الخيانةِ وبعدما حصدت الجائزةَ ارتدَّت . هؤلاء مثلُ بائعةِ الهوى أنتَ فوقها وتأمرُكَ : انهضْ يا أبا ..
***
لا تأمَنْ جانبَ مَن خانَ وطناً لا تمنحْهُ فرصةً فأنتَ أنْ أعطيتَهُ فرصةً للإرتدادِ عن خيانتِهِ فإنّهُ سيسلكُ نفسَ الطريقِ . الوطنُ لا يعني للخائنِ شيئاً .. ما يعني الخائن هو الجائزة .
***
الثُّوّارُ " ثُوّار الناتو " على وجهِ الدّقةِ و " الإرهابُ " نهضوا مِن أجلِ الجائزةِ أيضاً .. الحصولُ على سلطةٍ أو قيادةِ بلدٍ ما جائزة كبرى . أليس كذلك ؟ أما إذا تُوِّجت بنوبل فهو الحصادُ العظيمُ . " توكُّل كرمان " اليمنية تقولُ ـ مِن على شاشةِ قناةِ الجزيرةِ التي دعمتْها ودعمتْ " ثوّارَ " اليمن وكلَّ " الثّوّار " في الوطن العربي : إنها لا تعلمُ بمنحِها الجائزةِ وإنَّ السيدَ نوبل أعطاها الجائزةَ دون التشاورِ معها والرّجوعِ إليها وإنَّ أحدَ " الثوّارِ " زفَّ إليها الخبرَ .. هل رأيتم كذباً صريحاً كهذا ؟ نحن الذين نُقيمُ في أوربا نعلمُ أنَّ الأوربيَّ لا يُقدِّمُكَ في محفلٍ ، مهما كان ، دون أنْ يأخذَ منك " السيرةَ الذاتية " مباشرةً ، فعن أيِّ لسانٍ أخذَ القائمون على الجائزةِ " السيرةَ الذاتية " للسيدة كرمان ؟
ولكن للإنصافِ فإنَّ السيدةَ كرمان قطعت الطريقَ على الشاعرِ أدونيس اللاهثِ وراء الجائزةِ وحرمتْهُ لذلك العامِ فنوبل لا يُكرمُ المنطقةَ العربيةَ مرتين . إنهُ أمرٌ مُدهشٌ !
***
الطفلةُ " مولودة الفلبين " التي جاءت إلى الدّنيا بعد منتصفِ الليلِ بدقيقتين 31 ـ 10 ـ 2011 والتي بها أُكمل الرقم سبعة مليارات مِن البشرِ ، حصدت الجائزةَ ـ وإنْ لم تعلم ـ عَبْرَ ذويها . هكذا توهّمَ العالمُ أنَّ الرقمَ تمَّ بقدومِ هذه الطفلةِ في حينٍ يولدُ مِن الأطفالِ يومياً بالآلافِ دون أن يُسجلوا في دفترِ نفوسٍ أو سجلٍّ للمواليدِ في ثلاثِ قارّات على الأقل . على أيةِ حالٍ فالعالمُ يبحثُ عن خرزةٍ يُكملُ بها المسبحةَ .. وما أدراك عن الذين ماتوا في تلك اللحظةِ فنقصت المسبحةُ دون علمِ المعنيين بلعبةِ الأرقامِ !؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي