الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العاملة ..!!؟؟

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2014 / 4 / 19
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


في إطار ما يُسمى البوليتيكالي كوريكت ، وهو ، كما هو معروف مُصطلح "يطلب " إستعمال مُسميات غير جارحة وغير مُهينة ، للتعبير عن فكر ،شخص ،قومية أو مهنة إنسان ما ، يستعمل أنصار هذه الوسيلة تسميات بديلة غير جارحة ، كإستعمال ،عامل نظافة بدلا من الكلمة الفظة والمُهينة ،زبّال ، أو إستعمال ، أفرو أمريكي بدلا من كلمة زنجي وهلمجرا . وتماشيا مع هذا النهج فقد أستبدلت وسائل الإعلام العبرية في إسرائيل كلمة زانية ، عاهرة ، بمصطلح "إمرأة عاملة " .
لم يتم تذويت هذه التسمية في لغة الشارع التي ما تزال تستعمل الكلمات القديمة ، لكن تزايد إنتشار هذه التسمية وخصوصا في وسائل الإعلام ، يدل على محاولة قد يُحالفها النجاح لاحقا ، لتحييد "المهنة " وإضفاء "بعض الشرعية "عليها ، وتغييير المواقف المزدرية ، المُهينة والعدائية للغالبية ، تجاه " النساء العاملات " في أقدم مهنة عرفتها البشرية .
وبعيدا عن الجانب اللغوي والموقف الإجتماعي ، يبقى السؤال قائما وحادا ، وهو هل "إختيار" مهنة بيع الخدمات الجنسية ، ينبع من رغبة ذاتية ؟ وما هي العوامل التي تدفع العاملات في هذه المهنة إلى إمتهانها؟
ولنتذكر قبل الخوض في التفاصيل بأن هذه المهنة أيضا ، هي مهنة تحمل طابعا ثقافيا ، فالغيشا اليابانية تختلف عن "المرأة العاملة " في مصر ، وصاحبات الرايات الحمراء قديما يختلفن في مكانتهن الإجتماعية عن فتيات الواجهات الزجاجية .
ومع أن الكثير من المهن قد أختفت عبر التاريخ وطواها النسيان ،إلا أن هذه المهنة الموغلة في القدم ، ما زالت مُنتشرة في أيامنا هذه ، وقد تكون ملازمة للوجود الإنساني ، منذ الأزل وإلى الأزل ، فحيثما هناك بشر، ستتواجد النساء العاملات . ولعل أليات السوق وقانون العرض والطلب ، هو من يضمن بقاء هذه المهنة ، فطالما أن هناك من يشتري هذه الخدمة ، فسيبقى من يُلبي هذا الطلب ويبيع هذه الخدمة .
ورغم أننا وفي العادة نتحدث عن "مهنة نسائية " بإمتياز ، لكننا نتجاهل وجود ذكور عاملين في هذه المهنة أيضا ، ولو بنسبة أقل بكثير ، من الإناث . وهذا أمر معروف وشائع .
ولعل الجدل الدائر حول هذه "المهنة " ، تعود أسبابه إلى "مواقف " أخلاقية بالأساس ، فالمُعارضون يُبررون مواقفهم من مُنطلقات أخلاقية دينية ، والتي ترى في الجنس وسيلة لإستمرار النسل ، ليس إلا .. ويعتبرون "العاملات " ويتعاملون معهن كحُثالة بشرية ، فالمرأة التي تبيع خدمات جنسية ، هي فاقدة للقيم والأخلاق ،" والحرة لا تأكل بثدييها " ، كما يُرددون في كل مناسبة !!
بينما من ينظرون إلى إنسانية "العاملة " ، يتعاطفون معها ومع ظروفها ، من مُنطلقات مثالية ، ويرون في الظروف المُحيطة بحياتها سببا مُباشرا لإمتهانها هذه المهنة ، وفي ذلك الكثير من الصواب .
وتُشير الأبحاث إلى أن 70% من العاملات في بيع الخدمات الجنسية ، تعرضن في طفولتهن إلى إعتداءات جنسية داخل العائلة أو إلى شكل أخر من أشكال "الإهمال " الشعوري .
( Silbert & Pines, 1981)
لكن ، في رأيي ، يجري هنا الحديث عن نساء أجبرتهن الظروف الشخصية – النفسية والإقتصادية ، على مُمارسة هذه المهنة لتغطية نفقاتهن ونفقات أبنائهن ( كالمُدمنات على المُخدرات أو المُطلقات ، الأرامل ) واللواتي ليست لهن مهنة معينة ، ولا تهتم الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني، بتوفير العيش الكريم لهن ولأبنائهن .
وهذا بحد ذاته يُشير إلى غياب دور الدولة في تقديم الدعم المادي والمعنوي لهؤلاء النسوة . فالمهنة التي قررن العمل بها ليست خيارهن الحر .
أما وقد تحول الجنس إلى تجارة عالمية ترعاها مافيات في كل البلدان ، فقد أسقطت كثيرا من النساء في "مصيدة " رجال المافيا ، عن طريق الإستعباد للفتيات العاملات .
وقد برزت هذه الظاهرة بقوة بعد إنهيار الأنظمة الشرق اوروبية ، فقد تحولت "هذه " البلدان إلى "منجم " للمافيات ورجال العصابات ، وذلك عن طريق إغواء الفتيات بالوظائف المحترمة وبالأُجور المُغرية ، وما أن تصل هؤلاء الفتيات عن طريق التهريب ،حتى يتحولن إلى "عبدات " للجنس عند العصابات ، ولا يستطعن منهم فكاكا .
ومن أقسى أنواع العُبودية المُعاصرة هي العبودية في تقديم الخدمات الجنسية ، والتي لا تقوم الدول بمحاربتها كما يجب !!
وأما الحديث عن إستمتاع "المرأة العاملة " بالعلاقات مع عدة زبائن في اليوم الواحد ، فما هو إلا تحويل الضحية إلى مُجرم ، بينما الأمور عكس ذلك على الإطلاق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون ينفي وجود خطط لانتشار الجنود الأميركيين في قطاع غز


.. هل يحمي الواقي الشمسي فعلا من أضرار أشعة الشمس؟| #الصباح




.. غانتس: قادرون على إدخال لبنان في حالة من الظلام وتدمير القدر


.. حرب غزة.. نازحون يعيدون استخدام أكياس الطحين لصنع خيام تؤويه




.. بعد اختفاء سيدة في جزر البهاما.. السلطات الأميريكية تحذر من