الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الورد وحضارة الكلاب المفخخة

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 7 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


يبدو أن حوار السيارات المفخخة والكلاب المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الإرهابية غطّى على حوار الحضارات والثقافات . لا بل صار بديله أو معادله الموضوعي , فأمام التمدن والثورات المعرفية الهائلة في الغرب لا يملك إسلامويونا الرعاع سوى القهقرى والمزيد من التحصن وراء ذهنية التكفير وهدر الدم ونحر الأطفال ومحاولات الإطاحة بطقوس العقلانية والتفكير الحر ليعيدوا الإنسانية إلى غياهب القروسطية وحظائر العمى العقلي .
هذا العنف المجاني اللاأخلاقي والذي لا مبرر له على الإطلاق يولد عنفاً آخر مضاداً وهذا ما جرى في نيوزيلندا وبريطانيا عقب تفجيرات لندن الإرهابية ويولد كذلك حقداً واسع النطاق على المسلمين أنى كانوا , وهكذا تهدم الجسور بين الشعوب لتصبح الحروب الرمزية منها والفعلية قناة الاتصال الوحيدة وبدلاً عن تلاقح الثقافات والمعارف يأخذ التلاقح بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة طريقه إلى اللاشعور الجمعي للشعوب .
ليست شعوب الغرب وحكوماتهم هي المسؤولة عن هذا التردي والانحطاط الذي تعيشه الشعوب الإسلامية وما يشهده العالم الإسلامي من فقر وجوع وانحطاط أخلاقي وفساد واستبداد , بل هي الحكومات الإسلامية التي قادت شعوبها ومنذ العصور الإسلامية الأولى إلى مزادات الموت المجاني وهدر الحريات ونفض المجتمعات الإسلامية من كل محاولة نهضة وتنوير كانت تلوح في الأفق .
هؤلاء الإسلامويون الرعاع وفقهاء الظلام وكراكي الموعظة يتحركون اليوم بعيداً عن أيما مرجعية دينية أو أخلاقية والحافز الوحيد لهم إعادة الناس إلى عصور اللقاحية الأولى . إلى الخيم والزرائب والقيل والقال الفقهي التكفيري لإجهاض ثورات البشرية في المعرفة والتقانة والاتصال .
ما تفعله أنعام التأسلم التفخيخي هو ثورة على الحرية والعقل والتقدم الإنساني وقطع للطريق أمام الخطوات الهائلة المرتقبة للإنسانية صوب فجر ولادة جديد . حيث لا مكان للفقر والجوع والطغيان بل فردوس إنساني لطالما حلم به الأنبياء والعرافون والفلاسفة منذ مغامرات العقل الأولى .
كالصغار يأخذ بيدنا الغربي في رحلة مشوقة إلى بلاد العجائب . حيث هدم اليقينيات والمسلمات ونقض الاستسلام إلى سلطان الغريزة والإطاحة بأنفاس القطيع الهادر .
رحم الله آباءهم وأجدادهم وأمهاتهم وأسكنهم فسيح الجنان , فبدلاً من انتظار الحمام الزاجل وحالة الجو الصحو لتوجيه رسالة إلى جهة ما , صار الانترنيت بميزاته الفنية والتعبوية قادراً على إيصال صوتك إلى أقاصي المعمورة في ظرف ثوان لا غير .
هم يفكرون عنا جميعاً , ويخترعون عنا جميعاً , ويرتادون دروب المجهول عنا جميعاً , ويحلمون عنا جميعاً بكيفية ترويض المجهول وتسخيره معلوماً في خدمة الإنسانية . أما نحن , بؤساء العالم الإسلامي فلا نحلم إلا بجسد " أنجيلينا جولي " على سرير عابر لتفخيخه بمنوياتنا الفائضة عن إرث الكبت الهائل .
اللندنيون ..
المدريديون ..
النيويوركيون ..
أكثر إنسانية منا , وأكثر رحمة , وأكثر استيعاباً منا لمآسينا وأوجاعنا ودروب المعاناة العديدة لدينا . هم قبلنا حتى يثورون في وجه حكوماتهم لأجل الفقر والعوز الذي لدينا , وهم قبلنا يسقطون حكوماتهم لأنها جاءت من خلف البحار لتحتلنا , وهم أول من ينزلون إلى الشوارع ليدينوا التعامل السلبي لحكوماتهم مع قضايانا , فهل يستحقون العبوات الناسفة والطائرات المفخخة وتمريغ أنوف أبراجهم وناطحات سحابهم في الإسفلت .
يجب على الشعوب الإسلامية والحكومات الإسلامية أن تتحرك على جناح السرعة لتطويق أئمة المساجد وخطبائها الذين ينتجون أجيالاً من هؤلاء التكفيريين الإرهابيين , ومراقبة الدعاة الإسلاميين الذين يخلقون حلقات من المريدين الذين يتحولون إلى عقول محنطة ومشاريع تفخيخية .
إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن . أي إذا ما بقينا في وضع المنتجين للإرهاب العالمي ومسوقين له يحق للغربيين المستهدفين أن يستمروا في تدابيرهم الوقائية كأن يعمدوا مرة أخرى إلى مشاريعهم الاحيائية والتنويرية السابقة , مثل الانتداب , كما في العراق وأفغانستان كوننا شعوبا قاصرة وتحتاج إلى الوصاية .
في عرف أمراء الظلام , وشياطين الإرهاب , والمتطرفين الغلوائيين أن ليس للغرب حضارة . فقط له الثقافة , بينما يملك المسلمون حضارة .
نقول .. أن الحرب بين ثقافة الغرب وحضارة المسلمين غير متكافئة , فثقافة الورد الغربية أقوى بكثير من حضارة الكلاب المفخخة والعبوات الناسفة الإسلامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يستقيل من مجلس الحرب الإسرائيلي ويطالب بانتخابات مبكرة


.. بعد الهزيمة الأوروبية.. ماكرون يحل البرلمان ويدعو لانتخابات




.. تباين المواقف حول مشروع قانون القتل الرحيم للكلاب الضالة في


.. استشهاد فتى برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة بطوباس




.. ما تداعيات استقالة غانتس على المشهد السياسي بإسرائيل؟