الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبودية القرن الواحد والعشرين

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من خلال الثورات المتفجرة فى بلادنا والعالم، بدأنا نشهد تصدع نظام الدولة العتيق، الذى حكم الأرض آلاف السنين، منذ تقسيم البشر إلى أسياد وعبيد.

طالبت الثورات الشعبية جميعاً بإسقاط النظام، الذى حول ٩٩٪ من البشر إلى عبيد لقمة العيش والهوان، و١٪ إلى عبيد السيطرة والغطرسة والأموال.. بدأ نظام الدولة العتيق يتصدع مع تزايد وطأة العبودية الناتجة عن تفاقم الفقر والبطالة والفساد والتحرش الطبقى والجنسى بالنساء والأطفال والفقراء.

توالت الضربات الشعبية لكيان الدولة، وليس فقط للحكومات أو الطبقات الحاكمة، كان شعار الثورة فى أغلب البلاد هو «يسقط النظام»، يعنى يسقط نظام الدولة، لم تقم الثورة المصرية فى يناير ٢٠١١ لإسقاط مبارك رئيس الدولة فقط أو تغيير حكومة أحمد نظيف بحكومة عصام شرف، أو بالجنزورى أو بالببلاوى أو بمحلب، بل لإسقاط نظام الدولة الحاكم، وبناء دولة جديدة، تقوم على العدل والحرية والكرامة، لكن قوى الثورة المضادة، على رأسها الولايات المتحدة وتوابعها (خارجياً) وطبقة رجال الأعمال وتوابعهم (داخلياً) منذ السادات ومبارك ومرسى، مع شركاتهم وفضائياتهم، والمثقفين من حولهم، والأحزاب الدينية والسياسية القديمة والجديدة، تم إجهاض الثورة المصرية بكل هؤلاء من أجل الإبقاء على نظام الدولة العتيق.

حدث الشىء نفسه فى البلاد الأخرى بدرجات متفاوتة حسب قوة الشعب ووعيه وقدرته على التنظيم، حركة «احتلوا» الثورية فى أمريكا وأوروبا، والحركات الأخرى فى آسيا وأفريقيا، تم إجهاضها وتشويه سمعة الثوار الشباب والشابات، واعتبارهم بلطجية أو فوضويين (أناركيين) يريدون هدم الدولة.

لكن الشعوب أصبحت أكثر وعياً، وأكثر قدرة على التنظيم والثورة، كما اشتدت معدلات الفساد من قمة الحكم إلى أسفله، وأصبح أغلب الشباب والشابات (فى الغرب والشرق) عاجزين عن الحصول على العمل أو الزواج، فى الوقت الذى يزيد فيه الأثرياء ثراءً، وتنتشر السرقات المالية والفضائح الأخلاقية للكبار العجائر بل رؤساء الدول، يخدعون زوجاتهم، يتسللون سراً إلى العشيقات والغانيات، تتفاقم مشكلات الأطفال (غير المعترف بهم من آبائهم) وزواج البنات القاصرات سراً وعلناً، واغتصاب الأطفال الإناث والذكور، ليس فقط من عامة الرجال والمراهقين بل من كبار المسؤولين ورجال الدين المقدسين.

فشلت الأحزاب السياسية (يمين ويسار)، لم يعد هناك فرق بينهم: ليبراليين، نيوليبراليين، اشتراكيين، شيوعيين، إسلاميين معتدلين، سلفيين، إرهابيين متطرفين، مسيحيين ديمقراطيين، جمهوريين، نازيين جدد، فاشستيين وغيرهم.


الملايين من الشعوب يريدون إسقاط الدولة الطبقية الأبوية المستيدة، التى تتخفى تحت الديمقراطية المسيحية أو اليهودية أو الإسلامية أو غيرها، لم يتم الفصل بين الدين والدولة فى أى بلد، تتخفى الرأسمالية الاحتكارية العسكرية وراء الدين رغم إلحادها، يتشدق اليسار بالاشتراكية والديمقراطية رغم استبدادهم الرأسمالى.


الشباب والشابات فى معظم البلاد ابتعدوا عن الأحزاب السياسية بكل أنواعها، وقاطعوا صناديق الانتخابات بكل مستوياتها، من الرئاسية إلى القرى والمحليات، فقدوا الثقة فى الديمقراطية، أصبحت الانتخابات فى نظرهم خدعة تعطى شكلاً ديمقراطياً للدولة الاستبدادية.

فشل نظام الدولة الكبرى فى أمريكا، وتستمر حكومة الولايات المتحدة فى العدوان على شعبها والشعوب الأخرى.

الحكومات المصرية المتعاقبة بعد الثورة فى يناير ٢٠١١، فشلت فى تحقيق أهداف الثورة، بل ساعدت فى إجهاضها، وأصدرت عدداً من القرارات ضد مصالح الشعب المصرى على مدى السنوات الثلاث الماضية، أحدثها القرار الأخير باستخدام الفحم (الكارثة البيئية والمدمرة للصحة) كوقود فى مصانع الأسمنت، ما يؤكد سيطرة القوة الرأسمالية (خارجياً وداخلياً بشركاتها ورجال أعمالها) على الدولة المصرية بحكوماتها وأجهزتها العتيقة.

لكن عبيد القرن الواحد والعشرين، النساء والشباب، ليسوا هم عبيد الدولة والعائلة فى عصور العبودية، وسوف تنتصر الشعوب حتماً، ويتقدم التاريخ الإنسانى إلى الأمام رغم النكسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سمك لبن
هانى شاكر ( 2014 / 4 / 21 - 00:48 )

سمك لبن
_____


جدتى ( و أكيد أيضاً جدتك ) كانت تقول : سمك لبن تمر هندى ... عندما تشم ريحة ألخداع ممن يتحدثون أليها

أنت أيضاً تريدين خداعنا يا دكتورة بخلط ألأوراق .. و أستدعاء زعيط و معيط .. فى مسائل و مشاكل لا ناقة لهم فيها ولا جمل

و ألسبب ألحقيقى هو أن ألأسلاميين فى مصر أحلوا دمك و هددوكِ بألتصفية ألجسدية ... وللأسف علموكِ أنت و كثيرين غيرك ألتلاعب بألكلمات و ألمعانى عند ألكتابة عن جراح و أحزان ألوطن

سبب بلاء مصر .. و ألتحرش و أطفال ألشوارع هو ألأسلام أولاً .. ألذى أفرز ألحكام ألطواغيت ثانياً

لا أمريكا ولا أليهود ولا ألمسيحيين ولا ألأستعمار ولا أى نيلة سودة أخرى لها ضلع فى أنهيار ألمجتمع ألمصرى

و منذ ألأغتيال ألخسيس لفرج فودة ..فألخوف فقط .. هو ما يدفع ألكتاب إلى ألثلاث ورقات بتوع : سمك لبن تمر هندى


....


2 - الدكتورة نوال مستوى ثقافي راقي
سامي المصري ( 2014 / 4 / 21 - 07:50 )
ياسيد هاني أشعر بالخجل مما تقول ... أنت لم تفهم ولا كلمة من المقال!!! فما تقوله الدكتورة نوال المحترمة المثقفة جدا يبدو أنه مستوى رفيع جدا عن ثقافتك المحدودة ... لست أشك للحظة أن الدكتورة نوال لا تعرف خطر الإسلاميين المخيف على العالم وكم كتبت عن ذلك لكن بالأسف الشديد هناك بعض المسيحيين الذين أعماهم التعصب فأصبحوا لا يروا إلا الإسلام ففقدوا رؤية أخطار التيارات السياسية المرعبة التي تجتاح عالم اليوم والتي تستخدم الدين كوسيلة ليتحقيق أهدافها الخطرة. وهي تستخدم كل الأديان. فإن كان استخدامها للإسلام السياسي في الفترة الأخيرة كان متميزا الا أنها تستخدم كل الأديان الأخرى من مسيحية ويهودية بل وحتى أديان الشرق الأقصى... فالدين أصبح لعبة سياسية قذرة يستخدم لتخريب الشعوب... بالأسف بعض المتعصبين الذين فقدوا الرؤية تجدهم يدافعون عن أمريكا بغباء شديد بينما أمريكا وسفيرتها هي أكثر من استخدم الإسلام السياسي ضد مصر!!! ورغم ذلك هناك من لهم عيون فلا يبصرون وآذان فلا يسمعون ... إنهم المتعصبون الذين يرفضون استخدام العقل

اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر