الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكتيك حرب البرغوث وستراتيجية قضم الاراضي الملامح العامة للمعركة القادمة على اسوار بغداد

فارس خليل ابراهيم

2014 / 4 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


إحدث ضجيجا في الشرق واضرب في الغرب ,تحرك يمينا ثم انعطف شمالا , واجتمعوا حين يتفرقون وتفرقوا حين يجتمعون,هي مباداٌ عام للحرب العصابات التي اسسها ماو تسي تونغ في بداية القرن العشرين, لكن موضوعة بحثي اليوم ليست التجربة الصينية بل الاحداث الجارية في العراق والاسلوب الذي تتبعه التنظيمات الارهابة في حربها على النسيج الاجتماعي العراقي بكافة اطيافه, فقد كانت التشكيلات المغوارة عند ماو تسي تونغ ( الانصار او افراد العصابات الثورية ) هي تشكيلات ملحقة تعمل وفق توجيهات القيادة المركزية للحزب الشيوعي الصيني للتخفيف الضغط على القوات المسلحة ( القوات الرئيسة ) من خلال جملة تكتيكات صارمة هدفها ان تلحق جماعة صغيرة بتسليح بسيط اكبر ضرر ممكن بقواتِ هي اكبر حجما وافضل تسليحا عموما, وهي بالتالي عمليات ذات طابع ثانوي تهيئ الاجواء المناسبة لتحرك القوات الرئيسة( الجيش ) في الميدان من اجل بسط السيادة الوطنية على كامل خارطة البلاد.
لكن حرب العصابات تلك لم تعد على كانت عليه أيام الاحتلال الياباني للصين والتي افرزت تلك المبادء التي صاغها ماو تسي تونغ لتصبح انجيل التنظيمات المغوارة .
فلقد ولد هذا الشكل من الحرب مرات عدة لتصل الى ما وصلت عليه اليوم, بداً بحرب العصابات التي خاضها الحزب الشيوعي الفيتنامي ضد الاحتلال الفرنسيى والامريكي لاحقا في منتصف القرن الماضي وهي امتدادٌ كلاسيكيا للتجربة الصينية ,مروراً بحرب الاستقلال في الجزائر والتي لم تختلف كثيراً عن سابقاتها من حيث المبداء بالاضافة الى التجربة الكوبية وحرب العصابات المتنقلة التي افرزتها أجواء الحرب الباردة على تلك المساحة من العالم لتبرٌز لنا على ماكانت عليه من ستراتيجيات وتكتيكات تتناسب وتلك البيئة المتميزة في تجربة ( الثائر المحبوب) تشي جيفارة .
وكانت الولادة الثانية لهذه الحرب في افغانستان .لماذا ؟ الجواب يكمن في السمة المميزة الجديدة والتي تمايزة فيها عن سابقاتها في ان تلك الحرب هي حربا رئيسية لا ثانوية بعد انعدام وجود جيش وطني يتكفل مهمة طرد المحتل ومسك الارض و تورط جهات دولية عدة في هذ الصراع لتٌصبح حرب بالنيابة اكثر منها حرب تحرير ,بالاضافة الى عالمية التنظيم المحارب والذي لايكترث بالهوية الوطنية المتمثل بـ ( تنظيم القاعدة ) الى جانب التنظيمات المحلية التي تراوحت في اطرها الايدلوجية بين القبيلة والقومية والدينية وبرغماتية هذا التنظيم -( تنظيم القاعدة ) - الذي لم يتوانا ان يتحالف مع (الشيطان والكافر واصحاب النزعات القبيلة والعشائرية) التي حرمها الاسلام! فالغاية هنا تبرر الوسيلة.
اما الولادة الثانية فكانت في العراق والتي تميزت عن سابقتها الافغانية في لامركزية التنظيم والتنفيذ واستقلال الكثير من المنظمات المسلحة عن المنظمة الام - ( تنظيم القاعدة ) وقد برز هذا الامر جليا في الخلاف المعروف بين زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الزرقاوي مع قادة القاعدة في افغانستان وصولاً الى حالة القطيعة والاحتراب بين ( داعش) والقاعدة - والطابع الطائفي لتلك المنظمات .واستقلال اجندات تلك المنظمات الارهابة عن القوى الاقليمية الداعمة لها رغم كل آواصر المصلحة المشتركة بين الطرفين ,بالاضافة الى تورط بعض افراد الاجهزة الامنية والعسكرية والحزبية للنظام السابق مع هذه المنظمات بسبب القرار الكارثي الذي اتخذه الاحتلال بحل تلك الاجهزة واهانة افرادها من جهة والارتباط العضوي بين بعض افراد تلك الاجهزة مع النظام السابق مما لا يتيح لهم فرصة العودة الى الصف الوطني بسبب حجم الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بحق الشعب العراقي بالاضافة الى الحس الطائفي والذي يغلف الموقع الطبقي السابق لبعض رموز هذا النظام ومعاونية وما تعنية من امتيازات فقدت بانهيار ذلك النظام
في حين كانت سوريا مسقط رأس الولادت الثالثة والاخطر لهذا الشكل من العمل المسلح بعد التداخل بين ماهو طائفي وماهو اقليمي فقد اصبحت هذه المنظمات التكفيرية بمختلف مسمياتها ذات اليد الطولى في العمل المسلح ضد قوات النظام وبقية مكونات الشعب السوري, لكن ما يميز هذه الولادة فعلا استخدامها اسلوب ( الحرب المختلطة) والتي تستخدم فيها هذه المنظمات الاسلحة المتوسطة والخفيفية والثقيلة في حرب لا تعتمد اسلوب (اضرب واهرب ), بل اضرب واهرب واضرب وامسك بالارض اذا كانت الفرصة مؤاتية واترك تلك الارض عند الضرورة , فابأمكان العودة مع وجود حاضنة فيتلك المناطق خلال حرب (مقدسة) تخاض زوراً بأسم طائفة ما ضد طائفة اخرى تتيح قداسة تلك الحرب! الطائفية التعامل ببرغماتية مع كل الاطراف وان كانت مخالفة في العقيدة .
ومع ولادة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) بقيادة ابو بكر البغدادي خليفة الزرقاوي على تنظيم القاعدة في العراق وتوحيد اغلب منظمات القاعدة الفاعلة في العراق وسوريا ورفضه وصاية حرس القاعدة القديم وقياداته في رسم وتوجيه عمل هذه المنظمة في المنطقة بعد ما اصبحت عليه -من القوة والبأس وحسن التظيم جعلتها تتميزعن سابقتها (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين)- واستقلالها التام عن المنظمة الام ( القاعدة) واستهدافها الصريح لمكونات بعينها ( الشيعة , المسيح , الصابئة , ... الخ ) بالاضافة الى غالبية السنة الذين يرفضون النهج التكفيري لتلك المنظمة , واحتفاظها بأجنداتها الخاص رغم تنفيذها لاجندات اقليمية مشبوهة . اما في الجانب العمليات فهي الاكثر مرونة والاكثر فتكا وهذا بات واضحا خلال الاحداث الجارية في محافظة الانبار بشكل خاص والمحافظات الغربية بشكل عام وسوريا ايضا .فهي اليوم وفي ظل الازمة الراهنة تلجأ الى اسلوب التغلغل البطيئ في المناطق المحيطة ببغداد تمهيداً لنقل المعركة من الاطراف الى العاصمة وارباك القوات الامنية بالضربات المفاجئة للمؤسسات المدنية الصرفة؛ لزعزعت ثقة المواطن بتلك الاجهزة وبعثرة جزاء من القوات الامنية عند المؤسسات المدنية المنتشرة وقضم الاراضي النائية والبعيدة عن المركز والاحتفاض بها اطول فترة ممكنة وارهاق القوات الامنية باسلوب حرب البرغوث القافز من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب من الشرق الى الغرب وتشتيت القوة الرئيسية والاحتياطية للجيش العراقي لتفويت الفرصة على القيادة المسلحة الاحتفاظ بقوات احتياطية يمكن من خلالها المراروغة عند الحاجة ,وتثبيت القوات المتشتتة جغرافية بالعمليات الدورية المزعجة لكي لا تعود صالح لاستخدامها كقوات احتياط عند الحاجة.
ومن ثم فتح جيوب، في العاصمة والتمترسة في بعض مناطقها الداخلية وبدون ضجيج ( الخلايا النائمة) لتكون مراكز دعم لوجستي في معركة بغداد التي سمعنا عنها كثيرا. ومن ثم والتخندق داخل ازقة ومباني هذه المدن والنواحي المحيطة ببغداد بالاضافة الى المحافظات المضطربة لتثبيت اكبر قوة ممكنة من الجيش في ساعة الصفر وعزل تلك المناطق عن العاصمة، وجعلها ممرات سريعة نحو الداخل، وتدمير الجسور او السيطرة عليها لعزل بغداد تماما عن اي قوات قادمة من الجنوب والفرات الاوسط تحاول نجدة العاصمة, وشن هجمات مكثفة ضد المراكز الحكومية وبذات المنطقة الخضراء ترافقها موجة من التفجيرات الكثيفة في الشارع لخلق حالة من الفوضى والهلع بين المواطنين لشل قدرتهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين مناطقهم من الاختراق
هذا الامر الذي يفرض سرعة حسم المعركة في الفلوجة وشن حملة عسكرية واسعة تباعا عند تخوم بغداد لتحرير تلك المناطق من العصابات الارهابية والبحث عن البديل في ملف تسليح الجيش العراق وخاصة تسليح طيران الجيش واهمال بنود الاتفاقية الستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية التي لا ترغب في العراق رغم بنود هذه الاتفاقية والبحث عن البديل ممكن, فأستقرار هذا البلد اكثر اهمية من هذه الاتفاقية الخاوية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل