الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ثمارِ معرضِ الكتاب

عبدالله خليفة

2014 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ليس قيام معرض الكتاب بظاهرة فريدة مكرسة للعروض الاحتفالية بل هو معالجة عقول لثمار المعرفة المُنتجة خلال سنة أو تزيد، وهي قراءاتٌ للنتاج الأدبي الفكري ومعرفة تياراته وتطوراته.
وإذا كانت الرواية هي أكثر الميادين المنتجة وأحفل الظاهرات بالرصد والاحتفال فهي لكونها غدت شكلاً معرفياً فنياً، يجمع بين الإبداع والعلوم، لكن إلى أي مدى تحقق ذلك في معرض الكتاب الذي انصرم بالبحرين ومدى الإنجازات التي تحققت؟
هذا يحتاج إلى رصد ليس سهلاً.
لقد أخذت الروايات تتغلغل في بلدان جديدة وتعطي ثماراً هامة، ففي السعودية تظهر سنوياً أكثر من رواية مطبوعة ولكن ليست كلها خصبة وثرية للقراءة لكن بعضها يصل إلى هذا ويقدم نتاجات جديدة واعدة.
القاص والروائي السعودي (مقبول العلوي) له نتاجات قليلة ولكنها مهمة فهو كاتب شاب مثير للاهتمام. في مجموعته القصصية (فتيات العالم السفلي) الصادرة عن دار فضاءات بالأردن (2013) يقدم أحداثاً اجتماعية مكثفة ترصد هموم البشر وتجسد مقاطع مختزلة من حياتهم بشكل تصويري لماح ومكثف.
حتى الآن لا أرى فلسفة فيها، فهو يرصدُ الخارجَ ومشكلات عابرة، لكنه يعرض ملامح من الانفتاح والنهضة في الحياة الشعبية الاجتماعية ويقدم تجربة جديدة في القصة القصيرة السعودية.
في روايته (زرياب) الصادرة عن دار الساقي ببيروت (2014) نجد هذا النهج البرعمي وقد استوى رؤية ورواية جميلة.
(زرياب) المغني والموسيقي العربي الشهير يتحول إلى شخصية روائية على مدى مائتي صفحة، ويعيش علاقة صراع ضارية مع معلمه (إسحاق الموصلي).
اختيار الكاتب للتاريخ العربي والثقافي الإبداعي فيه شيء جديد ومدهش في الكتابة الروائية، حيث إن هذا المجال بكر، وحيث إن قضايا التاريخ والصراع بين الخليفة المأمون وأخيه الأمين لم تعالج من قبل، وهي تتشابك مع تطور الغناء والموسيقى ويبرز أعلامٌ منها فتعرض لوحات تاريخية إلى جانب حياة الشخوص وعوالمها المختلفة ويتضافر التاريخي والشخصي مكونين الرواية الحديثة.
فهذا المستوى من الرصد التاريخي الثقافي هو شأن إبداعي جديد، والكاتب يدخل في تفاصيل هذه الجوانب من عرض أدوات الغناء كالعود خاصة وأوتاره وكيفية صنعها إلى كيفية تفجرها بالألحان، إلى عرض مجالس هارون الرشيد الحافلة بالشخصيات التاريخية والثقافية كالأصمعي والكسائي والجاحظ وغيرهم من أعلام اللغة والأدب وكيف ظهر في هذه المجالس إسحاق الموصلي وتلميذه (زرياب) وأسباب تفجر الصراع بين الأستاذ والتلميذ كما هو بين الخلفاء حتى يلوذ زرياب بالهرب ويمضي في رحلة طويلة من بغداد حتى الأندلس التي يبدعُ قلائده وآخر إنتاج وينقل للمغرب ولأوروبا ثمار نهضة وثقافة مشرقية كبيرة وفي الأندلس يبدع ويموت.
كما يعرض المؤلف لمحات من الصراع التاريخي بين المأمون والأمين فهو يتجه بعرض كله للصراع الشخصي بين زرياب والموصلي تاركاً اللوحة التاريخية الثرية كومضات سريعة.
الجمع بين فن الرواية وموضوعية التاريخ قضية مهمة صعبة، وقد قام المؤلف بصنع أولياتها، ولم يغص في كل عمقها وتشعباتها بسبب خبرته الأولية وتجربته الواعدة لكنها رواية شيقة مترابطة سهلة العرض وبسيطة الأسلوب.
ليس من السهولة أن يكتب الشباب رواية تاريخية عن التراث العربي فهو مستوى يحتاج إلى تقدم كبير في الأدوات الفنية وقراءة التاريخ، وهي ثنائية حققها هذا الكاتب الشاب بتفوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي