الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة زفاف الغشاء

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 4 / 21
كتابات ساخرة


لا أعلم ما هو سبب الهوس الذكوري العربي بغشاء البكارة؟؟..فالشخصية العربية بشكلٍ عام لديها عقدة الأول بشكلٍ مبالغٍ فيه..ربما لأنها الأخيرة في كل شيءٍ و أي شيء..فالسلطة -باختلاف أنواعها و مسمياتها- تمكنت من سلب الذكر العربي كل ما يملكه على هذا الأرض كرامته قوت يومه إنسانيته و حتى بقايا رجولته..لعل لهذا السبب لم يبق لدى تلك الشخصية المعطوبة فكرياً إلا هذا الغشاء لتتباهى به و بخضوعه لها..فهنا و لأول مرة ستكون "ربما" الأولى في أمرٍ ما.

ستخبرني الأغلبية أن عدم وجود غشاء البكارة يعني أن الآخر قام بالخداع في مرحلة ما قبل الارتباط..و لكن هل يعتبر الصمت خديعة؟؟..و لماذا منذ البدء يجب على أي فتاةٍ أن تكون عذراء لكي تثبت وهماً ما في عقول ملايين الذكور أن الشرف و الطُهر مرتبطين حتماً بذلك الغشاء!!..و لماذا منذ البدء أيضاً يجب أن تعلن كل فتاة عن عذريتها قبل هويتها!!.

هوس الذكر العربي بالغشاء دفع الجنس المقابل إلى التحايل عليه كما دفع بالآخرين للاستفادة من ذلك الهوس تجارياً..فعمليات الترقيع أصبحت الحل السحري لإرواء ذلك الهوس و بأسعارٍ تنافسية..و هكذا تُبنى علاقاتٌ بأكملها -كما أسرٌ بأكملها- على النفاق العاطفي و الإنساني و على مهارة طبيب "الترقيع"..كل هذا التحايل و الخداع فقط لأن أحد طرفيَّ العلاقة يشغل باله هذا الأمر أكثر مما يشغله تجاه فكرة التوافق الفكري و العاطفي بعد الارتباط و مدى صموده أمام تقلبات الفرد الآخر الشخصية.

حتى على صعيد المتعة الجنسية فذلك الغشاء لا يضيف للأمر و لا ينتقص منه..أي أن وجوده كإضافةٍ للمتعة الجنسية أمرٌ غير صحيح علمياً..و لكننا كعرب تمكنا من تلخيص مفاهيم كبيرة كالطُهر الشرف العفة و حتى اللذة بين طيات غشاءٍ رقيق..و من المفارقة الساخرة أنه رقيق..أي أنه بقليلٌ من التحذلق أصبح يشبه طهرنا شرفنا و عفتنا سهل التمزيق سهل الفناء..كما نحن.

ماذا عني؟؟..أخبرتك سابقاً أني لو كنت رجلاً فأني "أعتقد" أني لن أكترث كثيراً لذلك الأمر..فبضع قطراتٍ لن تُشكل ذلك الفارق الهائل في علاقتنا..فأنا كما تعرفينني عندما أحب أفنى في جسد الآخر كمنظومةٍ متكاملة و لن أعمل على تمزيق مقاطعه بهواجسي لتفحص تاريخها..لأنك عندما تحب فيجب أن تؤمن أنك في تلك اللحظة فأنت الأول بكل ما تحمل تلك الكلمة من معنى..لا يهم كم آخر لمس ذلك الجسد المقابل و لكن المهم أنك "ستحاول" أن تلمسه بطريقةٍ مختلفة..ستفنى به بطريقةٍ مختلفة..ستزيل ذلك الماضي التعس الذي وُلد من مرور الآخرين فوقه..ستفعل ذلك بتلهفك عليه و كأنها أرضٌ بكر لم تطأها قدم شخصٍ آخر من قبلك..فأي فكرةٍ حمقاء سأجعلها تستوطنني لكي تفسد عليَّ كل هذه اللذة!!..لن أفسد هذه اللذة مقابل بضع قطراتٍ لا معنى لها..فأنا كما عهدتني أشتري اللذة و لن أقايضها بقطراتٍ لا تسمن و لا تغني من جوع.

لو كنت رجل لكان هذا الأمر هامشياً مقارنةً بعالم اللذة الذي ينتظرني معك..مع أكثر شخصٍ يتمكن من إفقادي لتوازني بنظرةٍ يوجهها نحوي و تحمل من الطُهر بقدر ما تحمل من الفجور..و لا أعلم حقاً كيف تمكن الذكر من اختصار كل هذه اللذة في "غشاء"!!..أليس الطُهر أن تكوني لي في تلك اللحظة دون أي اعتبار لكل الاختلافات التي تصر -إصرار ذبابةً صيفية تحوم حول قطعة حلوى -على أن تفرقنا؟؟..أليس الشرف أن أقسم لك أني لن أمر على هذا الجسد و أنا في قرارة نفسي أعتبره عاهراً لعدم وجود غشائه المقدس لدينا أكثر من تقديسنا للقرآن!!..أليست العفة أن أكون على يقين أني سأقاتل لأكون الأخير فلا تعانين من هوس الآخرين بوجوده و جنونهم في حال عدمه!!.

نحن لا نجيد الحب..نحن نجيد الادعاء بأننا نملك ذلك المخزون الهائل من الشعر العربي الذي نستهلكه إما في حديثنا مع الآخر أو في "انتحال" حالته لكي نشعر بإنسانيتنا المسلوبة..و لكننا نُخضع عُنق هذا الحب للمقصلة من أجل أمرٍ لا أعتقد أنه يشكل هذا الفارق الهائل و لا يحمل أي دلالاتٍ أخلاقية أو حتى دينية.

من المضحك كيف أن حفلات الزفاف لدينا بكل البذخ النسبي الذي يتسلل لتفاصيلها تنتهي لتكتشفي أنها ليست بحفلات زفاف لعاشقين لروحين و لا حتى لجسدين في أسوء حالاتنا حيوانية..و لكنها ليلة زفاف غشاء يجب أن يُمزق و يجب أن يترك آثار وفاته على أسرتنا في ليلتنا الأولى و إلا كنا بلا قيمةٍ تُذكر و بلا طُهرٍ مزعوم!!.

و لعل الحل الأفضل و الذي سيناسب حتماً عقلية الذكر العربي أن يضع ذلك الغشاء بجانبه في حفل زفافه فيلتقط معه بضع صورٍ و هو يبتسم و ينظر تجاهه بكل حبٍ لا أشك لحظةً في مصداقيته..أنه حبٌ يكاد أن يكون أسطوري و لكنه سيتبخر سريعاً بمجرد أن يكتشف الذكر أنه ليس بالأول!!..فهل لهذه الدرجة أصبح الحب لدى ذكورنا الغير أعزاء مبتذلاً رخيصاً لا يصمد إلا لو وجدوا بضع قطراتٍ حمراء تسيل فتلوث شراشفهم!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-