الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا اغلاق منتدى الأتاسي ؟

عادل أحمد

2005 / 7 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كان لخطاب القسم الشهير للرئيس السوري بشار الأسد فعل السحر على الشعب السوري وعلى مثقفيه كما على المعارضة السياسية . فالإنسان العادي في منطقتنا ومنها سوريا ، ينظر إلى ال " فوق" المتعال برهبة وخوف وتقديس من جهة وبأمل الحصول على الخير العميم من جهة أخرى ؛ سواء كان هذا الفوق إلها أو نبيا أو حاكما أوعظيما . أما الإنسان الحاصل على الثقافة والعلم فنرى لديه زيادة عما سبق رغبة التماهي مع هذا ال"فوق" المتعال . وإذا كان هذا هو الوضع من الناحية الإيمانية النفسية ، فان القوى السياسية وأهل الفكر والثقافة رأوا في الخطاب المذكور عناصر جديدة لم تكن مألوفة في الخطاب السياسي السوري لمدة طويلة من الزمن ، ومن هذه الرؤية انطلقوا في تحركهم اللاحق .
ولقد كان ما سمي ب "ربيع دمشق " في حينه هو النتيجة المباشرة لمثل هذا الوضع وهذا التصور . وكان تحرك أهل الفكر والثقافة مجليا في هذا الإطار بحيث استفز القوى السياسية وألهمها. الأمر الذي حرك المجتمع السوري الساكن وخلق بداخله سجالا غير مسبوق ، بل هو لم يألفه لفترة طويلة من تاريخه .
ولأن هذا الحراك والسجال فتحا أبوابا ومسالك ودروب غير مطروقة بل هي خطوط حمر بل أشبه بمحول ضخم للتيار الكهربائي الذي توضع عليه دائما لافتة تحذيرية مكتوب عليها خطر الموت .
أو لنقل بتعبير آخر أن هذا الحراك قاد نخبة المجتمع وفعالياته إلى القصر المسحور ذي ال 360 غرفة حيث هو مسموح التجول وارتياد كل الغرف عدا واحدة ، ولأن من طبع الإنسان حب الاكتشاف والمغامرة وارتياد المخاطر فقد وقع المحظور وسقط أهل هذا الحراك في الفخ المتمثل بالاقتراب من التابو المقدس وملامسته ، فما كان من النظام إلا أن ألقى القبض على الجاني بالجرم المشهود وبقية القصة معروفة .. وهكذا انتهى ربيع دمشق حتى قبل أن تتفتح براعمه ولم يبق منه إلا منتدى الأناسي للحوار الديمقراطي الذي شفع له موافقة رأس النظام على عمله واستمراره .
ومع أن بعضهم غمز من قناة المنتدى بسبب هذا الاستثناء إلا أنه استطاع أن يحافظ على نفسه ك " هايد بارك " سوريا ، وأن يكون منبرا لكل ذي رأي وموقف ، كما استطاع حتى ساعة إغلاقه أن يكون مسرحا مفتوحا لنشر ثقافة الحرية والديمقراطية .
فلماذا إغلاق المنتدى ؟
ولماذا الآن ؟
هل بسبب أن رأس النظام ضاق ذرعا بالمنتدى وما يصدر عنه فرفع الغطاء الشرعي عنه مما أدى إلى استباحته وإغلاقه ؟
أم أن فريقا من أهل السلطة ونعني الأجهزة الأمنية استعادت زمام المبادرة فعادت إلى أسلوبها المعتاد في إخماد كل شمعة تضاء في ليل سوريا الحالك .
أم أنه وهذا هو الأرجح ، رسالة إلى المعارضة ونشطاء المجتمع المدني وأهل الفكر والثقافة ، رسالة تقول أن أي نشاط ما لم يكن منسجما مع توجهات السلطة وتحت سقفها ، وخاصة منه ذلك الذي يقترب من الخطوط الحمراء سوف يقمع بقوة وحزم ، وأن الفاصل ( الاستراحة) التي تتخلل العرض قد انتهت ؟
أرجحية هذا الاحتمال تنبع من الاقتناع بأنه لا خلاف بين أهل السلطة على التوجه الداخلي العام ، وأن معزوفة الحرس القديم والجديد هي معزوفة خلبية ، وإذا كان هناك من تباينات محدودة فان المؤتمر القطري قد وحد الكلمة والصفوف ورتب الأولويات كافة . وكذلك هي تنبع من الاستشعار الدقيق للخطر القادم باتجاه النظام حسب فهمه للتحركات المتزايدة داخل المجتمع ، وبروز العديد من الأحزاب والجمعيات واللجان والمنتديات الجديدة ، والتي تزداد يوما بعد يوم . وبالتالي كان هذا القرار لقطع الطريق على أي تحرك أو نشاط مستقبلي ، أي العودة بالبلاد إلى المربع الأول ، حيث أن المجتمع بنظر السلطة هو حكر على حزب البعث وأجهزة السلطة وحدها دون سواها ؛ ولكن هيهات هيهات ، فالمهد ( السرير) الذي فصله النظام تاريخيا للشعب السوري ( والذي يعتبره النظام شعبا قاصرا لا يزال في مرحلة الطفولة ) قد أصبح صغيرا عليه ، ضيقا إلى درجة الاختناق ، وهو سوف يستمر بالتململ والحركة إلى أن يخرج منه إلى فضاء الحرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش