الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن القمر

ميساء البشيتي

2014 / 4 / 21
الادب والفن


ابن القمر
يا ابن القمر , عليك أن تخاف قليلاً !
الشمس توشك على المغيب , الشمس التي لم تغيِّبها أعاصير الظلم في عصور الظلام , تراود نفسها الثكلى الآن على المغيب !
عليك أن تخاف يا ابن القمر , لأنك ستبقى وحيداً , لن تمدَّ الشمس ذراعيها ككل مساء وتطوقك بحنان الأم قبل المغيب , ستصبح وحيداً , بارداً , منعزلاً , لأن الشمس الآن وحيدة , باردة , منعزلة , وتراود نفسها الثكلى على المغيب الأخير .
هذه الأرض يا ابن القمر أصبحت طافحة بالخراب , هجرتها العصافير المغردة , ولم يبقَ فيها إلا طائر البوم , ينعق بالخراب , فكم قلت لك يا ابن القمر , يا ابن تلك البلاد البعيدة , أنا أُكلت يوم أكل الثور الأبيض , ولكنك لم تكن لتصَّدقني !
كم راهنْتَ على الفرس الشقراء , والفرس المتمردة , والفرس الجامحة , وكانت النتيجة صفراً في الهواء , وعلى الأرض خراب يمتد من الصحراء إلى الصحراء , ومياه البحر الحزينة هاجرت خلف أسراب العصافير المغردة إلى بلاد مجهولة , كي لا تسِّلم أجنحتها لطائر البوم ليبني أعشاشه فوق الماء .
يا ابن القمر المهاجر خلف السحب البعيدة , ترسم صورة الوطن على غيمة , فتحبلُ بالغضب , وترعد , فتضيء السماء قنابلَ تخرج من بين أصابع الأخوة , وفي المساء يسقط كل الظلام على الأرض فتصبح قبوراً جماعية , وتتشرد البسمة , وتفقد هويتها مع من فقدت في وطن الطفولة , وتصبح لاجئة في بلاد الفرنجة , ويدعون لها عند كل صلاة !
هاهم الرفاق قد أتوا , عليهم غبار السفر , وشعث الحرب , كل رفيق منهم يرفع راية ليست له , ويضمر حقداً لا أم له ولا أب , وها هم أطفال الحقد يكبرون , غرباء على أرض غريبة , أصابعهم متفجرة . حناجرهم متفجرة , أناشيدهم متفجرة , وأحلامهم سقفها وضيع .
والأرض تعج بالخراب من المحيط إلى المحيط , والصحراء أقفلت أبوابها على الضباع , فلا من مستجير ؟
و الشمس الحنونة تنظر في عيون الرفاق فتجدها شاردة , تتفحص ملامحهم فتجدها باهتة , تدغدغ أحاديثهم فتجدها غائمة , ولكنها لا تمطر , لأن في كنفِ الحديث مشاقٍ , ومشانق , وشتاتٍ من لون آخر , على أرصفة الآخر الغريب , وخيام تلائم العصر من كل لون وعلم ودين !
يا ابن القمر عليك أن تخاف قليلاً , لأن كل ما حولك قد يشي بك ذات صباح , ويفتن عليك لدى حريم السلطان , فيكيدون لك كيداً , وينكلُّ بك الخفر والحرس , وأرباب السجن , وكهنة المعابد , وأصحاب اللحى , لأنك كنت تغرد للعشاق في السرِّ, وكنتَ تهمس همساً مبحوحاً في أذن السهر , وكنتَ رفيق المحبين في ليالي السمر , وكنت تضم الشمس إليك طويلاً كل مساء عند المغيب , وقبل أن يُؤِّذن الفجر للصلاة في البشر , عليك أن تخاف يا ابن القمر كثيراً , فكل الرفاق باتوا رفاق الشياطين , والغدر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_