الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرياتٌ سياسية

عبدالله خليفة

2014 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كانت سنوات أوائل الستينيات (1965، 1966، 1967) سنوات زاخرة مصيرية، بحرينياً وعربياً، ففي البحرين كانت تتجمع مجموعة من العواصف الاجتماعية الزاخرة، وثمة عقدٌ من السنين كان فاشلاً في التنمية والحرية والتقدم، وثمة شركة وإدارة وحالة جلبت فوائضَ كثيرة دون أي تحول عميق لمجتمع يخرجُ من بيوت السعف والأكواخ إلى بيوت صغيرة مليئة بالأسر وفي مدارس رثة وأوضاع مادية صعبة.
كان تجمع حشود الطلبة والشباب في مدرسة الحورة الإعدادية للخروج إلى الشارع يمثل حالة ساخنة مكبوتة من سنين ورغبة عارمة للشباب في الظهور على سطح الحياة، وما لبثوا أن خرجوا إلى بؤرة المنامة وهي مدرسة الثانوية للبنين حيث انفجر الوضع!
خرج آلافُ الطلبة إلى الساحة وفضاء البلد ككل، وبعد هذه اللحظة خرج الشعبُ كطيور في سماء المدن!
هي سنواتٌ من الزخم الغريب حيث تجمعت وعودُ الاشتراكية في روسيا ومصر والعراق وغيرها لتغيير حياة العاملين وهطلت أمطارُ الشعارات، وهي سنواتُ الهزيمة والفشل وما زال الطائر يحلق في سماء الحلم وهو جريح!
الذي بقي من زخم الشباب هو ترجمة ذلك لمنظمات وخلايا وبحث وقراءة. تكسرت الأرجل في الشوارع لكن تغلغل الشباب في خلايا المنظمات المتكاثرة بعد المطر.
وجدتُ نفسي في ساحة مدرسة الثانوية وصفوفها أتعلم السياسة وأنخرطُ في خلية. بضعة شباب قلة من الريف تقرأ وتعيرُ الكتبَ لنا. نحن أولاد الفقراء كنا عاجزين عن شرائها. والكتب هي بؤر التحول، فمن كتب دارون المبسطة بقلم سلامة موسى إلى أمهات كتب الماركسية بعد سنوات قليلة.
كلمات مثل الجدل كانت تنفجر كمصطلحات هامة، وكان هذا يشير لزخم التيارات التحديثية الوطنية المتصدرة المشهد والمتغلغلة في صفوف الطلبة خاصة.
تلك السنة سحبت الشباب من التأمل وصراعات الأحياء البائسة وعوالم الفقراء المغلقة إلى زخم السياسة العربية العالمية، وبدأنا في القراءة والتنظيم ونشر المعرفة وتجنيد الآخرين!
ماذا تعني كلمة(خلية)؟
هي انتقالٌ من حالةِ الفوضى الفكرية والاجتماعية لحالةِ التنظيم والدرس والتطور السياسي العميق. فلا تعد الكتب حرة، وتغدو العلاقات منظمة، ويحدث الدرس لنظرية ما، وهي في حالتي نظرية الماركسية، والخلية تقوم هنا ببحث شعيرات هذه النظرية على مدى سنوات وتطبيقها!
تبدأ من الحالة السياسية، حالة الحياة والوطن والشعب، إلى حالات التيار وصراع العالم وظهور قوى المعسكر الاشتراكي وتغييره لعالم الاستغلال والفقر وتصعيد ثورات التحرر الوطني وتحقيق الاستقلال.
تستطيع الخلية بعد سنوات من تراكمية الوعي أن تضع أقدامها على شرائط من التراب الاجتماعي، ويظهر أعضاءٌ آخرون وتتصاعد الرؤى وتتصادم ويختفي أناسٌ من الخلية ويظهر أعضاءٌ جدد ويحدث توالد وتصدع ويتوسع التجنيد وانفجارات الشباب الصغيرة تغدو بحراً من البشر بعد سنوات.
ولدت سنوات الستينيات زخماً نضالياً شعبياً وحالات تطور فكرية وثقافية واسعة في صفوف الشباب خاصة. فظهرت الصحف ومثلت زخماً وتطوراً في السياسة والثقافة، فكان المدى الغامض للخمسينيات قد صار وضوحاً سياسياً، فظهرت التنظيمات النوعية، وتحددت الأنواع الفنية والأدبية، وظهر نتاجٌ فكري راح يبحث عن تطور البلد والشعب المميزين.
كان (انفجار) هذا كله هو وليد زخم الخمسينيات وتجارب السابقين وعطائهم فظهر جيلٌ زاخر ذو عطاء تمثلت أعماله في جوانب عدة، ويعتمد ذلك على عطاء الأفراد ودورهم ولم تؤد الهزائم إلا إلى مزيد من البحث والحفر والمعرفة والتصلب.
وهكذا تبدأ القصة القصيرة في الظهور والقصيدة وقطعة النقد الأدبية والفكرية. فالجريدة أتاحت لهذه الأجناس الأدبية في الظهور، وكانت أشكال من البراعم المتحولة التي لا تنفصل عن (الخلية).
كانت الخلية هي المنتج وهذا هو عسلها، فلم تنفصل القصة القصيرة عن المقالة النقدية السياسية الثائرة، وعن القصيدة المحلقة بالدعوة الثورية وبآلام العاملين في البحر.
هكذا كان الوعي الشبابي الطفولي الزاخر لمرحلة الستينيات يدفع شبابه التلاميذ من ساحة الثانوية إلى الثقافة الحديثة وإلى العالم المعاصر المعقد فيما بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ