الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب الاسلامي وقيم العنف

اسعد الامارة

2005 / 7 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


يقول علماء النفس ان العدوان هو سلوك يبرز اتجاهات ومشاعر العداء نحو الاخرين ويهدف الى الهجوم عليهم وايذائهم واظهار القوة نحوهم.هذا السلوك هو السلوك العدواني ،يمارسه من يحمل قيّمْ خاصة به كفرد او مجموعة او طائفة او اقلية او شعب ما.كما هو الحال عند بعض الشعوب الافريقية التي اعتادت أكل لحوم البشر او ممارسة طقوس العنف كسلوك ديني ينبع من تعاليم وثنيتهم ، وهو بحد ذاته يعد سلوك مقبول بين هذه او تلك الجماعة في افريقيا،ولكن لا يعد مقبولا في دين سماوي واضح التعاليم يدعو اتباعه الى المحبة والتآلف والآخاء والاعتراف بحقوق الاخرين بحق العيش في هذه الحياة ، وقد سن الخالق منهج متكامل لكل امور الحياة وواكب هذا الدين في رؤيته تطور الحضارة الانسانية والتكنولوجيا وطالب اتباعه بملاحقة التطورات الجديدة في ميادين العلم واكتسابها مع مقارنتها بقيم السماء التي لا تتناقض مع التطور العلمي.
اما القيم فيراها علماء النفس تؤثر في سلوك الفرد وتؤدي به الى اختيار بديل دون آخر،فهي تعد كدوافع ،ويتم التعامل معها على انها مرادفة او مكافئة للدوافع لذا فأن القيم كما تعرف علمياً بانها بناء مرابط يتضمن الوجدان،والموقف الحالي الذي يوجد فيه الفرد،وانها تتكون مما يراه الفرد حسناً او سيئاً،ايجاباًاو سلباً.
ترى الاتجاهات المعرفية Cognitive ان الدوافع لدى الافراد تدعم الانشطة التي يمارسونها في مواقف معينة وتكون مختارة حسب رغبتهم لما هو مفضل او غير مفضل ايجابياً كان او سلبياً من وجهة نظرهم. وحديثنا عن الارهاب بكل اشكاله، انما هو يعني بوصفه مشكلة من مشاكل النفس الانسانيةوتؤدي الى تدهورالصحة العقلية في عالمنا المعاصر، تؤرق البشرية وتقض مضاجع الحضارة الجديدة،وبعبارة اخرى هو ممارسة العنف تجاه الآخر،الآخر المغاير في الفكر والمعتقد والرأي والتوجهات،اذ وصل الامر الى ان هذه الجماعات الاحادية بالتفكير والرأي لاتقبل الآخر المغاير لها،وهي تحاول اليوم ان تقوض الحضارة الجديدة وتحاول تقويض وحدة المجتمعات الانسانية،وهذا يؤدي بدوره الى اضطراب القيم الدينية بين الاديان والقيم الاجتماعية بين الشعوب وتزيح المعايير القائمة بين الناس مهما اختلفت اجناسهم واعراقهم ، انهم يفسدون تماسك المجتمع الواحد بافكارهم المتطرفة ، وتماسك الشعوب بقيمها ويهددون الكيان الانساني بأسره، وسؤالنا :
هل قيم الدين الاسلامي تدعو الى التطرف؟
هل قيم الدين الاسلامي تدعو الى الارهاب وممارسة العنف؟

لا اعتقد ان صحيح الدين الاسلامي ينهج منهج العنف او يدعو الى قطع رؤوس الابرياء او قطع اللسان او التمثيل في جثث الموتى،ربما كان هناك من يرى في الدين الاسلامي اتجاهاً يدعو الى التطرف والتعصب والغلو رغم ان النبي محمد(ص)نهى عن ذلك بقوله:اياكم والغلو في الدين. !! وهذا يتناقض كلية مع سلوك الجماعات الاسلامية الارهابية التي تحفز المصلين الى الانتحار وتفجير انفسهم وايقاع الاذى بالاطفال الذين يلعبون في ساحات المدارس او المرضى المراجعين للمراكز الصحية او المستشفيات،او الموظفات المتوجهات الى عملهن في مطار بغداد او اماكن اخرى او قطع رأس الدبلوماسي المصري الذي يمثل احدى وسائل التطور الحضاري في التواصل الانساني بين الشعوب والامم والاقوام وتوطيد اواصر المحبة بين الشعوب، ، ولنا وقائع عديدة يقوم بها التطرف الاسلامي المناهض لجميع التوجهات الانسانية والحضارية والتقارب بين الشعوب والذي تعارضه الاديان السماوية جميعها. هذا السلوك العدواني الصادر من الدين المتعصب الذي يدعو الى مزج الدين بالسياسة ،والسياسة كما هو معروف تفرغ الدين من محتواه ويتحول رجل الدين الى منافق ،كذاب،يبرر لاجل انتماؤه السياسي بغطاء الدين وازاء ذلك هنا تتداخل القيم بالمعتقدات وتدعم احدهما الاخرى على اساس ان القيم تشير الى الحسن-مقابل القبح،والمعتقدات تشير الى الحقيقة مقابل الزيف،فأذا كان الدين الاسلامي حقيقة،فأن ممارسة العنف وقتل الاطفال وتشريد الاسر وذبح الابرياء ما هو الا زيف الدين الاسلامي كمعتقد يؤمن بالقيم اللاانسانية التي لم يؤمن بها اي دين من الاديان السماوية او غير السماوية ،وهذا ما يدعو له الاخوة ذوي الاتجاهات التعصبية المتطرفة ويمارسون الارهاب كسلوك.
ان الارهاب الاسلامي يفرض قيمه الجديدة تحت غطاء او مسمى الدين الاسلامي ويدعو الى نشر تعاليم الاسلام الجديد الذي لا يمت بصلة للاسلام الحقيقي الذي عرفته الحضارات والاديان السماوية الاخرى.ان دعوة الارهاب الاسلامي الى مواكبة التطور باسلوب العنف وقيم التطرف والتعصب وقتل الابرياء في محطات القطارات والمدارس والمستشفيات ومحاولات اغتيال الدبلوماسيين وقطع الروابط والصلات الانسانية بين الشعوب والمجتمعات هي محاولات ذات بواعث نفسية بحتة ربما تغيب عن الناس في تفسيراتهم ولكن يرصدها علماء النفس بشكل دقيق ومجرد وبموضوعية عالية.
ان الارهاب الاسلامي المتطرف المتمثل في المقاومة في بلاد الرافدين وفي بلدان الغرب وفي بلاد الشام ،ضرب الامنيين من الابرياء في العراق والمملكة العربية السعودية وقطر ومدريد ولندن وبلاد الشام والاردن،هو ذو منهج واحد وفكر واحد وقيم واحدة ، تستقي افعالها العدوانية من الاسلام المتطرف –المتعصب وقد اثبتت الدراسات النفسية ان الضغوط الاجتماعية والعوامل النفسية الداخلية والشعور بعقدة الذنب بعدم الوفاء بتعهداته تجاه الخالق ، هنا تكونت عوامل ذاتية مشجعة ادت الى العدوان وزيادة الاعمال العدوانية في الحياة الواقعية ،فبين غريزة القتل والعنف لدى هؤلاء الاسلاميين المتطرفين وبين محترفي الاجرام من النظام السابق في العراق وبين افراد العصابات القدامى الذين انتسبوا الى المقاومة الاسلامية والعراقية لآجل الكسب المادي وتحقيق اهداف دنيئة بممارسة القسوة ،تكسب هذه الجماعات الاسلامية الارهابية هيبة واحتراماً وتقديراً ذاتياً لافرادها حتى راح البعض يتبجح بانه شارك في الذبح والقتل او الاغتصاب ، هذه الجماعات الاسلامية الارهابية قامت بتوريط الشباب في المشاركة في افعالها وممارسات العنف والسلوك العدواني على كل ما له صلة بالحضارة او التحضر او الرقي الاجتماعي او السلوك الانساني الذي يتسم بالمسالمة ، انهم يمارسون ذلك ضد الاخرين بدوافع دينية بحتة متطرفة، يواجهون الاخرين العزل الذين لم يحملوا السلاح بالقسوة والقتل والعنف المنظم، بينما الابرياء يؤدون اعمالهم اليومية ويلقون التحية على المارة وتتسم وجوههم بالبشاشة والتعبيرات الانسانية ،اما رجال الاسلام الارهابي المتطرف المتمثل في رجال المقاومة العراقية في بلاد الرافدين او في بلاد الغرب او من رجال العصابات المتخصصة بالسرقة او اعضاء رجال النظام الدكتاتوري السابق ،فأنهم يتسمون بالوجوه التي تعلوها سمات المسحة الاكتئابية وعقدة الشعور بالذنب الدائم والخوف من سلطان الدين المتطرف (الامير -الذباح)او قائد المجموعة الانتحارية ،لا تبدو البشاشة والتعبيرات الانسانية على ملامحهم،ولا تبدو سمة تقبل الاخر في سلوكهم ، انهم رجال تخفي وجوها لحى كثة واسملة قصيرة لا تبدو عليها سمات الاحترام في الملبس والعطور التي آلف رسول الله(ص) ان تعبق من بدنه الطاهر وهو يلقى صحبه او عامة الناس ويبادرهم بالقاء التحية قبل الزائر القادم، انه سلوك المسالمة في الاسلام وقبول الاخر.لا نجد هذه السمات في الاسلام المتعصب الارهابي فهو لا يعترف بوجود الشئ وضده حيث يجتمعان في مسلك واحد في الحياة ، ونسى هؤلاء الرجال من ذوي الاتجاهات الاسلامية التعصبية والذين يمارسون الارهاب كسلوك ضد الاخرين،ان الحياة وحدودها قائم على التناقض واوله الليل يعقبه النهار والموت مقابل الميلاد والاسود مقابل الابيض والولادة مقابل الرحيل وقول(د.محمد شعلان)ان الانعدام التام للصراع والتوقف يساوي حالة من السكينة التامة التي لا يتولد عنها صراع او حركة وهي تتنافى مع وجود الانسان على قيد الحياة يسعى دائماً الى التفاعل والتعبير والحركة ولهذا فأن هناك جانباً لهذه الخبرة وهو القدرة على الاحساس بالانسجام مع الواقع ومع الآخر المختلف،فتقبل الآخر هو خفض التوتر ،والاعتراف به،يعطي النفس الطمأنينة،فلم تكن الحياة يوماً ما ليلاً بلا نهار او نهاراً فقط بل تكتمل الحياة في تناقضاتها،ولكن يبدو ان الامر مختلف عند تلك الجماعات التي آمنت بالارهاب،انها ترى بالسيطرة واخضاع الآخر وقمعه هي الوسيلة الصحيحة لسيادة المعتقد مهما كان معوجاً وبالتالي فهي تتصارع مع الكل،وترى في الكل خطأً وتمارس في خبرتها بالعنف والقتل والتفجير وابراز القسوة رغبة في التغيير في عالمنا الارضي،وهم يعتقدون(الاسلام المتطرف)ان الواقع ملئ بالتناقضات،وواجبهم الشرعي هو الغاء الاخر،إلا من آمن بخط العنف والارهاب تحت راية الاسلام المتطرف-المتعصب،لا ندري ان هؤلاء الارهابيين لديهم خبرة كبيرة اكبر من الانبياء والصالحين الذين رأوا الجنة بصورة او اخرى ولكنهم عادوا منها مختارين لكي يعيدوا ممارسة الحياة على الارض بكل ما فيها من صراع،ودعوا الناس جميعاً الى المحبة والتآلف والايمان الصادق بالمعتقد،وهذا ينطبق على كل الاديان التي تتفق في نبذ الكره والبغضاء والقتال والتعذيب وقطع الرؤوس ومعاقبة النساء بالاغتصاب وتفجير الناس الآمنين بالسيارات المفخخة،إلا عند هذه الشريحة التي امنت بالاسلام المتعصب والارهاب كسلوك ،فالجديد اذن في مفهوم الارهاب الاسلامي لم يعد مجرد السعي وراء ترسيخ قيم الدين الاسلامي الصحيحة او اي دين آخر،بل التغلب على تطور الحضارة والتقدم الانساني في مناحي الحياة والحصول على الطريق الاقصر الى الجنة،وهي استحالة في تحقيق هذا الهدف عند الناس الاسوياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24