الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب مفهوم الإرهاب في القانون الدولي الحلقة 30

ثامر ابراهيم الجهماني

2014 / 4 / 22
دراسات وابحاث قانونية


المطلب الثاني :
موقف الفقه الدولي من مفهوم الارهاب .
إن تحديد موقف الفقه الدولي من مفهوم الإرهاب ، من الصعوبة بمكان تبعاً لعدة عوامل أولها : عدم خضوع مفهوم الإرهاب لمقاييس ومعايير محددة ، وثانيها تطوره المستمر من حيث الأساليب والأسباب والصور ...إلخ .
الإرهاب ، وكما ذكرنا فيما سبق ، هو ظاهرة تتماشى مع تطور الإنسان ، فقد عرفها قديماً وتطورت حديثاً ، وأصبحت منظمة بعد انبثاق التكتلات البشرية ، تبعاً لظروف الحماية الخاصة بالجماعات ، والحروب والغزوات ...إلخ . فالحرب في العصور القديمة كانت قاسية جداً تصل إلى حد إحراق المدن المهزومة والتنكيل بالمدنيين ، وسبي النساء ، كما كان يفعل الآشوريون . أما اليونان فهم أول من ابتكر فكرة الحرب العادلة فكانوا يعلنون عن الحرب قبل قيامها . ولكن قوانين وضوابط الحرب لم تأخذ تطورها الصحيح إلا في الإسلام ، حيث وضعت الأسس التي تضبط سلوك المتحاربين أثناء القتال وبعده ( كما ورد في مكان سابق من الدراسة ) .
بدأ البحث عن قواعد لقوانين الحرب خلال القرون الخامس والسادس والسابع عشر . وأخذت اهتمام الكثير من الفقهاء أمثال : الفقيه الاسباني ( ألبير كاي جنتليز ) وكذلك الفقيه ( أرنست ينز ) والفقيه الهولندي ( جروتيوس ) ، طالبوا جميعاً مراعاة الاعتدال في السلوك الحربي (20) .
ولقد كان لكل من المفكر الفرنسي ( جان جاك روسو ) والفقيه القانوني (فاتيل ) الأثر الكبير في دعم مبادئ القوانين الإنسانية ، وتخفيف ويلات الحروب والدمار في العالم ، فكان الإرهاب آنذاك دائماً يظهر من خلال الحروب ، وعدم التقيد بقواعدها التي تحرم اللجوء إلى الأعمال الوحشية والهمجية ، وحيث أن الهدف من الحرب إضعاف قوات الخصم فإن استخدام أسلحة تزيد قدرتها عن تحقيق الهدف المطلوب أصبح إرهاباً مخالفاً لمبادئ الإنسانية ، > (21) .
أما في العصور الحديثة فإن تقنين الفقيه ( فرنسيس ليبر ) الذي أصدرته أمريكا كوجيز لقانون الحرب عام 1863 يعتبر حجر الزاوية لعقد مؤتمر لاهاي الأول عام 1899 واتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 . وبالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تصاحب محاولات وضع تعريف للإرهاب الدولي ، فقد بذلت جهود فقهية كثيرة ، وكانت أهم هذه المحاولات هي التي بذلت في عام 1930 في أثناء المؤتمر الأول لتوحيد القانون الجنائي الذي انعقد في مدينة وارسو في بولندا . وعن هذه التعريفات الفقهية للإرهاب نذكر ما قاله الفقيه (سوتيل ) : > . وقد عرف الفقيه ( ليمكين ) الإرهاب بنظرة عامة : << بأنه يقوم على تخويف الناس بمساهمة أعمال العنف >>(22) .
أما الفقيه ( جيفانوفيتش) يرى أن الإرهاب هو عبارة عن << أعمال من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد مما ينتج عنه الإحساس بالخوف من خطر بأي صورة >>(23) .
ويشير الأستاذ الدكتور صلاح الدين عامر إلى أن الإرهاب هو << اصطلاح يستخدم في الأزمنة المعاصرة للإشارة إلى الاستخدام المنظم للعنف لتحقيق هدف سياسي وبصفة خاصة جميع أعمال العنف التي تقوم منظمة سياسية بممارستها على المواطنين وخلق جو من عدم الأمن >>(24).
وتجسدت جهود الفقهاء في الكثير من الاتفاقيات الخاصة بموضوع الحرب ، وبذلك استطاع المجتمع الدولي أن يفرض إلى حد ما احترام قرارات هيئة الأمم المتحدة في تحريم اللجوء إلى القوة ، أو التهديد بها ، في العلاقات الدولية ، وصولاً إلى تحريم العدوان ، بالقرار (3314) الصادر بتاريخ 14/12/1974 ، حيث جاء في المادة الأولى من تعريف العدوان أن << العدوان هو استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى ، أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة >>(25).
استطاعت جهود الفقهاء إذن أن تؤكد تحريم اللجوء إلى الحرب كوسيلة لحل النزاعات الدولية ، لكن رغم هذه الجهود الدولية ، هل استطاع المجتمع الدولي تخليص العالم من آثار ازدياد النشاط الإرهابي وتطوره ؟ . باعتبار الإرهاب كابن شرعي للحرب لكن ما يلاحظ على بعض الفقهاء انصياعهم في الموالاة وبشكل أعمى لإلغاء الإرهاب الخاص بالدولة ، كالفقهاء الأمريكيين بشكل خاص والغربيين الموالين لهم بشكل عام << إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حسمت الموضوع بتبنيها تعبير ( إرهاب الدولة ) في قرارها سالف الذكر ، وكذلك بالقرار رقم /61-10/ الصادر بتاريخ 11/12/1985 ، في دورتها الأربعين >>(26).
وفي الختام نؤكد ما يراه الدكتور أحمد جلال عز الدين أن محاولات التعريف على الجانب المادي (الأفعال)أو الجانب القانوني ( الجرائم ) أو الجانب الأخلاقي ، أو الجانب السياسي ، أو الجمع بين بعض هذه الجوانب دون البعض الآخر ، حيث يرى أن التعريف الأمثل لظاهرة الإرهاب يجب أن يتصف بأمرين :
<< 1- التجريد والموضوعية ، بحيث لا يتفق فقط مع وجهة نظر طرف من أطراف الصراع دون الطرف الآخر .
2- الإلمام بالجوانب المختلفة للظاهرة دون إغفال أي منها >>(27) .
خلاصة القول : أن المجتمع الدولي أخذ يهتم بظاهرة الإرهاب تبعاً لاتساع دائرتها وأثر نتائجها على المجتمع الدولي والعلاقات الدولية ، حيث أكدت الإحصائيات الحديثة أن ظاهرة الإرهاب الدولي تزداد سوءً << فقد أصبحت تمارسها حوالي 371 منظمة ، غالبيتها ماركسية الفكر تنتشر في عدد 63 دولة تمارس نشاطها في حوالي 120 دولة ، وقد ارتفع عدد الحوادث حيث بلغ عام 1968 /111/ حادث اعتداء . وبلغ عام 1979 /3000/ حادثة . وقد بلغ عدد ضحايا الإرهاب عام 1980 حوالي /1721/ شخص بين قتيل وجريح ، فيهم 35% أمريكيون من الدبلوماسيين ورجال الأعمال ، ومن الملاحظ أن الإرهابيين الجدد غير مهتمين بالمكان الجغرافي للأعمال التي يرتكبونها أو جنسية الضحايا >>(28) . وقد تضاعفت هذه الأعداد في التسعينيات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة