الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الفساد في حضرة أهل الثقة!

عماد فواز

2014 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


على مر تاريخ مصر، اقترن الفساد بالحكم العسكري، يزداد بزيادة نفوذهم في الحكم ويقل كلما تراجع دورهم، ومنذ يوليو 1952 وحتى اليوم ازداد نفوذ العسكريين في الدولة، فتولى العسكريين من أهل الثقة مناصب المحافظين وسكرتارية المحافظين ورؤساء الإحياء ونوابهم ورؤساء الشركات القومية الكبري، وغيرها من المناصب الحيوية التي لا خبرة لهم بها ولا معرفة، ونتج عن ذلك زيادة الفساد بسبب عدم دراية القيادات بطبيعة الأعمال مما سهل على الفسده التلاعب بهم، وكذلك سوء الإدارة والتخطيط مما نتج عنه عشوائية في كل شيء.

وعن تاريخ الفساد في مصر، ذكر الإمام أبي عبد الله البوصيري المعروف في الإسكندرية بسيدي الاباصيري، انه في ظل سيطرة المماليك على مقاليد الدولة في أوائل القرن قبل الماضي، كان من الصعب على موظف صغير يتمتع بالسمو الخلقي أن يمكث طويلا موظفا في الدولة بين حيتان البيروقراطية المصرية التي تستحل الرشوة والاختلاس وترى في نهب أموال الدولة عملا مشروعا، لا يقع صاحبه في دائرة الإثم والتجريم، فترك البوصيري عمله بجهاز الضرائب، وتقلب بين عدد من الوظائف الحكومية، عساه يجد الوظيفة التي تكفل له حياة شريفة في إطار القيم التي يعتنقها، ولكن موجة الفساد الإداري التي انتشرت في العصر المملوكي، لم تحقق له أمنيته، فترك سلك الحكومة واتجه إلى العلم والفقه بعد أن سجل تجربته في هذه الأبيات:

خبرت طوائف المستخدمينا... فلم أر فيهمو رجلا أمينا
فكتاب الشمال همو جميعا... فلا صحبت شمالهم اليمينا
فكم سرقوا الغلال وما عهدنا.. بهم فكأنما سرقوا العيونا

ولكن الشاعر الزاهد لم يجد مبتغاة في مجتمع العلم والعلماء.. واصطدم بتلك الزمرة الفاسدة من أدعياء العلم وتجارة الدين، واكتشف أن هذا المجتمع لا يختلف كثيرا عن سابقه.. فضاقت نفسه بضعاف النفوس من ذوي الضمائر الميتة الذين يسخرون علمهم لمن يدفع ويؤولون نصوص الشرع خدمة لأصحاب الجاه والمال.

عندئذ أدركه اليأس من إصلاح الحال، فهاجر بدينه إلى الإسكندرية ليجد الملاذ والأمان والسكينة عند أستاذه ورائده أبى العباس المرسي.. وكانت تلك بداية الطريق الصحيح لمن أراد أن يعيش طاهرا في مجتمع الذئاب.

وفي الوقت الراهن وبعد 60 عام من الحكم العسكري، نتج بشكل جلي فساد التعليم فأصبح دور الدولة قاصرا على مدارس فارغة لا تؤدي اى دور واصبحت العملية التعليمية كاملة تتم فى المدارس الخاصة وسنترات الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، وكذلك فساد منظومة الصحة وتحولت مستشفيات الحكومة الى كيانات هشة فارغة واصبحت العيادات والمستشفيات الخاصة هى ملاذ المرضى الوحيد وبأسعار خيالية، وأيضا البنية التحتية بالكامل ادت بها الادارة العشوائية الى الشلل وعدم الوفاء بحاجة المواطن.

علاوة على ما تقدم فإن الفساد الذي استشرى على مدار 60 عاما، ادى الدولة بالكامل الى الشلل، فأصبح كل شيء يتم خارج نطاق سيطرة الدولة، واصبح دور الوزارات والمؤسسات الحكومية قاصر على التصريحات فقط، وبات المواطن يبحث عن متطلباته فى القطاع الخاص وتحت إدارة موازية يحكمها الفساد فى اغلب الاحيان، فالأمن اصبح يديره البلطجية والمسجلين خطر، والتعليم يديره الفسدة من المدرسين، والصحة يديرها حيتان الاطباء المستغلين، والكهرباء أصبح المواطن يحصل عليها من المولدات الخاصة، حتى المياه يتم شراؤها لعدم صلاحية مياه الشبكات الحكومية للشرب، كل هذا الخلل والشلل هو نتاج حكم الضباط والقيادات العسكرية القاصرة الفكر والعديمة الرؤية التي تولت إدارة كافة القطاعات الحيوية بالدولة على مدار 60 عاما، عملا بعقيدة الرؤساء العسكريين التي لا تؤمن إلا لأهل الثقة من العسكريين في إدارة البلاد، على حساب أهل الخبرة والعلم، والنتيجة دولة منهارة مرتعشة لا تملك ادني معايير التطلع إلى المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ