الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقف 777

فاديا سعد

2014 / 4 / 24
الادب والفن


مثقف 777

فاديا سعد:

لماذا يكون لقاءنا مع بعض الأشخاص كالوقوف على مفترق تضريسين؟ ولماذا تبدو كل المسارات كأنما يجب أن توصلنا إليهم؟
لماذا يلقي الله هواهم في قلوبنا فيبدو كل جهد في الابتعاد عنهم احتراق ثريا في السماء؟ لماذا خلق الله الحب كتلة من الضباب، وعلينا نحن المحبين أن نقف وسطها، ونقرر الاتجاهات؟
لماذا على الحب أن يكون دائما فصل الحياة المتوهج فينا؟
لماذا ليس المال؟
لماذا ليس الانجاز؟
لماذا أنتِ يا فريدا الشرق السوري؟.. يا ذات الابتسامة النصف.. نصف، يا حبيبتي؟

في أول لقاء لنا أفصحت عيناك أني زير نساء! كيف لك أن تحكمي؟ كيف للناس عموما أن يحكموا علينا نحن الكتّاب بلونين لا ثالث لهما: أبيض وأسود؟
بأنّا حالة من جنون وفسق.
أو: نعيش في صومعة.
يومها غضبت بحق من هذه الثنائية المكررة على أفواه العامة والخاصة، وأولاد المدارس والشوارع على حدّ سواء، والمتعلمين وأشباه المثقفين، غضب أصاب مفاصلي وكل عضلة من عضلات ساقي، وبدوت مشلولا عن الرقص، والتصفيق فظهرت وكأني شخص سلبي لا يوافقني المرح، وإذ كنت في موقع المنسحب عن الناس والحياة الاجتماعية، تقلصت عضلات وجهي وتحولّت إلى رجل عبوس، تجمع غضبه الدفين في عقدة الحاجبين، وزالت ابتسامتي الألماسية. ابتسامتي التي وصفتها لي ذات يوم!

في فصل آخر في دعوة جديدة لعيد زواجك الثالث:
كان المنزل يعج بروح شقية لطيفة متباهية بصباها وجمالها الذي نضج في ثلاث سنوات متتالية داخل بيوت دمشق الأثرية. كان فستانك اللازوردي القصير يتحدى ضيق الصالة وتمنحين بحركتك الرشيقة ونظرتك اللافتة بمرحها سعة للمكان، وتنقلين وهجك الروحي الخاص بك وحدك للضيوف المثقلين بتجارب الخبرة.

لكني غضبت أكثر من كونك ترددين ما يقوله الآخرين، ولذلك سأكرر على مسمعك فكرتي أيضا:
"يا للنكد!! حين يكون كاتب مثلي مجبولاً بطريقة لا تشبه أحداً سوى أنا. فأكون متديناً ولا أشبه المتدينين. مثقفاً ولا أشبه المثقفين. متعلماً ولا أشبه المتعلمين. ممارساً للجنس، مع ذلك ليس بطريقة تشبه أصحاب محلات الأحذية، ومحلات البلياردو، و الألبسة الأوربية المستعملة... الآخرين.
تحكمين عليّ ببساطة، أني لست متدينا؟
يا للهول! هل تذكرين يوم اعتقلوكِ صدفة، وليس لكِ في الجمل والحمل والبعير؟

يومها ومن ثم الأيام التالية إلى أن انجلت الحقيقة ببراءتكِ، تحولت إلى مسلم ولست بذلك على الهوية الدينية..
بتّ أعرف أوقات الأذان وانتظرها أكثر من المسلمين!
تسأليني كيف؟
سأشرح لكِ: حين كان يؤذن الشيخ في المساجد أجلس في الصالة الكبيرة أمام النافذة، وفيما ينظر المؤمن إلى الأمام أو الأسفل نحو الأرض التي يسكنها الشيطان في ثقافتنا كنت أنظر نحو الأعلى.... با تجاه السماء حيث يسكن الله... لم أعرف يوما لما على المتدين أن ينظر إلى الأسفل نحو الجن فيما السماء تسمع رجاءه، وعليه أن ينظر إليها.
إن كان الله فوق... في الأعالي... في السماء... ألسنا بسجودنا على الأرض ورمي رؤوسنا باتجاه الأسفل....... يعني فيما يعني حركة العبودية التي طالما كرهتها أنتِ.... هذا كان الاختلاف بيني وبين المتدينين... فحيث تشاركنا وقت الأذان، اختلفت معهم إلى أي ناحية ننظر.
ثم تشاركنا الوقت واختلفنا بطبيعة الصلاة هم كانوا يطلبون طلباتهم من نبيهم محمد، وأنا طلبت طلباتي من المرأة المقدسة المرأة التي تحمّلت أن تنظر لابنها وهو يتعذب أمام وجهها.. وهنا أيضا اختلفت عنهم، فأنا أسجد للرمز الذي استطاع أن يتحمل الألم، فالتجربة تقول أن الرجاء الحقيقي يتحقق من كثافة المشاعر وقوة انضغاطها... ومشاعر المرأة التي تحملت رؤية تفاصيل عذاب ابنها تحرّك كونا برمته.

أعرض وجهة نظري في الايمان فاقبليني حبيبتي... واقبلي طريقة إيماني للرموز الدينية، واختلافي في طريقة تقديم الايمان.

هل سرحت بحديثي كثيرا....... إنما أنا أعرض عليكِ ما أفكر فيه، لأنكِ في الجوهر تنتمين لي لحب الحياة... للاستجابة لكرنفالاتها، ورقصات الربيع.
ليس لديّ سوى القليل من الوقت لكني أعدك أن أكون صادقا كما عهدتني ولو كان الثمن نفورك وابتعادك عني....... ألم أقل لكِ أني رجل مختلف......

أستودعك الآن فقد بدأ المؤذن بصلاته، وعليّ تقديم صلاتي لرمزي الخاص في الدين..... المرأة التي تحمّلت عذاب ابنها وتفاصيل ألمهما.

عودي من سجنك سليمة الروح..... فما تريد الحياة خائبين أكثر، بل أناسا، منضويين تحت راية الابتسامة الوثّابة في حبّ الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو


.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع




.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا