الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبقريه والجنون !! (الجزء الاول)

عدنان سلمان النصيري

2014 / 4 / 24
الادب والفن


العبقريه والجنون .. (الجزء الاول)
المواهب والنبوغ طاقات روحيه وفكريه متفاعله، تتباين بدرجة خصبها بين المبدعين، وهي ملازمه لنمط معين نادرمن البشر ، ولطالما هي كامنه تحتاج الى لحظة تفجر وتحرر وانطلاق في ظروف مثاليه ، لاتتجسد الا بالمهادنه مع الذات قبل الوصول الى اقصى درجات الاستحضارالروحي والفكري الذي يسمى بالاستلهام والالهام . وهنا لايعنينا شيئ بقدرمعرفة الظرف المثالي لانطلاق هذه القابليه او الظاهره ومعرفة عناصرالقوه المساعده و المحركه لها التي تقود الى نقطة التفجر وتحقيق الابداع .
ومن خلال ذلك لابدمنا ان نخوض استعراضات الخلفيات التاريخيه التي تتناول الربط الجدلي والعلاقه بين طبيعة الميثلوجيات (علم العقائد) عند العرب القدماء والحضارات الاخرى العريقه مثل الاغريقيه (اليونانيه القديمه)،واوجه التشابه والاختلاف بطريقة التعامل والاعتقاد مع القوى الخفيه بالعالم غير المنظور. وتناول جدلية تسمية الابداع والمواهب المتميزه بالعبقريه التي تعني تلبس نوع خاص من سلالة جني عبقر .
اصل كلمة عبقري : هو صفة عبقر السيد وهي نفس التسميه باللغه اللاتينيه عندما يطلق جنيس Genius على عبقري.
اصل تسمية عبقرعند الاغريق :الأب الكرملي يقول : يقول :‏ إن عبقر يونانية الأصل وهي بمعنى - الحامية، القوية القديرة وكما تؤيده قواميس اللغه عندما ترجع اصل كلمة عبقر الى الاساطير القديمه التي تنسب الى شخصيات خرافيه في الميثلوجيا اليونانيه مثل (سيلين)عبقر وهو السيد و مربي (ديونيزس)وعفاريته الصغارمثل (ساتير) .
وكذلك جاءت بالقواميس اللغويه : عبقر هو موضع كانت تعتقد به العرب وتزعم انه كثير الجن، الذي كان يمنح الشعراء قدرات اضافيه بالعناصر الشعريه كما في شعراء المعلقات . وهكذا صار العبقري يطلق جزافا على كل الاخرين الذين يمتلكون مواهب وطاقات متميزه فريده .
سيلينس عبقر الانهر والينابيع نحو490 ق.م ،الذي كان يمثل صورة الالهام والعبقريه عند الاغريق: كما جاءفي الأساطير الاغريقيه القديمه . فمن المعروف أن اليونانيين القدماء كانت لهم آلهات للشعر، يستلهمونها قصائدهم ويتغنون بما تمنحهم من صور جميلة وخيالات ،وان للفنون الجميلة لدى الاغريق تسع ربات هي ثمرات ليال من ليالي الحب بين أبيهن (تزوس) وأمهن (فيموزيتا) هذه الربات تؤلف موكب شرف في حضرة أبولون، وأمرهن لا يقتصر على الغناء للآلهات،‏ إنما تقضي الربات نهارهن عندما ينام الشعراء بالاستحمام في مياه الوعد الصافية في (ينبوع عبقر) وهذا الينبوع انحبس عندما ضرب الحصان العجيب بحافره سطح الجبل ضرباً إيقاعياً .‏أما الليل ففيه آلهات الفن تهبط ملتفة برداء السحب وتأتي لتجلس عن نحو لا مرئي على مقربة من المصباح الذي ينير الظلام للفنون وتحمل إلى من تلهمه الأفكار الجميلة ، والألفاظ المتناغمة ، هذه الجوقة الإلهية تعزف لتوحي بكل جوانب الابداع ، فيتجلى الشعر في أفكار بليغة، وبصورة شعرية نبيلة .
صورة الالهام والعبقريه عند شعراء العرب القدماء خصوصا ، كانوا يدعون أنهم يتلقون الشعر من كائنات تتمتع بمزايا خارقة ، لكنهم لم يجعلوها آلهات أو ربات، وإنما تخيلوها شياطين من الجن. فكانوا يزعمون أن مع كل فحل من الشعراء شيطاناً، يقول ذلك على لسانه الشعر . حتى صار وادي عبقر في بطن جزيرة العرب وهو المعروف باكثر الروايات القديمه ،مصدرا او حاضنه لكل فطاحل الشعراء الذين تلبستهم شياطين الجن . وبعد ان صار عرب الجاهليه يعتقدون أن لكل شاعر شيطانا يعلمه الشعر وينفث فيه من روحه أجمل القصيد .و يرون من كل الاستلهام الشعري الغير عادي مصدره الشياطين ،ولا يتحقق ذلك الا في بطون الوديان التي يعد حاضنه طبيعيه لعيش الجن بعيدا من الناس ، و منها وادي عبقر ، للاتيان بما لا يستطيع مجاراته عامة الناس من ابداع وصياغه ، حتى صار الاعتقاد شائعا بان هناك لكل شاعر قرين من طائفة جن وادي عبقر، يلقنهم اعجاز الشعر وانسياب سحر الكلمات . وفي هذا يقول ابو العلاء:
وقد كان أرباب الفصاحة كلما ..رأوا حسناً عدوه من صنعة الجن!
، وكذلك في شعر الاعشى : كهولاً وشباناً كجنة عبقر
هكذا كان العرب يرون صنعة الجن، وهكذا تراها أيضاً كل الحضارات القديمه الاخرى ، وكما هو منقول باللغه اللاتينيه حين سمو النبوغ العقلي والعمل المبدع ( GINUS )، مما يدفع إلى الظن بوجود قرابة لغوية بين كلمة «جن»، العربية وكلمة (GENI) ومعناها العبقرية. وفي «لسان العرب» لابن منظور أن الجن أو الجان سميت كذلك لاستتارهم واختفائهم عن الأنظار. وحتى إذا كان وجود ادنى شك بين الكلمتين العربية واللاتينيه من صله لغوية ، فان قرابتها العقليه واضحه وأكيدة يتبادل خلالها الجمال والتفوق بالمخفى المستور ، أو بما يفوق امكانية الطبيعه البشريه وخارج منطق العقل ، وهكذا يكون التفوق بالنبوغ نوعاً من الانتقال والتلبس لطاقات من خارج العالم التقليدي للبشر ، التي اقترنت بالجن والشياطين . وليكون صاحبها بعد كل ذلك مجنونا او عبقريا ، و يرى ويسمع بما لايراه ويسمعه سواه من بقية البشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي