الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ التفجيرات: قليلا من البطولة كثرا من الخيانة!

عماد فواز

2014 / 4 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


شهد التاريخ الحديث لمصر الكثير عمليات التفجير، بدأت أوائل القرن الماضي وحتى الآن، بعضها كان ضد المحتل فحملت وسام البطولة، واغلبها وجه ضد الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في إطار الصراع على السلطة فوصم بالخيانة، وفي كل الأحوال لم تؤدى العمليات التفجيرية أية نتيجة تذكر، ولم تحقق لمرتكبيها إلا القتل أو الحبس والعار الذي لحق بأسمائهم، وخلفت الكثير من الضحايا الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الصراعات.

(تفجيرات النضال)

في أوائل القرن الماضي وبالتحديد عام 1919م شهدت مصر أول عمليات تفجير قام بها أعضاء الجهاز السري التابع للثورة، وكان مهمته مطاردة الوزراء الذين يتعاونون مع سلطات الاحتلال البريطاني ويطعنون الثورة في ظهرها.. ويحطمون إرادة الأمة التي اختارت سعد زغلول وكلا وزعيما ومتحدثا وحيدا باسمها في مواجهة الانجليز، وتم اغتيال عدد من الوزراء وكبار القادة الانجليز في مصر، وسريعا ما انتهى الجهاز السري عام 1924م بعد أن تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء، وكانت حصيلة عملياته 61 عملية تفجير راح ضحيتها 11 قيادة مصرية وانجليزية من المستهدفين و71 مواطن تصادف تواجده في موقع التفجير آنذاك، وبالرغم من كمية الضحايا التي خلفتها أعمال التفجير إلا أنها حملت صفة البطولة وسجلها التاريخ تحت عنوان "النضال ضد المحتل" ولا خلاف على ذلك.

(تفجيرات الخيانة)

وعقب ثورة يوليو 1952م، وبعد أن اتفقت مصر وإنجلترا على كافة بنود الجلاء الإنجليزي عن الأراضي المصرية وضعت المخابرات العسكرية في الجيش الإسرائيلي خطة للتخريب والتجسس في مصر تقوم باعتداءات على دور السينما والمؤسسات العامة، وبعض المؤسسات الأمريكية والبريطانية، على أمل أن تؤدي هذه الأعمال إلى توتر العلاقات المصرية الأمريكية، وعدول بريطانيا عن اجلاء قواتها من السويس.

أرسل لافون رجل المخابرات الإسرائيلي إفرى إلعاد الشهير بـ جون دارلنج إلى مصر لتجنيد عدد من الشباب اليهودي ، نجح إلعاد بالفعل فى تجنيد عدد من شباب يهود مصر المنتميين إلى الوكالة الصهيونية والتى كانت تعمل في الخفاء علي نقل اليهود لإسرائيل الجديدة .

وفي 2 يوليو 1954 كانت أولي العمليات الإرهابية للشبكة نجحوا فيها بتلغيم مكتب البريد الأمريكي في مدينة الإسكندرية بطرد صغير الحجم في البداية مما أسفر عن حريق المكتب وعدد من الضحايا، وفي 14 يوليو نفذت الشبكة عمليتها الثانية عندما زرعت قنابل حارقة في مقر المكتبة الأمريكية بالقاهرة والإسكندرية في توقيت واحد مما أدي لحرائق وإصابات بين العاملين والمترددين علي المكتبتين.

وفي 23 يوليو 1954 -احتفالات الثورة- كان من المفترض وضع متفجرات في محطة القطارات ومسرح ريفولي بالقاهرة وداري السينما (مترو وريو) في الإسكندرية، غير أن سوء الحظ لعب دوره واشتعلت إحدى المتفجرات في جيب العميل ( فليب ناتاسون ) المكلف بوضع المتفجرات بدار سينما ريو فأنقذه المارة وبتفتيشه عثر معه على قنبلة أخرى عليها أسم “مارون أياك” صاحب محل النظارات، وتم اعتقاله، وقال أن أسمه فيليب ناتاسون يهودي الديانة وعمره 21 عام وجنسيته غير معروفه، وأعترف بأنه عضو في منظمة إرهابية هي المسئولة عن الحرائق ، وعثر في منزله على مصنع صغير للمفرقعات ومواد كيميائيه سريعة الاشتعال وقنابل حارقة جاهزة للاستخدام وأوراق تشرح طريقة صنع القنابل.

وفي أوائل التسعينيات ظهرت الجماعات الجهادية المتأسلمة لتنازع مبارك على الحكم، وبدأت فى ارتكاب أعمال تفجيرية، واستهداف مواكب الوزراء وقتلت الوزير رفعت المحجوب وحاولت قتل رئيس الوزراء عاطف صدقي ووزير الداخلية زكي بدر، ولكنهم نجوا وغيرها من التفجيرات التي استهدفت أيضا الكنائس والأماكن العامة وبلغ عددها حتى عام 2011 حوالي 169 عملية تفجيرية راح ضحيتها 662 قتيل وجريح منهم وزيرين وباقي الضحايا مواطنين تصادف وجودهم في موقع الحادث، ولم تثمر هذه التفجيرات عن اى مكاسب لأصحابها على اى صعيد، بل تاب اغلب قيادات هذه الجماعات داخل السجون من هذه الجرائم ووقعوا على معاهدة مكتوبة أبرمتها معهم الدولة لنبذ العنف.

وبعد ثورة 25 يناير 2011، وبرغم الغياب الأمني إلا إن الجماعات المسلحة المتطلعة للسلطة لم تلجأ للتفجير بعد أن أصبحت قريبة من السلطة دول صراع، أعقبها فترة حكم الإخوان وأيضا توقفت أعمال التفجير تماما بالرغم من استمرار الفراغ الأمني، وبعد عزل مرسي أول يوليو 2013 عادت التفجيرات إلى الشوارع من جديد، واستهدفت منشآت عامة وخاصة وكنائس وأقسام وكمائن الشرطة وحتى مديريات الأمن، وخلفت الآلاف من القتلى والجرحى، بعضهم شخصيات تم استهدفها والأغلبية العظمى مواطنين تصادف وجودهم فى مواقع التفجير، ولم تجني جماعة الإخوان والموالين لها والداعمين لسياساتها إلا المزيد من الرفض الشعبي لها ولإعمالها وكذلك صفة "الإرهاب" علاوة على عار الخيانة الذي بات يطارد قيادات الجماعة والداعمين لها وأنصارهم أيضا.

مما أسلفت يتضح أن التفجيرات مهما كان منفذها سواء بطل أو خائن، ومهما كان المستهدف منها، لم تحقق أية نتائج ملحوظة في المشوار السياسي، ولم تفيد مرتكبيها قيد أنمله، وإنما لم تخلف إلا ضحايا لا ذنب لهم في الصراع السياسي، وعار لمنفذيه لن يمحوه الزمن، فالسياسة سلاحها الأكيد والوحيد هو التفاوض والقانون وإرادة الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو