الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب مفهوم الإرهاب في القانون الدولي الحلقة 32

ثامر ابراهيم الجهماني

2014 / 4 / 25
دراسات وابحاث قانونية


ثانياً : الضرر
تعرّف المسؤولية الدولية على أنها >(37) . وهذا ما أكده معهد القانون الدولي في دورة لوزان لعام 1927 . ونفس الشيء أوضحته الوثيقة التي وافقت عليها اللجنة الثالثة لمؤتمر تدوين القانون الدولي المنعقد في لا هاي عام 1930 .
يشترط في الضرر أن يكون جدياً ، كأن يكون انتهاكاً فعلياً لالتزام دولي ، يوجب حقاً للشخص المتضرر . ولا يختلف إن كان الضرر مادياً مثل خرق الحدود الإقليمية لدولة ما ، مثال ذلك : ما طلبته بريطانيا عام 1949 في إطار قضية ( مضيق كورفو ) من ألبانيا لتعويضها الخسائر التي أنزلها بسفنها وببحارتها انفجار مجموعة من الألغام المزروعة في مضيق ( كورفو) أي في المياه الإقليمية الألبانية . وقد يكون الضرر معنوياً كالإضرار بالمصالح السياسية للدولة ، أو الإجحاف الذي لحق بالدولة المعنية ، نظراً لعدم احترامها ، أو الاستهانة بكرامة ممثليها ، أو بها مباشرة ، ففي نفس قضية ( كورفو ) تقدمت ألبانيا بادعاء انجلترا ، طلبت بموجبه من محكمة العدل الدولية الحكم على هذه الدولة باعتبارها انتهكت سيادة الدولة حين قامت بتنظيف المضيق من الألغام في منطقة البحر الإقليمي الألباني ، رغماً عن السلطات الألبانية ، وهو ما أخذت به المحكمة حين قالت صراحة :>(38) .
ويمكن للضرر أن يكون مباشراً ، أي يصيب الشخص القانوني الدولي ، أو غير مباشر كأن يصيب أحد الأفراد . فتثار في هذه الحالة قضية الحماية الدبلوماسية للدولة التي يحمل الفرد جنسيتها . وكذلك حق المنظمات الدولية في مباشرة الحماية الوظيفية على موظفيها أو ممثليها. وجاء ذلك في << الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في قضية تعويض الأضرار التي أصابت موظفي الأمم المتحدة لعام 1949>>(39) . وفي هذا المجال لا بد من إثارة قضية اغتيال ( الكونت برنادوت ) الوسيط الأممي السويدي الأصل ، والذي اغتيل بعد أن أوصى بتقسيم فلسطين إلى شرطين والحد من توسيع حدود " إسرائيل " حين أصدر عدة توصيات لتخفيف حدة التوتر والنزاع في المنطقة ، ومن هذه التوصيات :
- تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين .
- توحيد الجزء العربي في فلسطين مع الأردن .
- تدويل القدس >> (40) .
ولم يظهر القاتل الحقيقي إلا بعد مرور 28 سنة ، الذي كان الصديق والحارس لبن غوريون ، زعيم حزب العمل والذي استنكر اغتيال الوسيط الأممي ، أما القاتل فهو ( هيهو شواكوهين ) وكان ينتمي إلى منظمة إرهابية صهيونية .
تبدأ الحماية الدبلوماسية باتباع الطرق الدبلوماسية لدى سلطات الدولة التي تسببت في إحداث الضرر ، وعند فشل ذلك يرفع الأمر إلى المحاكم الدولية لتقرير مسؤولية الدولة المخالفة وإالزامها بالتعويض ، وهنا يشترط توافر ثلاثة شروط هي :
1- رابطة قانونية بين الفرد المتضرر والدولة المتكلفة بالحماية .
2- استنفاذ طرق التقاضي الداخلية التي تسمح بها قوانين الدولة التي صدر عنها العمل غير المشروع .
3- أن يكون سلوك الفرد المتضرر سليماً لا شائبة فيه . أي أن لا يكون قد ساهم بخطئه في الضرر الذي أصابه .
ولا بد من الإشارة إلى فكرة الاسناد . أي يجب لقيام المسؤولية الدولة أن يدلل المدعي أن الضرر الذي تعرض له هو بالتأكيد من فعل المدعى عليه .
وحتى يتمكن الشخص القانوني من الحصول على تحقيق المسؤولية الدولية تجاه الدولة المخلة والحصول على التعويض ، يستلزم وجوباً إثبات العلاقة السببية بين الخطأ الدولي والضرر الحاصل .
ثالثاً : العلاقة السببية .
لاحظنا من خلال دراستنا للشرطين السابقين ، أنه من المفروغ منه التسليم لقيام المسؤولية الدولية أن يكون الضرر قد وقع كنتيجة لفعل غير مشروع قامت به الدولة المذكورة مباشرة . لكن ما هو عليه الأمر في الأضرار غير المباشرة المتفرقة ؟ .
مبدئياً نستطيع القول أنه لا تترتب مسؤولية دولية عن الأضرار غير المباشرة وهذا ما أكدته المحكمة التحكيمية الناظرة في قضية ( الآلاباما) الشهيرة بين بريطانيا والولايات المتحدة ، حين رُفِض التعويض عن الأضرار غير المباشرة .
لكن نلاحظ << أن لجنة الدعاوي المختلطة الألمانية – الأمريكية قررت في قضية السفينة ( لوزيتانيا) بتاريخ 8/11/1923 أن التفرقة بين الأضرار المباشرة وغير المباشرة هي في الغالب تفرقة وهمية >>(41) .
وكذلك حكمت محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر عام 1931 في قضية وضع (شوروزوف) بضرورة التعويض عن جميع الأضرار المباشرة وغير المباشرة .
وحديثاً في العصر الحاضر ، ونظراً للتطور التكنولوجي والرعب النووي يصعب إثبات رابطة السببية بين الفعل الضار والخطأ الدولي لأن التلوث النووي والكيميائي لا يعرف الحدود الطبيعية والسياسية ، وكذلك نقل المواد الذرية . بالإضافة إلى أن التلوث قد لا يخلو من ضرر ، إلا أنه لا يمكن إثباته بسهولة والوقوف على رابطة السببية .
والخلاصة أنه مهما كانت الصعوبة في إثبات العلاقة السببية بين الفعل الضار والخطأ الدولي ،فإن التكنولوجيا المعاصرة وإن صعّبت اكتشاف هذه الرابطة وسهلت نقل الأخطاء لنشر الرعب في العالم فهي غير عاجزة عن إيجاد الوسائل اللازمة لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الفعل الضار والخطأ الموجب له . ولما كان الفقه الدولي يجعل من الالتزام بالتعويض النتيجة الوحيدة تقريباً التي يرتبها القانون الدولي على مخالفة الدولة لأحد التزاماتها الدولية ، لذلك سندرس الآن جزاء المسؤولية الدولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و