الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاطعة والمشاركة الثورية

إبراهيم الحسيني

2014 / 4 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


إذا كان الإنسان كتلة وكل كتلة طاقة فالحرية هي ما تتيح لهذه الطاقة عند الأفراد والجماعات القدرة على الحركة في الزمان والمكان لينتج أفضل ما لديه من ملكات ومواهب وأفكار .. من علم وعمل وفنون .. والديمقراطية هي النظام السياسي الذي يستمد من الحرية ليتيح للجماعات البشرية والمجتمعات والأمم والدول القدرة على الحركة وتنظيمها لتنتج من الطبيعة خيراتها المادية والأدبية والروحية .. والديمقراطية تقوم على حق الاختلاف والتنوع والتعدد وتنهض على حق التعبير والتنظيم وتداول المراكز القانونية في إدارة المجتمعات وتتحقق للديمقراطية غاياتها وفق آليات تتيح أوسع مشاركة شعبية ، وهي كأي كائن حي تنمو وتتطور في خضم نضال وكفاح الأفراد والجماعات المقهورة وتصادمها بالحكام الطغاة المستبدين البغاة بسم الحكم الإلهي ويستمدون نفوذهم من الكهنة وفقهاء السلطان .. وقد بزغت الديمقراطية مع بزوغ عصر النهضة والثورة الصناعية وتفكيك منظومة الغيب والخرافة وإعلاء شأن العقل والعلم وانتقال البشرية من الحكم المطلق إلى النسبي .. من الإلهي إلى الإنساني .. ولقد كان انقسام المجتمعات إلى هيئات وشرائح اجتماعية متباينة ومتصارعة ومتقاتلة بضراوة وصلت في معظم الأحيان إلى حروب أهلية حينها نشأت الحاجة إلى الانتخابات كآلية لإدارة الصراعات الاجتماعية بطريقة سلمية ليست دموية .. ولما كانت الثروة واحتكار القوة أهم أدوات الارستقراطية والبرجوازية تمت سيطرتهما على البرلمانات والتشريعات بشراء الأصوات ورشوة الناخبين من الطبقات الدنيا واستخدام القمع والتنكيل والملاحقة والمطاردة مع مفكري وقادة وطلائع القوى الاجتماعية الأدنى ، وبالإضرابات والاعتصامات والمظاهرات والهبات والانتفاضات والثورات تمكنت الطبقات الدنيا من مزاحمة الطبقات العليا ـ في المراكز الرأسمالية ـ وانتزعت لنفسها حق التعبير والتنظيم في نقابات وأحزاب سياسية تنافس ، بالمشاركة في العملية الديمقراطية والانتخابية ، على السلطة وإدارة البلاد ، وها نحن في عالم اليوم نرى أحزاب اشتراكية ديمقراطية وعمالية تشكل حكومات وأغلبية برلمانية ، لكن المصوتين في العملية الانتخابية بمعظم بلدان العالم لم تتجاوز ولم تصل إلى نصف من لهم حق التصويت والاقتراع ، وهذه أحد أهم مشكلات الديمقراطية والعملية الانتخابية على مستوى الكوكب التي يجب التصدي والبحث عن حلول لجذب واستقطاب الكتل الاجتماعية المنصرفة عن المشاركة .. وفي مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 نستطيع أن نميز في كل الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، كتلة اجتماعية سياسية تنتسب بروابط وثيقة إلى الثورة لا ترفض بقاء المؤسسة العسكرية في الحكم وإدارة شئون البلاد فقط بل وتقاطع استفتاءاتها وانتخاباتها ، هذه الكتلة المجتمعية تنمو وتتصاعد وتتراكم يوما بعد يوم واستحقاقا تلو استحقاقا ، معظمها من العناصر المجتمعية الحية النشطة الأكثر وعيا وخبرة وتنظيما التي انخرطت وتصدرت المشهد الثوري وتصدت للدعوة لتحرير مصر من التبعية والطغيان والاستبداد والنهب والفساد والبيروقراطية العسكرية التي تحتكر معظم مناصب الدولة العليا ، وتشكل رأس رمح للثورة المضادة تحاول إنتاجها ، وتستخدم القانون ، بسلطة التشريع الممنوحة للرئيس المؤقت ، أداة للطغيان والاستبداد والقهر والتمييز العنصري المقيت ( الأبارتهيد ) أداة للعدوان على الثورة وملاحقة ومطاردة ثوارها وتهميشهم على أطراف المشهد السياسي .. وقد استهلت عدوانها على الثورة ـ في موجاتها الأخيرة 30 يونيو 2013ـ بقانون يمنع ويقيد التظاهر دون تصريح من وزارة التعذيب والقمع والتنكيل ( الداخلية ) ويمنحها حق القتل والقنص والقبض العشوائي دون مراجعة أو محاسبة وقادت كثير من شباب الأمة والثورة إلى غياهب وظلمات السجون بقرارات إدارية من النيابة العامة نال من تاريخ واستقلال السلطة القضائية ، وها هي تحاول إعادة إنتاج رأس للثورة المضادة عبر قانون الانتخابات الرئاسية الذي يهدر المساواة والمواطنة ويميز بين المواطنين على أساس القدرة المالية والمكانة التعليمية وكأنه يعاقب الفقراء على فقرهم ثم يحصن إجراءات وقرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية ويضعها موضع الآلهة في الأديان السماوية والأرضية ، وقد انحرف المستشار : عدلي منصور عن خارطة الطريق المعلنة 3 يوليو 2013 :
ـ تعديل الدستور الإخواني
ـ إجراء الانتخابات البرلمانية
ـ إجراء الانتخابات الرئاسية
وقدم الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية استجابة لرغبة أحد المرشحين المتنافسين بما يمكن الرئيس القادم من التدخل في الانتخابات البرلمانية ورسم خريطة القوى السياسية والحزبية المشكلة للبرلمان .. ويستعيد ذات آليات ونفوذ الرئيس على السلطة التشريعية كما كانت قبل ثورة 25 يناير ويثير الريب حول قدرته على تعديل النصوص الدستورية المتعلقة بمدد وصلاحيات الرئيس ، وهنا مكمن الخطر المحدق ، فهذه الانتخابات الرئاسية يقينا ليس تنافسية بين تيارات وقوى اجتماعية سياسية متنافسة بل تجري بين جناحي الرأسمالية العسكرية الاحتكارية البيروقراطية ، فالسيسي وحمدين من ذات الخندق وذات المعسكر دون أية قوى اجتماعية أو تيارات سياسية مستقلة عن حلف المؤسسة العسكرية البيروقراطية التي استولت على السلطة يوليو 1952 ، وهوت من قمة السلطة يومي 28 يناير 2011 و25 يناير 2012 ، وها هي تحاول استعادة السلطة بمندوبيها لتظل محتكرة النظام السياسي حكما ومعارضة ، وها هي القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية تأبى الدخول في بيت الطاعة وتلقى القفاز في وجه الطغاة وتقاطع الانتخابات الرئاسية وتدعو إلى صندوق المقاطعة للتنافس بين مؤيدي الانتخابات الرئاسية ورافضيها وفق قواعد ومعايير المؤسسة العسكرية الحاكمة أو إدراج خانة في استمارة التصويت للمقاطعة ويتم الفرز على درجتين :
الأولى : بين المصوتين على المرشحين والمصوتين بالمقاطعة
ثانيا : بين المصوتين على المرشحين كل بمفرده
وإذا حصل المقاطعون على أغلبية الأصوات تعاد الانتخابات وفق قواعد ومعايير جديدة .. وإذا حصل المؤيدون للانتخابات يعلن الحاصل على أعلى الأصوات فائزا بموقع رئيس الجمهورية
ويزعم كاتب هذا المقال أن هذه العملية تثري وتغني العملية الانتخابية وترفع نسبة المشاركين في التصويت وتمكن معظم المواطنين من المشاركة في صياغة مستقبل الأمة وتقرير مصيرها ، وتشيد لبنة جديدة في صرح العملية الديمقراطية برمتها على مستوي الكوكب بتحويل المقاطعة إلى مشاركة ثورية وتجديد دماء الديمقراطية وحق الاختلاف والتعددية دون جبر أو تهميش ..
وأخيرا نستطيع القول دون مجازفة : أن العسكرية ليست زيا فحسب بل ثقافة ونمط وأسلوب حياة أوامرية هيراركية قائمة على الانضباط والسمع والطاعة مثل التنظيمات الدينية والعقائدية الشمولية .. وأن من يروجون الجنرال أصبح مدنيا بمجرد خلعه الزى العسكري يخدعون ويضللون الجماهير ويزيفون الوعي والعقول .. ويقينا من يستبيح العقول سيستبيح صناديق الانتخابات وإرادة وثروات المواطنين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مازال هناك الكثير لانجازة
محمد البدري ( 2014 / 4 / 25 - 17:35 )
التغيير من النمط العسكري الهيراركي الراسي الي نمط مدني افقي يستحيل تحقيقه في بيئة غير قادرة علي الاستغناء عن الدين. الدين هيراركي بطبعه ويتصف بنفس الصفة العسكرية. فلو عدنا الي اول المقال حيث جاء ذكر معادلة اينشتين فيما بين الكتلة والطاقة فان السائل المسمي حرية تم تاطيره في المجتمع الديني ليتحول الي مادة صلبة غير متاحة الا لمن يقبض عليها عسكريا كان أم دينيا. وبالتالي فالنتيجة التي علي من يريد التتغيير ان يبدا بتسييل الحرية مرة أخري وخاصة ان ثورة 25 يناير اتاحت وفتحت شرايين جديدة

اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني