الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ستنفرج أسارير أمي؟؟... ومن يشفي غليل تساولات آمال؟؟...

حياة البدري

2014 / 4 / 25
الادب والفن


شاردة البال ومشدوهة الخيال...لم تستطع والدتها إخراجها من صمت ألم بها فجأة وخطف ابتسامتها العذبة وأطفأ بريق عينيها المملوءتين بالأمل الكبير...أمل متابعة الدراسة حتى نهاية المطاف، إلى أن تتعلم وتتثقف...فتحصل على مرتبة جيدة وتصبح منتجة داخل المجتمع وليست عالة كأخويها اللذين يكبرانها، هذان الأخيران، الذي عمل الحشيش و"البولة الحمراء"... على الحد من تفوقهما وتغيير مجرى حياتهما وكل الأسرة...

فبعد أن كانت أمها دائمة البسمة وصاحبة نكتة...أصبح التجهم والحسرة لايفارقان محياها ! بسبب الوحش الكاسر، السريع التوالد والتكاثر… هذا الداء العضال الذي تسلل في غفلة ونتيجة تساهل المسؤولين اتجاه نتائجه الوخيمة بين أعمدة المجتمع المغربي وبدأ في نخرها كل يوم... هذا الوحش القاتل الذي انتشر بين الشرائح الشابة بشكل مهول، كما تنتشر بقع الزيت على الورق ... !

لم يكتف هذا الوحش بجلب وإدخال الحسرة والألم إلى قلب أمها بل عمل على إبقائهما ضيفين ثقيلين، لايفارقانها، مما أفقداها حسن التصرف والتفكير... فأنفقت كل مافي في حوزتها من نقود و ذهب وأفرشة...لإسكات تهديدات هذا الغول الذي يسكن ابنيها ويحولهما إلى وحشين كاسرين... بعد إحساسه بالظمأ والجوع لهذه المادة الخطيرة، التي تدخل إلى وطننا في غفلة منا و بتواطؤ مع العديد من الخونة والمجرمين، الذين لايحبون هذا البلد وليس في قلبهم أدنى ذرة حب لأبنائه، سوى حب الاغتناء السريع على حساب صحة أدمغة الشباب...

تحملق أمال في وجه والدتها وتسألها لماذا لم تتدخل الدولة لإيقاف هذه المهزلة؟ ولماذا أصبحت تجارة المخدرات تنتشر بهذا الشكل ولماذا أصبحت تستهدف الشباب وحتى الاطفال!... وأصبحت تباع أمام أبواب المدارس والإعداديات؟...

ألا يعني لهم هذا الشباب شيئا...؟ وما ذا ينتظرون؟ إلى أن ينتحروا أو يقوموا بعدة جرائم؟! ... فكم من جرائم شنيعة بدت تطفو على سطح بلادنا !!؟ في حق من لاتقل لهما أف ولاتنهرهما وفي حق تلك التي علمنا ديننا الحنيف وأخلاقنا ...أن الجنة تحت أقدامها، وكم من اغتصابات في حق الأصول وفي حق ملائكة الجنة... الرضع والطفلات وحتى العجائز ...؟؟؟


إنني أخاف ياأمي، أن أغتصب في يوم من الأيام أو أن أقتل من طرف إخوتي أو أن أفقدك أنت الأخرى كما فقدت أبي مبكرا...
فمتى ستجدين ياأمي سريرين لأخوي بمستشفى 36؟
أم أنهما سيظلان على هذا الحال إلى أن يفقدا عقليهما ويهيمان بالشوارع أو يكون مآلهما الربط والقيد ببويا عمر أو داخل الكهوف والمنازل المظلمة... كما هو حال الفئة المعوزة أمثالنا...؟
فلماذا لاتحس المسؤولة الأولى بقطاع الصحة وباقي المسؤولين... بمعاناتك ياأمي وتوصي ببناء مستشفيات لهذا الغرض أو على الأقل أن تسهر على زيادة الأسرة وعلى تحقيق قانون الأسبقية بدل الزبونية...؟ ولماذا يسمح المسؤولون بدخول هذا الغول الكاسح إلى عقر دارنا...؟

فماذا لوكانت ابنة المسؤولة الأولى عن الصحة أوابنها، قد تعرضا لداء هذا الوحش الجائع الذي بدأ يلتهم وينهش شريحة كبيرة من أبناء المغرب، فقراء وأغنياء!!؟ فماذا كانت المسؤولة ياسمينة بادو ستفعل آنذاك؟

أكيد أنها كانت ستقوم بحالة استنفار قصوى داخل البلد وخارجه، وأكيد كانت "سترسل" ابنتها أو ابنها في طرد بريدي عاجل للعلاج وإخراج هذا الوحش من أحشاء ابنتها أوابنها... وبالتالي عودتهما إلى حالتهما الطبيعية قبل فوات الأوان...

ولكن ماذا عن حالة إخوتي وزملائهما؟ فمتى بالله سيستنشقون هواء صحيا من جديد؟ ومتى سيعودون من معتقل هذا الوحش الذي بدأ ينتشر وينتشر بدون قيود...ومتى سيرجع إلي أخواي اللذان كنت أعرف فيما مضى، وعمل تواطؤ الجميع على نفيهما وأصدقائهما إلى منفى اللاواقع؟

أمي إنني أنتظر جواب السيدة المسؤولة بقطاع الصحة ولدي أمل كبير لوضعت نفسها مكانك، فماذا كانت ستفعل؟ أكيد لكانت قد فكرت بشكل أكثر جدية في هذه الإشكالية وكانت قد وجدت على الأقل بعض الحلول لها...
كما أنتظر أجوبة المجتمع المدني وكل المسؤولين عن أمن هذه البلاد، فمتى سينظفون المغرب من هذا الوباء الشرس الذي بدأ يطرق كل بيت ولماذا هذا السكوت عن هذا الجرم الأكبر...؟

آنذاك ضمت السيدة رحمة ابنتها إلى صدرها بحرارة وحاولت كفكفة دموعها المنهمرة وخرجتا من بهو مستشفى 36 الذي دأبتا على زيارته تقريبا كل يوم قصد الحصول ولو على سرير واحد، نحو المصير اليومي وكل جوارحهما تحوقل وتتضرع إلى الباري تعالى الذي لازبونية معه ولا متدخل بينه وبين عباده...

حياة البدري 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال