الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب مفهوم الإرهاب في القانون الدولي الحلقة 33

ثامر ابراهيم الجهماني

2014 / 4 / 25
دراسات وابحاث قانونية


الفرع الثاني : جزاء المسؤولية الدولية عن الإرهاب .
يترتب على تثبوت المسؤولية الدولية توافر شروطها السابقة الذكر أثر قانوني ، الذي هو التزام الشخص المسؤول بتعويض الضرر الذي حدث للمتضرر ، وهو مبدأ أساسي أكده القضاء الدولي في أكثر من مناسبة ، كما جاء في حكم محكمة العدل الدولية في قضية وضع ( شوروزوف ) .
وعليه فإن أي إخلال بالتعهدات يكون ملزماً بالمقابل بدفع التعويضات المناسبة ، والتي قد تكون بإعادة الشيء إلى أصله أو بدفع مبالغ مالية معينة أو بإنزال عقوبة داخلية ( كتأديب موظف مسؤول ) وقد تكون ترضيات معنوية كالاعتذار أو الأسف أو غيرها كما يلي :
1- الترضية .
2- التعويض العيني .
3- التعويض النقدي .
غير أن مبدأ التعادل بين التعويض النقدي والضرر الحاصل يتضمن عنصرين :
1- يجب أن لا يقل التعويض عن الضرر الحاصل .
2- يقتضي أن لا يزيد التعويض عن هذا الضرر .
لكن ما يهمنا هنا المسؤولية الدولية عن الإرهاب ، وجزاؤها . لذلك سنبدأ بالجزاء الواقع على الدولة ثم على الأفراد .
أولاً : المسؤولية الجنائية الدولية للدولة الإرهابية .
لاحظنا من دراستنا السابقة أن الفعل الضار ، بشكل عام ، هو انتهاك الدولة لأحد التزاماتها اتجاه المجتمع الدولي . فهل يعتبر الإرهاب الذي تمارسه الدولة فعلاً ضاراً ؟ للإجابة لا بد من المرور بشكل سريع على بعض النقاط :
1- الإرهاب باعتباره إخلال بالتزام دولي . اعتبر الإرهاب إخلالاً بالتزام دولي تعاقدي ، انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في ميثاق الأمم المتحدة > (42) . ومن هنا أصبح الإرهاب الدولي جريمة عالمية .
2- الآثار الناشئة عن الإرهاب وصلتها بشروط تحقق المسؤولية الدولية : الفعل غير المشروع ، الضرر ، والعلاقة السببية .
3- الآثار الناشئة عن مسؤولية الدولية الإرهابية .
نقول نبعاً لذلك أن الأحكام العامة للمسؤولية الجنائية الدولية ، تحدد الجريمة وفقاً لأحكام القوانين الجنائية الداخلية ، وكذلك الأمر في القانون الدولي الجنائي على هدى أركان ثلاث هي :
أ‌- الركن المادي : يتمثل في الفعل المادي السلبي أو الايجابي > (43) .
ب‌- الركن الشرعي : ويتمثل في القاعدة القانونية المجرّمة للفعل .
ج- الركن المعنوي : وبقصد به القصد الجنائي للفاعل . ويمكن استخلاصه من طبيعة الانتهاك الدولي للالتزام .
ويكمن الفرق في الفعل بين القانون الجنائي الداخلي والدولي ، أن الأول له معايير واضحة وعقوبة مناسبة ، مع ظروف التخفيف أو التشديد ( لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون ) ، أما في القانون الجنائي الدولي فإن النصوص الجنائية غير نحددة تماماً ، ولا يعتمد فيها على التفسير الحرفي لقاعدة الشرعية .
ومن خلال دراستنا السابقة نقول أن الإرهاب الذي تمارسه الدولة أو تدعمه رسمياً ، يحقق كل أركان الجريمة الدولية . يستتبع بالتالي تطبيق المسؤولية الدولية الجنائية بشكل عام . فالركن الشرعي هو مبادئ القانون الدولي ، وميثاق الأمم المتحدة ، والاتفاقيات الدولية . أما الركن المعنوي فيتمثل في انتهاك القاعدة الدولية ، والتي تحرّم ممارسة الفعل المادي . أما القصد الجنائي في العمل الإرهابي فيتمثل في الإكراه والضغط على بعض أطراف المجتمع الدولي للخضوع إلى مشيئة الدولة التي تمارس العمل الإرهابي ، بقصد تحقيق بعض المقاصد السياسية أو الاقتصادية أو المعنوية .
ويخرج عن إطار المسؤولية الدولية بعض الحالات ، وفق أحكام القانون الدولي المعاصر وهي :
1- حالة الدفاع عن النفس والاجراءات الوقائية .
2- بتخويل من الجهاز الخاص من الأمم المتحدة .
3- النضال من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير .
ثانياً : المسؤولية الجنائية الدولية لإرهاب الأفراد .
استقر مركز الفرد في القانون الدولي العام والمعاصر على أنه شخص من أشخاص القانون الدولي وحجتهم الرئيسية أن << المجتمع الدولي يتكون من أفراد طبيعيين ينتمون إلى مجتمعات وطنية مختلفة >> ( 44) . ونستشهد هنا بما جاء في المادة الرابعة من الاتفاقية الثانية عشر لمعاهدة لاهاي عام 1907 ، التي أقرت السماح للأفراد في بعض المجالات بالمثول أمام المحاكم الدولية ضد الدولة ، وكذلك << معاهدة المحكمة بعد استنفاذهم طرق المراجعة الداخلية >> (45) .
ونلاحظ كذلك أن القانون الدولي يرتب قواعد قانونية تعاقب الفرد مباشرة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية أو السلم العالمي ، أو جرائم الحرب . إن المبدأ السادس من المبادئ المتفق عليها في الصيغة المقدمة من قبل لجنة القانون الدولي في عام 1950 ، والتي اقترنت باعتراف ميثاق محاكمات ( نورنبرغ ) يقدم لنا القائمة التالية للجرائم المعتبرة في ضوء القانون الدولي :
<< 1- الجرائم الموجهة ضد السلم والأمن الدوليين .
2- جرائم الحرب .
3- الجرائم الموجهة ضد الانسانية .
4- جرائم إبادة الجنس البشري >> ( 46) .
تبعاً لذلك نجد أن الانشغالات الدولية للحفاظ على السلام العالمي والأمن الدولي ، وحقوق الإنسان من الأعمال الإرهابية ، أدت إلى تشكيل المحكمة العسكرية الدولية من عام 1945 إلى 1947 لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان ، واليابانيين ، سواء كانت قوانين بلدانهم تسمح بها أم لا . حيث نص نظام المحكمة على تحميل المسؤولية الجنائية الدولية لمرتكبي هذه الجرائم سواء كان ارتكابها تنفيذاً لأوامر صادرة إليهم من حكوماتهم أو انصياعاً لأوامر القيادات العليا . وإذا كان هناك اعتراف بمسؤولية الأفراد الجنائية في نص القانون الدولي ، فإن المسألة الكطروحة في الظرف المعاصر هي كيفية تطبيق القوانين الدولية على الأفراد الذين ينتمون إلى دول يعرف عنها اختراقها الدائم للقوانين الدولية ، ودعمها للأفراد الإرهابيين ، وترفض إخضاعهم لغير قوانينها الداخلية ؟ .
والمشكلة الكبرى تكمن في كون قوانينها الداخلية تبيح هذه الأعمال ( التي توصف بالإرهاب ) لذلك نقول إن الإرهاب والأعمال الإرهابية التي تمارس بواسطة الأفراد بدأت تخلق مشاكل مختلفة الأبعاد ، تؤثر في بعض قواعد القانون الدولي . الأمر الذي يتطلب اتفاق دولي لتنظيم وحماية الأمن الدولي المشترك للإنسانية من الأعمال الإرهابية للدول والأفراد ، مع زيادة فاعلية القانون الجنائي الدولي لتشمل قواعده ومبادئه الأعمال الإرهابية للدول والأفراد .
ومهما يكن من أمر ، وبما أن الإرهاب عانى من غموض في التعريف ، الأمر الذي يتضح في التعريف الذي تبنته " اتفاقية عصبة الأمم المتحدة لعام 1937 " المادة (1/2) ، والتي تحدد بأن المجرم يعني الإنسان . وذلك طبقاً للمبدأ المعتمد الذي يقول : << إما أن تسلّم وإما أن تحاكم >> (47) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و