الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة أكبر من ذلك

احمد عبدول

2014 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان العراقيين الذين لا يزالون يعانون مما , ابتلوا به من سياسات حكامهم وقادتهم وزعماؤهم , يبدو ان حكامهم هم الاخرون كان لهم جزء معلوم وحظ مقسوم من ذلك البلاء الذين ابتلي به الطرفان كلا حسب ثقله وتاثيره , فقد كان لاولئك القادة والحكام ممن حكموا الرعية وتولوا شؤون العامة ,جزء من ذلك البلاء الذي الذي حل بشعوبهم , تلك الشعوب التي جرت عليها الخطوب وتوالت عليها الحروب , حتى جعلتها في أوضاع لا تحسد عليها, بحال من الاحوال . ان مسؤولية قيادة شعب مثل الشعب العراقي المختلف دينيا ومذهبيا وعرقيا, اضافة الى ما يتمتع به من موقع جغرافي حساس ومتميز يمثل قلب العالم القديم (الشرق الادنى ) الحديث ( الشرق الاوسط) والذي جعله قبلة للطامعين ووجهة للغزاة الغاشمين على امتداد عمره التاريخي. ان مسؤولية قيادة هكذا شعب ليست بالمهمة الهينة والبسيطة , ولا شك ان ما تقدم من عوامل وأسباب ,قد ألقى بظلاله الكثيفة على طبيعة الشخصية العراقية والتي أصبح من الصعوبة بمكان تصنيفها من الشخصيات البسيطة , حيث تبلورت لنا شخصية مركبة قلقة تحمل الكثير من ألوان وسمات التضاد والتنافر بالإضافة الى عدم الركون والإذعان لأي سلطة مهما كانت ومهما تجبرت , أي إننا صرنا إزاء شخصية لا يمكن فك رموزها وطلاسمها بيسر وسهولة كما هو الحال بالنسبة لشخصيات اخرى في مجتمعات اخرى لم تمر بنفس الظروف ولم تخضع لذات المؤثرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية .
ان احد أهم وابرز الحقائق التي تغيب عن أذهان العراقيين وتعزب عن مداركهم في هذه المرحلة التاريخية الحساسة 2003ـ2014 , والتي شهدت وتشهد كرنفالات انتخابية متلاحقة , هو ان مشكلتهم الأزلية لا تكمن فقط بمن يتولى شؤونهم من الحكام والزعماء بل ان مشاكلهم تتوزع على عدة مستويات وتتفرع الى عدة موارد ومسارب ومشارب , تقف حائلا في طريق إنجاح تجارب من يتصدى لمسؤولية حكمهم بشكل واخر .
وللأسف الشديد فان العراقيين ما يزالون حتى كتابة تلك السطور يصرون على اختزال سائر ملفاتهم الخلافية في وجوه وشخصيات وأحزاب, ممن تولى شؤونهم وتصدى لقيادتهم ,وان كان مثل ذلك الكلام يحمل الشيء غير القليل من الصحة والموضوعية إلا ان الأمر لا يخلوا من تسطيح وقصر نظر في نفس الوقت , حيث تبقى الشخصية العراقية بالإضافة الى طبيعة الأرض والمناخ والموقع الجغرافي الذي يتمتع به العراق فضلا عن ضعفه كبلد قياسا الى بلدان محيطة به , لها سطوتها العسكرية والاقتصادية و السياسية وهو ما دفع رئيس الوزراء إبان العهد الملكي الراحل( نوري السعيد) الى عقد ما يسمى بحلف بغداد عام 1955 وذلك لجعل العراق في مأمن من التدخلات الإقليمية والدولية إضافة الى كسبه لأصدقاء أقوياء للدفاع عنه في حالات الحروب والأزمات .
ما يزال العراقيون يظنون, ان مشاكلهم إنما تكمن في من يحكمهم فحسب على الرغم من تعاقب عشرات الحكام عليهم والذي لم تزدد الأوضاع في عهودهم (برهم وفاسقهم) الا سوءا على سوء ,والسبب في ذلك هو ان الحكام لا يتحملون المسؤولية , لوحدهم وان كان لهم الدور الأكبر فيما ابتلي به العراقيون, كما ان العيب ليس في أبناء الشعب المبتلى بقدر ما يكمن العيب والخلل في أبعاد وتحديات ظلت شاخصة على ارض الواقع وعلى مراحل تاريخية زمنية متعاقبة .
العراق ومنذ الأزل كان وسوف يبقى أكبر وأعظم من قابليات وإمكانات ومواهب من يحكمه من حكام وشخصيات وأحزاب مهما أوتوا من قوة وحنكة وخبرة ودراية .
العراق بموقعه الجغرافي وضعفه ككيان سياسي, وتنوعه الديني والعرقي سوف يبقى يمثل مشكلة اكبر مما يتصوره البعض فلو إننا أخذنا من حكم العراق بعد التاسع من نيسان على سبيل المثال لو جدنا ان هنالك ثلاثة رؤساء قد تعاقبوا على سدة الحكم والمسؤولية فالسيد أياد علاوي والذي حكم لمدة ستة اشهر من العام 2004 قد صادفته في تلك الفترة الزمنية القصيرة جملة من المحن والخطوب والأزمات والتي , تكللت في حربي النجف والفلوجة واللتان كان لاندلاعهما عدة عوامل داخلية وخارجية ,وذات الأمر ينطبق ,على حقبة السيد إبراهيم الجعفري والذي امتازت أيام رئاسته في العام 2005 بتصاعد وتائر الشد والشحن الطائفي لتنتهي رئاسة الوزراء الى المالكي التي شهدت ولايتيه المتعاقبتين حزمة طويلة عريضة من الأزمات والمؤثرات والتدخلات الخارجية بالإضافة الى المناكفات والاصطفافات الحزبية والسياسية.
من كل ذلك نستخلص ان مشكلة العراقيين لا تكمن في من يحكمهم ولا في طبائعهم فحسب بل ان مشكلتهم تتضمن الكثير من الأسباب وتستبطن الكثير من العقد التي تتراكم في سلة واحدة ليكون من الصعوبة بمكان الفرز او الفصل بين محتويات تلك السلة المليئة بشتى المتناقضات والمتعاكسات .
يمكن القول ان مجمل الظروف المحيطة بالعراق والعراقيين لو كانت ظروف مواتية لوجدنا الكثير ممن حكموه قد قطعوا أشواطا بعيدة في طريق النجاح والتقدم لا فرق في ذلك بين السيد علاوي أو الجعفري والمالكي أو ممن يليهم في الحكم , والدليل على صحة ما نذهب إليه هو ان كل رئيس وزراء منتخب سوف يسعى جاهدا لإنجاح مشروعه السياسي وذلك لما يعود عليه وعلى حزبه وقواعده الشعبية والجماهيرية من مغانم ومكاسب ومعطيات لكن يبدو ان المشكلة اكبر من ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع