الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف بين الفصائل ....إلى أين ؟

عبد الإله بسكمار

2014 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عبد الإله بسكمار
العنف ليس ظاهرة جديدة بالجامعة المغربية ، فمن صراع جبهة الطلبة التقدميين ضد النظام نهاية الستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي إلى حظر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب واعتقال وتعذيب رموزه وقادته ( المؤتمر الخامس عشر ) بسبب المواقف العدمية من القضية الوطنية ( قضية استرجاع الصحراء المغربية أي وادي الذهب والساقية الحمراء منذ سنة 1974) والتي راجعت على إثرها مجموعة من مناضلي " إلى الأمام " مواقفها بعد تضحيات جسيمة لم تسجل بدورها أية مكاسب تذكر لصالح الشعب والوطن حتى لا نقول إنها تضحيات مجانية ، ولا ننس صراع الفصائل اليسارية فيما بينها ( نشير إلى جهة طلابية كانت ولا زالت تسمي نفسها " جذرية " ضد من تصفهم ب" الإصلاحيين " أو " الملكيين " أحيانا ولم يسلم من ذلك حتى فصيل التقدم والاشتراكية الذي أطلق عليه الحزب الشيوعي الملكي !!!! ) وصراع تلك الفصائل مع التيار الإسلامي منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي ، لكن في كل مرة كان يتم " لجم" العنف أو تركه يتمدد لفترة محدودة متحكم فيها وإلى أن يتم تبين الخيط الأبيض من الأسود في المشهد ، تجد الجهات الأمنية مبررا كافيا للتدخل وجمع وضرب الجميع / اعتقالات / تحقيقات / محاكمات يستوي في ذلك المتطرف مع المعتدل/ الإسلامي مع اليساري ولا يتوهمن أحد أو تيار ما أنه سيطر على الجامعة أو أحكم قبضته عليها ، لأن ذلك يعد في أبسط تصوربشري نكتة سخيفة لا تقنع حتى الأطفال الصغار ....جميع أعمال العنف بين الطلبة تعطي مبررا كافيا للإجهاز على الجامعة باعتبارها مؤسسة للتعليم والتكوين والتثقيف والبحث والإبداع أولا وقبل كل شيء فمن التسوير إلى إنزال الحرس الجامعي إلى مختلف تخريجات الإصلاح وإصلاح الإصلاح ....وتردي البحث الجامعي والعطاء الفكري والعلمي بموازاة مع ظواهرالاكتظاظ وقلة المردودية وهزال الشهادات ....
العنف غير مقبول من أي طرف كان ومهما كانت مبرراته ولا يسعنا بالمناسبة إلا أن نقدم تعازينا الحارة لأسرة الفقيد عبد الرحيم الحسناوي رحمه الله الذي راح ضحية صراعات لا تسمن ولا تغني من جوع كما راح قبله شباب في زهرة أعمارهم كابن العيسى أيت الجيد مثلا في التسعينيات ....مثل هؤلاء كانوا دائما وقودا لمختلف التيارات مع الأسف الشديد وللسياسة السياسوية التي لا يمكن أن تقدم شيئا للطالب الجامعي ولا للوطن بكل وضوح ....
عشنا ألوانا وأشكالا من السجالات في الجامعة ( لا ننفي أنها كانت مفيدة أيضا حينما تلتزم بقواعد الحوار السلمي والإقناع والاقتناع )بين مختلف الفصائل ( يوم أن كانت الفصائل بلون اليسار ) وحينما تصل أحيانا إلى التهجمات وأشكال العنف المتبادل فهي لا تستهدف في سياق طفولي مضحك إلا تصفية التيار الآخر واجتثاثه ومن ثمة إعلان الحرم الجامعي " منطقة محررة " أو " مؤممة " من طرف نفس التيار إيه والله ...ورغم مشاركتنا بشكل ما في الحياة الطلابية ونضالات الطلبة ، فقد كان كثير منا يرثي لمثل هذه الممارسات والحال أنها تخطئ الحساب دائما وتخلط بين التناقضات الرئيسة والثانوية والتافهة جميعا ...
الجامعات في كل أنحاء العالم ظلت تمثل " البؤر الثورية " دائما ، وعلى طرفي نقيض مع السلطات الحاكمة سواء كانت مستبدة أو ديمقراطية أو ترفع شعارات الاشتراكية والديمقراطية الشعبية ، كما أن السلطات ظلت توظف مختلف الوسائل والأساليب المباشرة والناعمة معا من أجل احتواء الجامعة وتطويعها ، ولا يفهم من هذا الكلام أنني أثمن العنف ، معاذ الله ، فهذا الأخير لم يكن حبيس الجامعة المغربية وحدها سواء بين فصائل الطلبة أو ضد السلطة ، لقد حدث أن نزل الطلبة إلى الشوارع في فرنسا ( ماي 1968) عبر احتجاجات عارمة وشكلوا نموذجا ثوريا لباقي الطلبة في أوربا وأمريكا ومختلف بقاع المعمور ، ورغم انفجار لحظات عنف بالغة الشراسة والقسوة حينذاك سواء من طرف قوات الأمن أو الطلبة ( دعا الفيلسوف جان بول سارتر إلى تدمير الجامعة ليس بالفهم المعرفي والحضاري ولكن باعتبارها رمز السلطة الحاكمة ) فإن هذا الشكل من العنف أدى إلى إزاحة الجنرال ديجول وإدخال إصلاحات أساسية على نظام الجامعات الفرنسية ، وأكثر من هذا فإنه أفرز تيارات سياسية وثقافية طرحت أسئلة المرحلة المقلقة ( أحزاب البيئة أو الخضر / ازدهار تيار البنيوية في الأدب وعلم الاجتماع والأنتروبولوجيا وتفكيك الأنساق والابيستيمولوجيا وتيار ماركيوز ومدرسة فرانكفورت ...) هذا وقلما سمعنا عن عنف بين الطلبة أنفسهم أو بين فصائلهم إلا في النادر الأقل ....
قد لا يكون هنا محل للمقارنة ، فمؤسساتنا ولله الحمد تحتل رتبا مرموقة في أسفل سلم جامعات العالم ، وبدل النضال الأفقي من اجل إصلاح فعلي ورقي حقيقي بالبحث العلمي والجامعي وتحسين ظروف الطلب والتحصيل يفضل البعض النضال العمودي عبر افتعال معارك مشبوهة تصل إلى حد العنف وإزهاق الأرواح ..... والعنف مرة أخرى مدان من أي طرف كان .....فما المستفيد ؟....وما الغاية ؟ وإذا كان السؤال من حق المواطن البسيط فالأجدر أن يطرحه المعنيون أنفسهم من إطارات طلابية وأساتذة ومسؤولين بمختلف مستوياتهم ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج