الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم مو عالبال

جواد كاظم البياتي

2014 / 4 / 27
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


يوم مو عالبال

استيقظت صباحاً كعادتي ، لأبدأ يومي الذي افترض دائماً بأنه يوم جميل بتصفيرة لأغنية من اغاني الصباح التي كنت اسمعها في الزمن الجميل والتي لازلت احفظها مثل : ( ياحلو صبّح ياحلو طلّ .. ياحلو صبّح نهارنا فلّ ) لمحمد قنديل او ( صباح الخير يعيوني صباحك ، ينورك لاح عالدنيا صباحك ) لعفيفه اسكندر او (ياصباح الخير يللي معانا ) لأم كلثوم و ( صباحك عراقي ) لجواد البياتي .. فوجدت صعوبة في اصدار الصفيرمن بين شفتي التي لم يخرج من بينهما سوى بعض الهواء المجرد من اي لحن والذي ينمّ عن خلل في شبكة العصب اللمفي ، وهذا يعني انني سأبدأ يوم (احوس ) مع انني لم اصطبح لحد الآن بأي وجه من وجوه عائلتي التي لازالت تغط في اغفاءة الغبش الثمينة بعد سهرة راقصة مع البق والحرمس وهي من نعم وكرامات مكب النفايات الذي لايبعد كثيرا عن المنزل . ولكني تذكرت الحلم القبيح الذي زارني في هذه الليلة . ايعني ذلك تفسير لذلك الحلم اللعين .. ربما .. لكنني لم اكن قلقاً لحد الآن ، وعندما أستبدلت ملابسي أهم بالخروج أخبرت الحاجة بشعوري (الفاكس ) لكنها راحت كعادتها تهوّن عليّ مصيبتي الاّ ان تركيزي على عدم شعوري بطعم الريوك وكان طماطه بالدهن الى جانب البيض المقلي في الجهة اليمنى من الفم وشعوري الاعتيادي بلذته في الجانب الأيسر ضاعف شكوكي وقلقي بأتجاه الأسوء. قلت في نفسي : لك ابو الشباب يمكن دخلنه دور الجلطات التحذيرية الخفيفة نتيجة اكل اللحوم والشحوم والسكريات والاملاح ! وهذا ما أدخلني في دوّامة دائرة شك مرعبة .
حملت نفسي للخروج من المنزل فخشيت ان يحدث لي أمر خارج عن ارادتي في الطريق ، وهذا ما أعلنته امام الحاجة . مما دفعها لتهيئة حالها والاستعداد لمرافقتي الى اي طبيب او مشفى اعرض له حالتي فيه، فقد حان دورها التاريخي لتثبت به حبها لي وترد كرم الزمن الذي جمعنا في اجمل عشرة وحياة . ولم اجد نفعاً على ثنيها لمرافقتي مع اصرارها الحديدي رغم مشاغلها الكثيرة داخل العائلة . اتصلت بصديق لي في مستشفى الشعب ولما اطلع على حالتي احالني فوراً الى طوارئ الشيخ زايد وهذا ماضاعف قلقي فقررت ان أتلوا وصيتي امام الصدّيقة الحاجة شفهياً معتمدا على كونها اقرب صحابتي ثقة ولا تحتاج لتوثيق مكتوب لأنها موثوق بها من قبل الجميع .
في مستشفى الشيخ زايد شخّصت الطبيبة الشابة الطيبة حالتي بشكل صحيح بعد ان قامت بفحص الضغط الذي بدا لها عاليا دون ان اشعر به انا وما هي الاّ لحظات حتى وجدت نفسي ممدداً على احد اسرة قسم الطوارئ تحت رحمة ممرضة هندية تنوّر وجهها العادي بمسحة من جمال ارض البخور والتوابل وعمق تاريخ الشرق وهي تغرز على ظهر يدي اليسرى كالولة زرقاء مزدوجة ومن خلال احداها دفعت الى جسمي دواء انبولة صفراء لتخفيف ضغط الدم الذي قرأه المقياس بدرجة 18 / 10 ومن خلال الفتحة الثانية ربطت الكالولة بكيس الكلوكوز المغذّي . بعدها بحوالي ربع ساعة عادت هذه الممرضة وسحبت ماعلّقته بيدي بأمر من الدكتورة المقيمة داخل صالة الطوارئ والتي ارسلتني للفحص السريري في قسم الجملة العصبية الذي لايبعد كثيرا ، ولم ينتظر الطبيب الشاب كثيرا كي يشخص علّتي ولا حتى ان يسألني فحركتين كان قد طلب مني فعلهما كانت كافيتان لقناعته بأني احمل فايروساً تسبب في التهاب العصب السابع في منطقة اللمف ، وتحت رعاية الحاجة العظيمة تراجع خوفي وتبدد قلقي فعدت انا الى الجريدة بينما هي توجهت الى المنزل ، متوجهين كلانا بالحمد الى الله على ماكان اعظم .
بعد الهدوء الجسدي والنفسي اتصلت بوالد صديق لي لازال مستمرا بالخدمة في قطاع الصحة بوظيفة معاون طبي في احدى مستشفيات بغداد العريقة ، فأرعبني بعد أن سمع بأرتفاع ضغط الدم الحاصل معي وأملا عليّ جملة من الأرشادات الصارمة لتجاوز هذه الأزمة ، ومن شدة الرعب الذي سببه لي هذا الرجل أسرعت الى احد الموظفين الصحيين القريبين لقياس الضغط ، وبعد ان تأكد من فاعلية العلاج الذي صرفه لي الطبيب الشاب صباحا في مستشفى الطيب الذكر الشيخ زايد طمأنني وبدد قلقي وتوتري خاصة وانه قرأ في مقياس خاص عنده نسبة السكر في دمي فقال لي بعفوية وثقة عالية : لاداعي لكل هذا القلق فكلنا مصابون بأضعاف ما أنت مصاب به واستمر على علاجك هذا وستكون بخير . ووعدني بأنه سيجري لي تدقيقا صحياً شاملاً في المستشفى الذي يعمل فيه بعد فترة الانتخابات النيابية ، وخشيت ان يسألني عن مرشحي المفضّل في الانتخابات لأن أفكارنا السياسية متقاطعة ولكن الحمد لله عدّت على خير .
خرجت من محل هذا الرجل وانا أشعر بالغبطة وكأنني جئت بقصد زيارته فقط .. فلم اعد اشعر بشئ مما جرى لي في هذا اليوم غير المتوقع . والمهم انه نزع فتيل القلق الذي كاد يفجّرني والذي تسبب به صديقي الاول الذي كان حريصا على حالتي اكثر مني .. ولكن بطريقته الخاصة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا