الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما قبل الأسد وما بعد الأسد .. هل مات سقراط في مدينته الفاضلة ..؟؟

بلال فوراني

2014 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية




حتى العيون التي في طرفها ( حولّ ) لا بد أن ترى أن الأسد هو القبطان الأول والأخير لقيادة السفينة السورية , والشراع الذي طرزناها لمدة ثلاث سنوات من صبرنا و منذ بداية هذه الأزمة ودخولنا في بحر عامها الرابع , يؤكد أن مقاس هذا الشراع لا يليق حقاً إلا بعقل هذا الرجل , سواء كنت معه أو ضده , سواء أعجبك أم لم يعجبك , فأنت في النهاية تحت أمر واقع يفرض عليك التمسك برجل أثبتّ أن وجوده أهم بكثير من رحيله , وأنه صمام أمان أمام الاعصار الذي اخترعوه تحت مسمى الثورة السورية القذرة . وأنه طوق النجاة الوحيد الذي تستطيع أن تتمسك به لآخر رمق دون أن تخشى من أسماك القرش العربية والغربية .

وبلاط الحكم في مدينتنا الفاضلة لم يعد نظيفاً كما كان من قبل , وحتى الرهبان الذين ابتهلوا بصلواتهم كي يكسرّ الله المعبد على رؤوسهم في حال لم يرحل الاسد , تراهم اليوم يقرعون كأس المصالحة مع عدوهم اللدود الذي كانوا يطلقوا عليه إسم النظام فيما سبق , وحتى الجواري العربية اللواتي كانوا يمارسون الرذيلة على سرير نصرة الشعب السوري , قاموا اليوم للاستحمام من فيض القذارة التي طالتهم وطالت حكوماتهم , واكتشفوا بعد ثلاث أعوام من النباح والنكاح أن الحمل المزعوم للثورة السورية حمل كاذب وفاشل بشهادة كل أطباء العالم الذين باركوا هذه الولادة منذ بداية الوحم العربي على تفتيت سورية .

لقد دخلت الأزمة السورية التاريخ من أوسع أبوابه , وفرضت على دول عظمى أساليب رخيصة للتعاطي مع الأحداث , وغيرت الكثير من المعادلات المحبوكة على طاولة التنازلات , وجعلت الشعب السوري يدفع الثمن أولا وآخراً من جيبه ومن دمه ومن أرضه , ولم يستطع أحد حتى الان في علم المنطق أن يفهم ما سبب صمود سورية حتى اليوم ولما لم تسقط حتى الان رغم كل التجييش الاعلامي الخليجي والغربي وتشويه الحقائق والاموال التي فاضت مثل حنفية ماء مكسورة من أرض الحجاز , ورغم كل الضغوط التي مارسوها على هذا البلد من تجويع وتكسير وترهيب وقتل وتدمير , ورغم كل كتائب الاجرام التي ارسلوها الى سوريا تحت ذريعة نصرة الدين , يقف المنطق مثل أبله يفرك أصابعه غيظاً وكرهاً عاجزاً عن فهم السبب وراء صمود هذه البلد .

واليوم نقف على أبواب المدينة الفاضلة التي شوّهوا فيها كل معالمها , وهي تقرع أجراس الانتخابات لمرحلة رئاسية جديدة سيكون بطلها بلا منازع هو بشار الأسد , وإن الرقص على حبال الأصوات التي ستنتخبّ في المرحلة المقبلة ستكون رقصة سخيفة لا طعم لها ولا لون , لأن المسرح الذي كان قبل الأسد قد تغير كثيراً عما بعد الأسد , واذا كان في السابق من يدلي بصوته مرغماً ومجبراً وخائفاً من السلطات الأمنية كما كلنا نعرف , فاليوم سيدلون أصواتهم بكل قناعة مكتسبة من التجارب القاسية التي عاشوها طوال ثلاث سنوات في ظلّ هذه الثورة , فقد زادت شعبية هذا الرجل وصار أملاً لمن لا أملّ له , وقارب نجاة لمن سفينته غرقت في مستنقعات الثورة السورية . وخاصة بعدما تبينّ حتى للأعمى أن هذه الثورة كانت محضّ خيال أجنبي لا تمتّ للواقع السوري بأي صلة , وأن كل الغارقين فيها ما هم سوى أدوات رخيصة وأبطال كرتونية احترق فيلمهم حين لامسهم نور الفينيق السوري .

وهذا لن يمنع أنه ستكون هناك هجمة إعلامية غير مسبوقة , تتجاوز الحناجر المؤجرة والاقلام المسيّسة والشاشات المنافقة , وستصل الى درجة الطعنّ في أحقيّة الأسد للترشح لهذا المنصب , وهذا أمر طبيعي ومتوقع في ظلّ وجود خيوط عنكبوت سوداء تحيك شباكها حول ما يحدث في سورية , وكل التصريحات التي سيقوم بها بعض من يحتلون مناصب سياسية أو اعلامية ما هي سوى غبار على حذاء سوري قديم , لأن قيمتها لا تساوي حتى كمية الأوكسجين التي ابتلعها كي يتقيأ علينا بتصريحه , لأن المدينة الفاضلة أثبتت أن قوتها ليست في تاريخها فقط , بل في جغرافيتها التي طحنتّ كل جيوش العرب المرتزقة التي داسّت أرضنا تحت ذريعة إنقاذ الشعب السوري .

وجوقة النباح التي سنسمعها بعد فترة من شيوخ البترودولار ولاحسّي الحذاء الامريكي , لن يكون له معنى ولا وزن في ظل وجود منطق واحد يقول أن من يملك الشعب يملك الأرض ومن يملك الأرض يملك التاريخ ومن يملك التاريخ لن يستطيع أحد قادم من خارج التاريخ أن يحوّره أو يزوّره , واليوم من يقرأ التاريخ يعرف أن سقراط كان فيلسوفاً خيالياً استطاع أن يبني مدينة فاضلة فقط في رأسه ولم يعرف أنه بعد آلاف السنين ستقوم هذه المدينة الفاضلة على أرض الواقع , وأن كل دروسه التي تعلمناها على يد تلاميذه لا تساوي درس واحد من دروس الجيش العربي السوري , وكل فلسفته عبر التاريخ لا تغني من جوع ولا عطش أمام صمود الشعب العربي السوري , وأن كل نظرياته ستقف عاجزة أمام النظرية التي كسرها حزب الله في معركته مع الأفعى الصهيونية , وأن أسم سقراط كان من التاريخ حتى جاء الأسد كي يكتب التاريخ مرة جديدة ويعزف سيمفونية نصر وصمود وكرامة لم يسمعها حتى بتهوفن في كل تاريخه الموسيقي .

-
-
-


على حافة المدينة الفاضلة

ما قبل الأسد تماما كما بعد الأسد
لم يتغير الأسد ولكن فقط
تغيرت الأصوات التي تطالب برحيل الأسد

بلال فوراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما قبل
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 27 - 18:59 )
سوريا الآن مدمرة والأسد لا زال رابضا على رأس السلطة مدعما من القوى العظمى ومن إيران كقوة أقليمية فاعلة ومن حزب الله الذي ترك بلاده بعد أن شقها إلى شقين ونازل الثورة التي تهدف إلى إسقاط الأسد وزبانيته . وها ثلاثة أعوام قد مرت ومستنقع سوريا تجمع فيه الشرفاء ونسبة هامة من الجيش الحر الذي انفصل عن جيش الأسد ومرتزقة حجوا للقتال بمحض إرادتهم وبأجرتهم أيضا وسوريا دمرت ولا زالت في طريقها نحو الدمار الكلي وربما يستعمل مستقبلا الدمار الشامل وإسرائيل لم تعد تخشى العرب لأنهم مشغولون بمشاكلهم الداخلية . والجولان محتل وسيظل محتلا من أجل سواد عيون إسرائيل المحتلة ليس للجولان فحسب وإنما للأراضي الفلسطينية . والشعوب العربية قامت في الربيع العربي المنصرم وتوقف في عطلة لا يعرف أنى ستنتهي . والشعوب العربية زاد بؤسها وانعدام أمنها ورفعت أسعار معيشتها وإلى هنا والأمر عادي جدا . وهمس العالم قائلا - هؤلاء العرب لا يفهمون حتى كيف يثورون -

اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-