الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة والقتل وسوء الفهم .

سيومي خليل

2014 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الكاتب : سيومي خليل
الجامعة والقتل وسوء الفهم .
-----------------------------------------------
يمكن الحكم على بلد من خلال الحكم على جامعاته، وكلياته ،ومدارسه العليا ،كأننا نحكم على توتر الخاطر من خلال إرتعاش اليد ،وجامعاتنا للأسف تعيش توترا لا ينتهي ،ولم يتوقف يوما ،وما زال كل يوم يضطرد ،ويتكاثر ،كبيض النمل الأحمر .
سنة 1975 ستعرف جامعاتنا لون الدم ،ستتسلل مدية حادة في الخفاء لحركية قلب النقابي عمر بن جلون،ولأسفل بطنه ، حينها سيختلط لون الطباشير بلون الدم ، وستعرف المقررات الجامعية عنوانا آخر بين دروسها ،عنوان يجمع بين كسل الطالب وعنفه الذي سيتزايد .
الجامعات كانت عين إدريس البصري ، وأعين أعوانه الجاحظة ؛ يعرف فيها من مع / ومن ضد ،و من يصلح ليكون كومسيرا وقائدا وضابط الغد ، ومن يصلح لكي يكون كرسيا في حزب إداري، ومن يصلح لتأكله رطوبة السجن، ومن يصلح ليكون عين آخرى للعين الجاحظة ، ومن يصلح ليكون لا شيء في المستقبل من أيامه .
الجامعات هي الحدائق الخلفية لمجموعة من الأحزاب والحركات التي يعجز خطابها على تجاوز أسوار الجامعة ، والتي تلعب على المتناقضات التي يحملها طالب جديد يحمل حلما غير تام ومعاناة وفقر كاملين ، إنها تشبه تلك المناطق الجغرافية التي كانت تتقابل فيها الجيوش لتقاتل بعضها بعضا في الحروب القديمة ّ،مع فارق أن تلك الحروب كانت تحترم شروطا كثيرة ،أما هنا فالشروط هي أول الضحايا...
ما وقع في جامعة محمد بن عبد الله بفاس ، ظهر المهراز ، للطالب عبد الرحيم الحسناوي، المنتمي لمنظمة التجديد الطلابي ، يعيد إلى الأذهان كرونولوجيا المواجهات الدموية الكثيرة بين الفصائل الإسلامية ، والفصائل القاعدية المتعددة والمختلفة ،والتي انتهت في حالات كثيرة ببتر للأعضاء ، أو تشويه للملامح ،وإلى حالات القتل الشهيرة التي إنضاف لها الحسناوي ، علينا ألا ننسى زبيدة خليفة التي اقتحمت رصاصة جمجمتها ، علينا أن لا ننسى المعطي بوملي وجثته المشوهة ، علينا ألا ننسى آيت الجيد محمد بنعيسى ... إنها صيرورة من المواجهات تدل على انعدام الجو المناسب للتحصيل العلمي وللعمل السياسي داخل الجامعات .
الجامعات تتنرح كديك هزيل مذبوح بمدية غير حادة لم تقتله ولم تترك له كامل النفس ؛ الفصائل كلها ، بتلاوينها الإيديولوجية والسياسية ، تتقمص مفهوم الميليشيات ، إنها تحمل العنف بدل حمل الأفكار والحوار والنقاش الفكري والسياسي . محاولة ربط العنف بفصيل النهج الديمقراطي القاعدي ، البرنامج المرحلي ، أو بفصائل قاعدية آخرى ، أو بفصائل إسلامية ، هو محاولة فاشلة لإخفاء عطب البلد بالكامل ، إن العنف صار منظومة مفكر فيها وواعية من السلوكات ، تظهر في الجامعة بشكل أكثر حدة ،وبشكل خاضع لإصرار غريب صادر عن الجهل بالعملية الساسية ، فالطلبة جميعهم يسقطون تحت تأثير التعبئة والحماسة ويغيب لديهم التفكير العقلاني .
من المدان في قتل كل هؤلاء ؟؟؟
لقد كانت الفصائل الإسلاموية تنهج السيف والساطور والشاقور طريقا للحوار ، لا تحاور إلا بعد أن ترى الدم ، ودخلت معها فصائل اليسار القاعدي في هذه الموجة كرد فعل أولا ، لأن دخول الفصائل الإسلامية لاتحاد الوطني لطلبة المغرب كان بإدارة مخزنية صرفة ، وكان يهدف لمحو دابر اليسار بإختلافاته جميعا ، لقد تولد العنف نتيجة عدم الرغبة في استحضار الحوار والنقاش .
المدان في العنف ،وفي القتل ،والتشويه ،هو سياسة الإقصاء التي نهجت بشكل متعمد .
المدان في العنف ،وفي القتل ،والتشويه ،هو سوء استوعاب العمل السياسي ،وسوء فهم الساحة السياسية ، وإبدال الأطراف فيها بتنانين لا يمكنها أن تتعايش مع بعض .
لقد حضر بن كيران جنازة الحسناوي ،وحضر وزيره الداودي ،وحضر آخرون ، بأي صفة حضروا لجنازة الفقيد الحسناوي ؟؟؟ إن كان حضورهم ذا طابع إنساني تضامني ، فلقد سبق موت الحسناوي موت لآخرين ؛ مات طالب قاعدي بفاس قبل موت الحسناوي ،مات محمد الفزازي ، لقد سقط طالب من أعلى بناية في مرتيل ، وجدت شابة مشنوقة في الرباط ... ألم يكن حريا برئيس الحكومة ببن كيران أن يحضر لجنازة هؤلاء الطلبة ؟؟؟ أكان لا بد أن يكونوا من منظمة التجديد الطلابي كي يحضر ؟؟؟.
إن إدانتا للعنف دائمة ،والقتل شر القبائح ، ويدل على منتهى حقارة القاتل ؛ لكن من هو القاتل تحديدا ؟؟؟ أهو من ينفذ المشهد الأخير من الفلم ،ويحمل ساطورا كي يدخله في رأس مخالف ؟؟ أم هو من يضع القاتل والمقتول في حلبة للتصارع ، ويؤثث الحلبة بكل أنواع الأسلحة ، والأفكار المريضة ؟؟؟.
لنعد الخيط إلى الخلف قليلا ،لنتتبع ما قبل موت عبد الرحيم الحسناوي المنتمي لمنظمة التجديد الطلابي ،سنجد عضو حزب العدالة والتنمية حامي الدين ،وقصة موت آيت الجيد بنعيسى ،وسنجد محاولة إستفزاز اليسار القاعدي في ظهر المهراز ،وسنجد ندوة لم يكن هناك داع للإخبار بها في جامعة كظهر المهراز ؛ هناك من إستنتج أنه نوع من الإنتقام لمقتل أيت الجيد بن عيسى ، لكن المتهم ،وللغرابة ، ليس الفصيل الذي كان ينتمي إليه الشهيد آيت الجيد ، بل هو فصيل عدو لفصيل آيت الجيد ، إنه النهج الديمقراطي القاعدي ،والذي كان دائما ما يعتبر آيت الجيد ليس شهيدا لليسار ، آيت الجيد انتمى لفصيل القاعديين التقدميين ؛ إن الإتهامات غير محبوكة جيدا، وهي ترتبطة بتحليلات غير واقعية للحدث .
لقد تم القبض على طلبة من فصيل النهج الديمقراطي القاعدي ، يجب تحري الدقة لمعرفة المسؤول، ويجب إسقاط الفكرة السابقة عن أن ما حدث هو نوع من الإنتقام ، لأن هذه الفكرة ستغطي على دقة البحث في الوقائع ، وستوجه الإتهامات للفصائل المعادية لمنظمة التجديد الطلابي ،خصوصا الفصائل القاعدية ، إننا نتجاوز الفصائل كيفما كانت من أجل البحث عن القاتل ، لكن في هذا الباب علينا أن نفكر ؛ ألا يمكن للقاتل أن يكون من منظمة التجديد نفسها ؟؟؟ ألا يمكن أن يكون منفذا لمخطط قصد محاربة اليسار في جامعة ظهر المهراز ؟؟؟ ألا يمكن أن يكون الأمر كله خاضع لنوع من الترتيب المضبط ؟؟؟
عزاؤنا لعائلة الفقيد ،عزاؤنا لكل الذين لا يحبون القتل ، عزاؤنا للذين يمارسون السياسة دون حمل مدية وسيف وحقد ، عزاؤنا لكل الذين لا يشتركون في مثل هذه المسرحيات التراجيدية المميتة ، عزاؤنا لمن يفهم السياسة على أنها حوار، عزاؤنا للذين يحملون هم التحصيل العلمي في الجامعة ، ويمارسون الفعل السياسي بعقلانية .
وليذهب كل الذين أسهموا في القتل إلى الجحيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحاول تبرير التشرميل القاعدي
عبد الله اغونان ( 2014 / 4 / 27 - 16:43 )

لاحق لاأحد في منع وزير في التواصل مع طلبة

ان كانت هناك تهم فالقضاء موجود

أما القيام بالارهاب فهذا مجرد تشرميل على من قام به مايستحق في الدنيا والاخرة

والرحمة لكل الشهداء

اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا