الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمعات الساكنة فى مواجهة المجتمعات الديناميكية

شريف عشري

2014 / 4 / 27
حقوق الانسان


+++ سر فك الشفرة بين المجتمعات الساكنة والمجتمعات المتجددة +++
فرق بين المجتمع الجامد الساكن والمجتمع المتجدد كالفرق بين المياه الراكده والمياه الجارية ...فالنوع الأول من المياه غير صالح للشرب فهو سام ومميت غير باعث على الحياة والنمو بينما النوع الثانى هو منبع ومصدر الحياة ...وكم من مجتمعات تخلفت وتجمدت وأدى تخلفها وتجمدها الى فناءها تقريبا دونما حتى أن تترك أثرا واضحا فى التاريخ بينما مجتمعات أخرى تقود العالم بأسره بتجددها ونموها ..ومابين التجمد والتجدد كلمة سر أو كود أو شفرة ينبغى أن تدركها الشعوب جيدا حتى تستطيع أن تختار مسارها وتحدد مستقبلها ...وتلك الشفرة يمكن أن تكمن فى (الحرية والمعرفة والفكر ) فتللك هى عائم أى تطور وتلك هى مفهوم الأساس الذى حوله تدور معظم تطلعات المجتمعات فى البسيطة ...والحقيقة أن المجتمعات المتجمدة الساكنة تفتقر فعلا لتلك المتطلبات الأساسية للحد الذى يحول معه تحقيق اى تقدم ممكن ...بينما المجتمعات المتطورة المتقدمة قد وعت الدرس تماما وقد بلغت مرحلة فك الشفرة بالعمل على زيادة نموها الفكرى والمعرفى من خلال الإنفتاح على ثقافات العالم واطلاق الحريات فى كافة المجالات الدينية الإجتماعية والثقافية والفنية والاعلامية والاقتصادية والسياسية

1- فالحرية الاجتماعية : لا تعنى التسيب والانحطاط والتحلل من القيم والعادات المجتمعية ككل بل تعنى التحلل فقط من تلك العادات الجامدة والمتخلفة التى لا تواكب الزمن ولا ترضى متطلبات العصر مع الإحتفاظ ب والتطلع الى عادات أخرى تنمى العلاقات المجتمعية وتهيىء لها البيئة الملائمة للنمو والتطور والانطلاق ...ولنضرب مثالا بسيطا على ما نقول : وهو ظاهرة التدين الظاهرى - تلك الظاهرة منتشرة انتشار النار فى الهشيم بين المواطنين المصريين -بكل اسف- مسلميها ومسيحييها ...فتجد مثلا المسلم حتى يظهر أنه ملتزم ومتبع لسنة رسوله ينبغى عليه التشبه به او بأحد شيوخه تشبها ظاهريا بارتداء الجلبية القصيرة واطلاق اللحية وحف الشارب والبعض يذهب لأبعد من هذا بأن يلوك السواك كل حين بحجة النظافة الشخصية وعملا بحديث الرسول أو أسوة به ...ناهيك عن المرأة المسلمة التى تظن أن تقربها لربها يأتى ويبدأ من خلال إلتزامها بالخمار ...حتى أنه قد إختلط الحابل بالنابل ورأينا كما من النساء المسلمات الدميمات الذين استغللن ظاهرة الحجاب فى طمس وإخفاء عيوبهن الخلقية فإتجهت المرأة الكرتاء الى الحجاب وكذلك تحجبت العرجاء والحولاء ...الخ من تلك العاهات ...هن ذهبن الى الحجاب ولسان مقالهن يقول أنهن ملتزمات بينما يبدو لسان حالهن أنهن لسن كذلك والدليل على هذا كم الفيديوهات الجنسية المصورة والتى تفضحهن وهن بالحجاب بل وبالنقاب .فلك ان تتخيل امرأة تمارس الجنس أمام الكاميرا وهى عارية تماما إلا وجهها وعليه نقاب !!!! ولك ان تتخيل مدى الاستغلال السىء لظاهرة النقاب بان يرتديه الرجل لكى يدخل ويختلى بالمرأة فى بيتها ووسط أهلها وفى حجرة نومها ...الخ إذن الحرية الاجتماعية والفكر الحر الليبرالى مطلوب جدا للمجتمع لكى ينمو ويتطور فى جانب من جوانبه ..ألا وهو الجانب الإجتماعى ...وضرورى جدا لأى مجتمع يسعى حثيثا للتطور والرقى أن ينبذ العادات المجتمعية البالية والتى لا تناسب الظرف الزمانى ويقبل بتلك التى تخرج من تحت عباءة الظرف الزمانى حتى لو كانت قادمة من مكان آخر ومستعدة لأن تتكيف مع المكان الحالى ..

2- أما بخصوص الحرية الدينية : فلنا رؤية فى هذا المضمار تقضى بأن المجتمع الجامد هو ذلك المجتمع الذى لايسمح بتعدد الأديان ولا يسمح حتى بالإلحاد .... بل يقصر القضية كلها على دين واحد ، وواحد فقط ، وقد يذهب لأبعد من ذلك بأن يحارب أو يدعو الى محاربةوتكفير الآخر بحجة أن دينه هو الصحيح وأن دينه هو تذكرة العبور للسماء والجنة والأبدية ....والحقيقة لو أن الأمر كذلك لكان الأولى بالله -له المجد- أن يخلق كل الخلائق على دين واحد ..لكن الله -له المجد- ديمقراطى جدا ومحب للحرية جدا بل ويحترم ويقدر تلك الحرية جدا ...فهو هو الله الذى لم يجبر أبانا آدم وزجته حواء على الأكل من الشجرة المحرمة ...هو فقط قد وجه إليهما التنبيه وأنذرهما بأللا يأكلان من الشجرة إلا ولسوف يموتا ..أى أن الله - له المجد - أصدر التنبيه ولوح بالعقاب ...ومن هنا نرى أن آدم كان له مطلق الحرية فى أن يأكل أو أن لا يأكل ..ولن نخوض فى تفاصيل القصة وإنما فقط إستعنا بها لكى نبرز حقيقة أن الله يحب الحرية للإنسان فكيف إذن بعد ذلك يأتى الإنسان ويكبل حرية أخيه الإنسان مهما كان المبرر الذى يسرده من وراء هذا التكبيل .....فلو كان مثلا مبرره أنه يحميه من نفسه ويطبق شرع الله فيه تمهيدا لإيصاله للجنة أو حمايته من جهنم ....فيمكن الرد على هذا المدعى والمتاجر بالدين والقول : فماذا عن الرب الذى من الأساس أعطى الإنسان الحرية فى إتخاذ القرار بصدد الأكل من الشجرة من عدمة أفكان من الأولى والأجدر أن يمنع الإنسان ويجبره قسرا أن لا يأكل من الشجرة ؟! ..لذلك نكرر ونقول المجتمع الذى لا يسمح بتعدد الأديان أو لا يسمح بوجود الإلحاد هو فى الحقيقة مجتمع جامد وغير متطور وسلوكه فى هذا المضمار حتما سوف يجلب المزيد من المتاعب لنفس ذات المجتمع بل ولجميع المجتمعات الخرى وللعالم أجمع ...فالحقيقة أن معظم النزاعات الدينية لم تخلف وراءها سوى الدماء والقتل والدمار ..بل وهناك دولا كثيرة إستغلت ظاهرة (فرض الدين الواحد وإعلاء كلمة الله ونشرها فى ربوع العالم ) فى إستعمار دولا أخرى بتلك الحجة ونهب ثرواتها .. فالعدوان الصليبى على دول العالم العربى جاء متسترا تحت راية الصليب ....والغزو العربى الصحراوى لمصر وغيرها من دول الشمال الأفريقى لهو مثال صارخ على مانقول وقد جاء متسترا تحت راية نشر الاسلام واعلاء راية أن لا إله إلا الله !! ...فلو أن ذلك المجتمع الصحراوى البدوى صادق فيما كان يدعى من أن غزوه ونهبه لثروات تلك البلدان هو مجرد فتح إسلامى وإعلاء راية لا إله إللا الله لمنح تلك البلدان حق تقرير المصير ... أو بعبارة أخرى نقول : فالسؤال الذى نحب أن نوجهه لأصحاب هذا الإدعاء ببساطة هو : ولماذا لما جاء عمرو بن العاص مثلا لكى يفتح مصر وينشر الإسلام فيها كما تدعون ..لماذا بعد انتشار الاسلام لم يرجع ادراجه من حيث جاء ولماذا حتى لم يسحبه الخليفة عمر بن الخطاب بقرار سياسى ؟... ولماذا لم يترك عمر بن الخطاب حكم مصر لأهل مصر؟ ...وما ينطبق على مصر يمكن تطبيقه على بقية الدول فى شمال أفريقيا . إذن قصة فرض الدين الواحد هى بلاشك يقبع ورائها المصلحة ولاشىء سواها ...تماما مثل استراتيجية إعادة الخلافة الإسلامية والتى ينتهجها الاخوان المسلمون هى مجرد فرقعة فى الهواء يستحيل تطبيقها عمليا فضلا عن أنها ستارا يتم به خداع البسطاء والجهلاء ، ولاسيما أن تلك الإستراتيجية إن حتى أمكن تطبيقها فوجهتها الأساسية هى المصلحة وليس نشر دين الله كما يزعمون ويروجون . ولهذا فنحن نؤكد أنها فكرة سفسطائية فسيفسائية يستحيل تطبيقها فى الواقع العملى نظرا للفجوة العلمية والاقتصادية والعسكرية بين دولة الإخوان - إن حتى قامت - وبين الدول المتقدمة التى تسعى الدولة الإخوانية الى إخضاعها وفرض سيادتها عليها .وعموما نقول أن التجربة العملية أثبتت أن المجتمعات التى تسمح بوجود الإلحاد ووجود تعدد الأديان وإحترام حرية الجميع فى الإعتقاد هى ذاتها المجتمعات التى حققت بونص كبير فى التقدم الاقتصادى والعلمى والعسكرى بل وافادت العالم بأسره من جراء تقدمها لأنها ببساطة لم تضن بعلومها وفنونها وثقافتها عن بقية المجتمعات المتخلفة الأخرى .

3- أما بخصوص الحرية الثقافية والإعلامية : فمن البديهى جدا أن ترى المجتمعات التى لا تحجر على فكر ولا تعتقل رأيا هى بالضرورة مجتمعات متطورة متقدمة متجددة قوية ...والتطبيق العملى على أرض الواقع أبلغ دليل وأفضل برهان للإثبات بل وخيرا من الكلام النظرى ...فالذى ينظر لحال الدول المتقدمة وحال الدول العربية المتخلفة يمكن أن يرى الأمر جليا بائنا واضحا وضوح قرص الشمس فى كبد السماء .أما عندما نتحدث عن حال حرية الفكر والثقافة والإعلام فى الدول العربية المتخلفة لسوف ينتابنا الحزن مما قد وصلت اليه تلك البلدان من انتهاك حرية الثقافة والحجر على حرية الإعلام ...ولى تجربة شخصية أحب أن أسردها هنا وتتعلق بتوقيفى فى جوازات ليبيا عام 2002 م بسبب حيازتى مرجعا فى الإحصاء باللغة الانجليزية ...ولك أيها القارى أن تتخيل مدى المهزلة أن يتم توقيفى فى الجوازات بسبب مرجع علمى فى الإحصاء وكل ذنب المرجع أنه مكتوب باللغة الإنجليزية ..وقد تعرضت آنذاك للتحقيق الموسع والسين والجيم حتى كنت على وشك أن أتخلف عن الرحلة التى كنت قادما معها الى أن أنقذتنى عناية السماء وبعثت برجل يفهم الإنجليزية فعرف ماهية المرجع والهدف من دراسته وأنه بعيد كل البعد عن السياسة فتم إنقاذى والتحقت بالركب مرة اخرى !! ... ناهيك عن أن دولا أخرى عربية كالسعودية وغيرها الى الآن لا تسمح بدخول زوارها ومعهم كتبا فى السياسة أو الفلسفة أو العقائد الأخرى غير العقيدة الإسلامية ..والسؤال هنا ..لماذا تتخوف تلك الأنظمة الحاكمة من الثقافة والإعلام الى هذا الحد ؟ والإجابة بسيطة وتكمن فى أن الثقافة هى بمثابة المذبح الذى يمكن أن تذبح عليه تلك الأنظمة الديكتاتورية وبسيف الإعلام ...تلك مجرد أنظمة ديكتاتورية أرادت أن تستمر فى الحكم ووسيلتها هو تحييد وتمييع عقول مواطنيها بل وإشغالهم بما يمكن أن نطلق عليه بأنه الفكر الواحد ..او بما هى قضايا هلامية : كدورى كرة القدم وطبقك اليوم واذكار الصباح والمساء وغيرها من القضايا التافهة والتى تجعل من المواطن مجرد ترس فى آلة كبيرة والتى تجعل منه مجرد روبوت متحرك غير مبدع وغير معترض بل نمطى جدا وروتينى حتى الثمالة .

4- أما بخصوص حرية الفن والابداع فهى امر هام جدا لاطلاق العنان لاى مجتمع لكى ينمو ويتطور فالحقيقة ان كل مجتمع متقدم هو بالضرورة مجتمع عرف ماهية الحرية والابداع ..مجتمع لم يحجر على فن ولم يقيد مبدع ...لأن الفن فى مجمله رسالة هامة تنمى المعرفة وتربى التذوق وتنعش الفكر وتطلق العنان للخيال ..فأى فكرة ناجحة يسبقها خيال وبشىء من التصميم والارادة يمكن تطبيق الفكرة وجعل الخيال واقع ....زمان كنا نشاهد جميعا افلام مثل افلام الخيال العلمى وافلام جيمس بوند وكنا نرى فيها ابوابا تفتح اوتوماتيك وتغلق اواتوماتيك او نشاهد أناسا يتحدثون الى بعضهم البعض بتليفونات بدون أسلاك أو كنا نشاهد فى تلك الافلام أناسا يشاهدون شاشات تليفزيون تراقب منزلا بأكمله بحديقته الداخلية وأسواره الخارجية ..وقتها كنا جميعا نأخذ الموضوع على أنه خيال وغير ممكن التطبيق .. لكن سرعان ما اصبح هذا الخيال واقع ....شاهدنا جميعا مسلسلا مثل مسلسل جذور the roots وتعرفنا من خلاله كم الذل والهوان الذى عاناه إخواننا فى أفريقيا على يد المستعمر فى أمريكا مما رسخ فى اذهاننا جميعا قيمة الحرية ومحاربة العبودية ...شاهدنا قصصا وافلاما وشاهدنا دراما واكشن ورعب وخيال علمى ومازلنا نشاهد ...شاهدنا مثلا اعمالا تنبىء بقرب قدوم ثورة مثل تلك التى حدثت فى 25 يناير ...شاهدنا اعمالا تبرز الوجه القبيح للارهاب ....شاهدنا اعمالا تنبىء بكوارث القطامية والعشوائيات وتشرح المجتمع المصرى وتبرز اسوأ مافيهعلى قدر ما تبرز أفضل مافيه ...الخ ...وبالرغم من ان تلك الاعمال فى حد ذاتها يمكن النظر اليها بمثابة أشياء وأعمال تروح عن النفس من بعد عناء ومجهود ذهنى وبدنى لوم عمل شاق ، إلا انها بالاضافة لذلك قد تدخل فى الشعور والوجدان قيما اخلاقية عالية بل وتنمى الذوق العام لدى المشاهد والجمهور بل وتثير عقله وفكره وهذا هو المطلوب !! .. .والفن لا نقصره هنا على مجال السينما والدراما وحسب بل يمتد الى كافة مجالات الفن من رسم ونحت وزخرفة ورقص ...الخ من المجالات المختلفة للفنون والتى كل منها يخدم حسب ذوق ورغبة المتلقى فينمى فيه ناحية معينة من النواحية النفسية والإنسانية فيرتفع وجدانه وينشط عقله ويكون عضوا فعالا فى المجتمع .

5- أما بخصوص الحرية السياسية فلك أيضا أن تتخيل مدى التطور الهائل التى بلغته المجتمعات المتقدمة من جراء إحترام الإنسان وإحترام حريته وآرائه السياسية .. فالإنسان كائن مدنى (سياسى ) بطبعه بمعنى أنه يميل الى العيش فى مجتمعات وتلك المجتمعات لابد وبالضرورة ان يحكمها قانون يرتب العلاقات فيما بين أفرادها وبعضهم البعض كما ان تلك المجتمعات يحكمها أيضا دستور وهذا الدستور يكون بمثابة العقد الإجتمعاى بين الفرد وبين مؤسسات الدولة التى يعيش فيها ...وهذا العقد الاجتمعاى المبرم بالضرورة لابد وأن يرتب حقوقا للفرد إزاء الدولة كما يرتب عليه ايضا إلتزامات ومن الناحية الأخرى فإن العقد ذاته يرتب حقوقا للدولة على الفرد وإلتزامات على الدولة تجاه الفرد ..فالعلاقة هنا فى إتجاهين ولا يمكن ان تكون بأى حال من الأحوال فى إتجاه واحد وتلك هى الفلسفة السياسية التى تقوم عليها المجتمعات الغربية ومن ثم فليس من المستغرب ان يتقدموا لأنهم بلغوا مرحلة الرشد السياسى وإطلاق حرية وإحترام المواطن كإنسان أولا وكمواطن ثانيا له ما له وعليه ما عليه ! على النقيض إذا ما نظرنا لحال الدول المتخلفة لوجدنا السقطة الكبرى وهى أن مواطنيها مجرد خدام وعبيد لمؤسسات الدولة ... وأن الكل يعمل فقط لخدمة من هم فى السلطة ولاشىء غير ذلك ...تلك المجتمعات المتخلفة يحدث بها ثمة زواج كاثوليكى بين السلطة ( الحكومة بجهازها التنفيذى المترهل والهرم و على رأسها الملك او رئيس الجمهورية أيا كان النظام السياسى فيها ) وبين المال ( أى أصحاب رؤوس الاموال ) ومجتمع على هذا النحو لا تستغرب من أن يتفشى فيه الظلم والفساد على كافة الأصعدة والمجالات ...مجتمع مثل هذا مجتمع جامد غير متطور يزيد الفقير فقرا ويزيد الغنى غنا ..مجتمع مثل هذا يمثل الجنة لذوى السلطة ومن والاهم فى حين أنه يمثل السعير لمن لا ظهر له ... ببساطة مجتمع مثل هذا لا يعدو عن كونه مجتمع الغبن والظلم .

6- أما بخصوص الحرية الاقتصادية فلك أيضا أن تتخيل أن الانظمة المتقدمة ماكان لها أن ننعتها بلفظة متقدمة لولا أنها قد حققت تطورا واضحا فى الحياة الاقتصادية ...فمعظم المجتمعات المتقدمة اقتصاديا هى فى الحقيقة تعتنق الفكر الليبرالى الحر والذى ينعكس على الاقتصاد بفكرة الاقتصاد الرأسمالى المعتدل او ما يسمى أحيانا باقتصاد السوق الحر وتفاعل قوى العرض والطلب ... فالبيئه هنا تكمن فى حرية المنتج من حيث الدخول فى الانتاج أو الخروج منه وحرية المستهلك من حيث الشراء تحت اسعار المنافسة التامة وحرية الاسواق حيث ضرورة وجود قوانين محاربة الاحتكار ...الخ من سمات النظام الراسمالى المعتدل والحر ...فمجتمعات مثل تلك المجتمعات هى التى استطاعت ان تشترى الخام والمنتجات غير تامة الصنع من الدول المتخلفة بسعر بخس وتعيد بيع المنتجات تامة الصنع لنفس الدول وبأسعار باهظة ومن ثم نرى أن تلك البلدان قد حققت فوائض وارباح خرافية من جراء التجارة الخارجية بينها وبين تلك المجتمعات على هذا النحو ....فعلى سبيل المثال دول الخليج مثلا تبيع البترول للدول المتقدمة بسعر ما وفى نفس الوقت تستورد منها منتجات تامة الصنع باسعار أعلى بالضرورة هى الخاسرة وبالضرورة الغرب يتفوق عنها ويسخر منها بل ويسخرها لخدمته . دولة مثل مصر مثلا تبيع القطن الخام بسعر ما وتستورد المنتج النهائى من ملبس بسعر أعلى فهى بالضرورة تخسر... ناهيك عن أن معظم واردات مصر من الغذاء... وهذا من سخرية القدر أن تكون مصر هبة النيل وتستورد غذائها من قمح وخلافه . ..وماسبق يمكن أن نضيف عليه نقطة غاية فى الاهمية وهى انه اذا افترضنا ان دولة متخلفة اقتصاديا مثل مصر تطبق مثلا اقتصاد السوق الحر فحتى تطبيقها لهذا النظام لايكفل نجاحها لسبب بسيط وهو وجود التسربات التى تحدث فى الناتج القومى نتيجة الفساد أو لو افترضنا انه لاتوجد تسربات بسبب الفساد ( وهذا افتراض غير واقعى ولكنه لغرض التبسيط ) فانه قد يكون هناك سوء توزيع فى الدخل وهذا ماهو حادث وماعمق تلك المشكلة النظام الضريبى الهالك الذى يجعل من الوعاء الواحد مرتع للعديد والعديد من الضرائب المباشرة والغير مباشرة ناهيك عن ان عبئها يتحمله الفقير ولا يشعر به الغنى فيزداد ايضاالفقير فقرا ويزداد الغنى غنا ..

جملة القول فى كل ما سبق هو أن المجتمع المتجمد هو ذلك المجتمع الذى يريد البقاء مكانه متجمدا بدون اى حركة طالما لم يصل بعد لمرحلة فك الشفرة والأخذ بمتطلبات التجدد من حرية ومعرفة وفكر ....ذلك المجتمع مكتوب عليه الفناء مالم يأخذ بمقومات المجتمع المتجدد ويفك الشفرة على النحو المتقدم والسابق ذكره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين