الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارة العقائد و السياسة

بثينة رفيع

2014 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تجارةُ العقائدِ والسياسةِ !!
يقولُ الكاتبُ وليم شكسبير : الأحمقُ يرمي سَهمه دونَ أنْ يُحدّد وجهَتَه . شكّلت حركاتُ التحررِ الوطنيِ بعدَ الحربِ العالميةِ الثانيةِ أحزابها السياسية في مواجهةِ الاستعمارِ ، ومثّل الإطارُ الأيديولوجي لهذهِ الأحزاب جذباً فكرياً وسياسياً لآلاف الشباب الذين تسلّحوا بالمعرفةِ الفكريةِ الوطنية إلى جانبِ الكفاح ِالمُسلّح ، أنجزَت هذه الأحزابُ مرحلةَ التحرّر الوطنيِ وحقّقت إستقلالَ بلادِها لا بالسلاحِ وحدَه بل بالكادرِ المثقفِ الذي أدركَ طبيعةَ مهمّتَهُ الوطنية المرحليةَ مُتسلحاً بفكرٍ ثوريٍ مُتزن يؤهلَهُ لخوضِ دورهِ في البناءِ بعدَ اكتمال مرحلة التحررِ الوطني ، ساهمَ هذا الوعي بنقلةٍ نوعيةٍ للمجتمعاتِ نحوَ التطورِ الاجتماعيِ والإقتصادي ،و لم تكنْ التنظيمات الفلسطينية غائبةً عن واقعِ هذهِ المرحلةِ فشكّلت أُطرها التنظيميةِ تحتَ ضغط متطلبات مرحلة التحرر وأهملتْ بناء الجانبَ الفكري بشكل سويٍ وبالرغم من إعتناقِ معظمها الفكر الاشتراكي كطريقٍ للتحررِ الوطني كالجبهةِ الشعبيةِ والديمقراطية والحزبِ الشيوعي الفلسطيني مع ذلك أهملت هذه التنظيمات أولويةَ التثقيف الذاتي الذي يحصّنُ به الكادر وعيه وهويقاتلُ على جبهةِ معركةٍ ضدَ عدوٍ يمتلك ُ كلَّ أساليبِ الإسقاطِ النفسيِ والوطنيِ . في حقبةِ السبعيناتِ والثمانيناتِ من القرنِ الماضي كانت التنظيمات الفلسطينيةِ تجنّدُ أطفالَ فقراءِ مخيماتِ الشتاتِ الفلسطينيِ ممن لم تتجاوزَ أعمارِهم الخامسة عشر !!وتزجُ بهم في أتونِ الحربِ الأهليةِ اللبنانية مُستغلةً الرّوحَ الوطنية َلهؤلاءِ وتنامي الجانب العاطفي لمفهوم الوطن ، هذا الحماس الوطني أسقطَ المئات منهم في معركةٍ ليست معركتهُ ولم تكن من بينِ أهدافهِ وتمًّ استغلالهم في تصفيةِ حساباتٍ إقليميةٍ وداخلية بين التنظيمات الفلسطينية ،العديد منهم قضوا وهم يعتقدونَ إنّ مافعلوه كان من أجلِ فلسطين؟؟؟ . يروي الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في مسرحيتهِ الأيدي القذرة قصةً تدورُ أحداثَها في فرنسا بعد الحربِ العالميةِ الثانيةِ حولَ تنظيمٍ سريٍ يسعى للإنقلابٍ على الحكم كلّفَ أحد كوادرَه باغتيال ِ الحاكمِ مُستغلاً حماسَه وإندفاعَهُ الثوريُ ،أنجزَ الشابُ مهمَتهُ وحُكمَ عليه بالمؤبدِ، قضى ثلاثين عاماً توالت خلالهَاعلى البلد الذي إغتيل زعيمها الطاغية قيادات سياسية كثيرة ...وشاءت الأقدار أن يصل الحزب الذي إفتداه هذا الشاب بحريّته للحكمِ
فأفرجَوا عنه واحتفل الحزب بخروجِهِ، وفي اليومِ التالي رتّبَ جولةً له في المدينةِ اندهش الشّاب عندما رأى أحد تماثيل الطاغية الذي قتَلَه في أكبرِ الميادين !!وعندما سأل كيف يكون لطاغيةٍ سرقَ حياتي لسنواتٍ طويلة في السجنِ تمثالاً وأنتم تحكمون !!فأجابوهُ إنِّ السياسةَ تستوجبُ ذلك!! وهي ذاتُ السياسةِ الفلسطينيةِ التي تحكمُ واقعَ المصالحةِ المجهولةِ الآن ؟؟ بعدَ أن أُزهِقت أرواحُ الكثيرين من أبناءِ الشعبِ الفلسطيني وإستُبيحت الحرمات تحت مسمياتٍ غير وطنية وتكفيرية !!إنها السياسة التي بسببها تمزّق النسيجُ الاجتماعي في قطاع غزة وتغيّبت قيمٌ أخلاقيةٌ وإجتماعيةٌ لا يصلحُ بغيابها استقامةَ أي مجتمعٍ وهي السياسةُ ذاتها التي جعلتْ من حماس حصاناً خشبياً يقفزُ فوقَ إتفاقيةِ أوسلو كبهلوانِ السيركِ المتنقلِ لتحكمَ وهي لاتعترفُ بإسرائيل ولا باتفاقيةِ أوسلو التي أفرزت هذا الإستحقاق الديمقراطي مبررة إنتقائيتهاالعقائديةَ و الوطنية تحت مبررٍ ساذجٍ بأن الإنتفاضةَ الفلسطينية الثانية ألغت ماقبلها من واقع سياسي !! وإذا صحّ ذلك فهل تُجَبُّ العقائد والمبادئ هل يستوي ذلك !!إنها السياسة تطحنُنا وتسفكُ الدماءَ في الشوارعِ ،تجعلُ من قادة الصفِ الأوّل وطنيينَ تارةً وتارةً أُخرى مُجرد عُملاء وجواسيس يتسابقونَ على نهجِ الإنحدارِ الوطني بالتنسيقِ الأمني مع الإحتلالِ الإسرائيلي وقتل وتسليمِ الشرفاء . عندما يقفزُ الوعي الفصائلي قفزتَهُ المشوّهة َويتغلبُ على الوعيِ الفكري والعقائديِّ تاركاً خلفَه كادراً مترهلَ الوعي يقفُ بين مايتوّجب عليه فعله وبينَ ماهو قائمٌ عليه ولا حيلةَ له بتغييرهِ أو رفضِه يتحوّلُ العملُ الوطنيَ لتجارةِ تجزئة خاسرةٍ ، أما المبادئ والقيم وأخلاقُ الثائر فلها سوقِها الذي تُصرفُ فيه وأنتم تخبرونَهُ جيداً ، وحتى لا نباعَ كلنا مع ماتبقَى من هذا الوطن وبتجربةً رُبما تكونُ أكثرَ قسوةٍ من تلكَ التي شهدناها عام ٢-;-٠-;-٠-;-٧-;-. حددوا لهؤلاء سقفنا الوطني وأجبروهم على الإلتقاء تحتَهُ بالقوةِ ربّوا كوادركم الوطنية تربية عقائدية تُحكّم الفكرَ والفكرةَ قبل حُكمِ الفتاوي والسلاح ،أُخرجوا وأخرجونا من سجن الانتماءِ الفصائلي الذي علِقَ فيه بطل مسرحية سارتر لثلاثينَ عام دون جدوى !! حتى لانصحو ذات يوم ونرى تماثيلاً لأعدائِنا التاريخيين في ساحةِ الشهداءِ!! ليُقالَ لنا بعد ذلك السياسةُ تستوجبُ ذلك!!!!
بقلم (بثينة رفيع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام تستهدف آلية إسرائيلية بحي الصبرة وتقصف قوات في محور ن


.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما دلالات تهديد بايدن بوقف إمدادات السلاح




.. قوات الدعم السريع متهمة بجرائم تطهير عرقي في غرب دارفور


.. تعرف على حجم إنفاق الأندية الإنجليزية في سوق الانتقالات بدور




.. العالم الليلة | إسرائيل: فجوات اتفاق الهدنة لا يمكن حلها.. و