الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول أيار والإرهاب والحرب

بدر الدين شنن

2014 / 4 / 28
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


يأتي أول أيار ، هذا العام أيضاً ، والطبقة العاملة السورية ، تمر في ظروف سياسية داخلية مضطربة ، وظروف حرب إرهابية ، تشنها قوى إقليمية رجعية وغربية استعمارية ، بواسطة جيوش إرهابية دولية " قاعدية الانتماء والهوى " .. متطرفة إلى درجة التوحش ، ومعادية للديمقراطية أيديولوجياً وعملياً إلى حد التكفير وشرعنة الذبح ، غايتها تدمير سوريا بعراقتها التاريخية ، وتنوعها الحضاري ، ومكانتها الجغرافية ، وثرواتها الطبيعية ، لصالح مخططات منظومة دولية تضم ( أميركا ، والاتحاد الأوربي ، ، ودول رجعية عربية ، ومنظمات إرهابية ، وإسرائيل ) وذلك للإطباق على الشرق الأوسط سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، ضمن مشروع الهيمنة الرأسمالية على العالم . وعليه ، من الضرورة بمكان الاحتفال بأول أيار في سوريا ، انطلاقاً من أرضية هذه الظروف ، وارتداداتها ، وتداعياتها ، على البنية الاجتماعية السورية بعامة ، وبنية الطبقة العاملة بخاصة . وكذلك من أرضية متطلبات واستحقاقات هذه الظروف ، التي تسم المرحلة النضالية العمالية والوطنية الراهنة .

بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية الحادة ، والحرب الإرهابية الدموية المدمرة ، تجسدت معطيات .. حقائق .. جرائم مرعبة .. صارت جزءاً من الواقع السوري الراهن ، وستبقى جزءاً من الواقع السوري المقبل لسنوات غير قليلة

لقد قتل ، حسب الأرقام الرسمية والإعلامية الخارجية ، أكثر من مائة ألف مواطن . وأعيد إرهاباً وقهراً ، انتشار ملايين السكان ، بين الأرياف والمدن وعبر الحدود إلى الخارج . ودمرت قرى وبلدات صغيرة كثيرة . ودمرت شوارع وأحياء بكاملها في مدن متوسطة وكبيرة . واستهدفت بالتدمير مشاف ومدارس وجامعات ودور عبادة . وأصبحت ملايين عدة من النازحين والمهجرين والمحاصرين تحت خط الحاجة للمعونة الغذائية . وتوقفت إلى حد كبير عملية الانتاج ، وتم تفكيك وسرقة العديد من المصانع خاصة في العاصمة الصناعية حلب . واستهدفت البنى التحتية ، والقدرات الاقتصادية .. الصناعية .. والزراعية .. والتجارية .. والسياحية . . واختطفت مساحات من حقول البترول ، وأدخلت الكهرباء ولانترنت ضمن أهداف التدمير .
وتقدر الخسائر المادية الاجمالية ، حسب تصريح رئيس الحكومة ، بأكثر من أربع تريليونات دولار . أما الخسائر الانسانية الاجتماعية ، فهي أكبر حجماً وأثراً . وأكثر المؤثرات ضرراً على البنية الوطنية ، هي أن الظروف الراهنة ، قد فرضت على القوى والمكونات الشعبية بعامة ، التعامل مع الحرب ومصاعبها ومآسيها بأشكال مختلفة ، أو الانخراط فيها ، دفاعاً عن البلاد ، وعن حق الحياة والبقاء ، وأنها ، أي الظروف ، قد عطلت حركة التفاعلات الاجتماعية السياسية ، ودفعت إلى الانشغال في الحراك الوطني ، لمواجهة الإرهاب وأمراء وأثرياء الحرب . ما أدى موضوعياً ، إلى تجميد الصراع الاجتماعي الطبقي التقليدي . حيث لم يعد وارداً الحديث عن النقابات والطبقة العاملة ، والخيارات الاجتماعية السياسية الطبقية ، في وقت توقفت فيه عملية الانتاج تحت ضغط القصف المدمر ، وفي وقت تجري فيه عمليات السطو الإرهابي على المعامل ومراكز الانتاج هنا وهناك .

ولم يعد وارداً المطالبة بالتحشيد النقابي والسياسي العمالي الواسع في أول أيار ، تحت شعارات مطلبية وطبقية ، في وقت يجري فبه تهجير الكثير من العمال ، خارج نطاق سكنهم والمعامل التي يشتغلون فيها ، وخارج إدارة وصلاحية النقابات وبقايا أحزاب عمالية تفليدية ، وأصبحوا يشكلون مع النازحين والمهجرين بيئة أخرى لها خصوصيتها واحتياجاتها ، وذلك إلى أن تتبدل الظروف الحربية الراهنة ، بظروف السلام والأمان ، وتعود للمجتمع سماته الاجتماعية السياسية " الطبيعية " .

بيد أن الطبقة العاملة السورية ، سواء كانت في المدن المعرضة للقصف والحصار والغلاء والتجويع ، وخسارة خدمات البنى التحتية بشكل شبه دائم ، أو في المخيمات التعيسة المذلة ، لم تتخل عن مشاعرها العمالية الطبقية والتزاماتها الاجتماعية النضالية السياسية ، وإنما هي تعبر عنها من خلال مشاعرها والتزاماتها الوطنية التي تتطلبها المرحلة الراهنة . لأنها تدرك ، أن ليس لها حضور كياني متميز تبني عليه موقعها وحركتها النضالية بلا وطن يحتضنها .. ويحتضن مطالبها وخياراتها .

وعلى خلفية ظروف الاضطرابات ، والإرهاب ، والحرب ، يتحدد الشعار العمالي الوطني للطبقة العاملة السورية ، في أول أيار ، هذا العام أيضاً .. وهو إنقاذ الوطن من الإرهاب ، ومن أجل تحقيق هذا الهدف تشتغل الطبقة العاملة وكافة الوطنيين الشرفاء . وتدعو الرفاق العمال في العالم .. في الأطر النقابية .. والسياسية .. والثقافية الثورية .. للتضامن مع الشعب السوري وطبقته العاملة ، في معركتهما ضد الإرهاب الدولي .. وفي معركتهما الديمقراطية الاجتماعية العادلة من أجل دولة جديدة ، متحررة من كل أخطاء وخطايا الماضي ، ومن كل أشكال التدخل الأجنبي ، دولة قادرة على بناء مجتمع جديد ، تنمو فيه مقومات نضالات الطبقة العاملة النقابية والسياسية وتطلعاتها في المراحل المتوالية في المستقبل .

لقد خاضت الطبقة العاملة السورية الكثير من النضالات ، من أجل الاستقلال الوطني ، لاسيما الاضراب العمالي الذي تحول إلى إضراب شعبي عام ، استمر ستين يوماً عام 1936 ، ومن أجل الحريات النقابية ضد القوانين القمعية للحريات العامة مثل المرسوم ( 50 ) أيام الديكتاتور الشيشكلي . وكانت التجمعات العمالية تشكل ركائز المقاومة الشعبية الهامة ضد الحصار الاستعماري 1957 . ولعبت دوراً لافتاً في دعم الشعب المصري إبان العدوان الاستعماري 1956 ، فقد قطعت تدفق النفط عبر أنابيب الشركات الغربية الاستعمارية العابرة للأراضي السورية . وعززت النضال الشعبي من أجل الاستقلال الاقتصادي . وناضلت من أجل .. ودعمت .. إنشاء قطاع عام صناعي خدمي .. وتأميم صناعة البترول .. وخطوط نقل بترول الشركات الاحتكارية في سوريا .

والطبقة العاملة السورية ، قادرة مع القوى الشعبية الأخرى ، على مواجهة ظروف وتحديات الحرب الإرهابية ، من أجل تحرير كامل التراب السوري من سطوة الإرهاب الدولي والتدخل الأجنبي ، وإعادة بناء مقومات البقاء والحياة الآمنة الكريمة فيه ، ومن أجل إعادة وتجديد عملية الانتاج ، وعودة البنى الاجتماعية والسياسية والنقابية المتفاعلة ، لصالح أفاق أكثر حرية وعدالة وكرامة .

وسيبقى أول أيار .. عيد العمال العالمي .. رمزاً لوحدة ونضال الطبقة العاملة في العالم .. من أجل عالم .. خال من استغلال إنسان لإنسان .. واضطهاد شعب لشعب آخر .. تحت كل عناوين النضال التحررية .. الوطنية .. والقومية .. والاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د