الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال غزة يكادون أن يشيخوا من شدة البطالة ....

ريهام عودة

2014 / 4 / 28
الادارة و الاقتصاد


يستيقظ مبكراً مع أول صياح لديك الجيران الذهبي اللون و يصلي الفجر مع أخيه ثم يودع زوجته و يُقبل جبين طفلته الرضيعة بعد أن يعد طفله الصغير بأنه سوف يعود مرة أخرى للبيت في نهاية الأسبوع و يُحضر له و لجدته كعك القدس اللذيذ مع أقراص الفلافل المستديرة الكبيرة الحجم لكي يتناولوا العشاء معا في مساء يوم الجمعة حيث يوم السبت هو يوم إجازته الأسبوعية من العمل و سوف يقضيها بالاستجمام مع أسرته على شاطئ بحر غزة ويستمتع معهم بيوم مشرق و مشمس.

هكذا كان حال العمال الغزيين الذي كانوا يعملون بالماضي في داخل أراضي الخط الأخضر ، حيث ساهم هؤلاء العمال في التنمية الاقتصادية لقطاع غزة و كانوا يُعدون من أهم طبقات المجتمع الغزي ، التي يطلق عليها صفة " الطبقة المستريحة " و التي كانت تُدر دخل كبير للقطاع ،فقد كانت أجرة العامل الفلسطيني انذاك تتراوح ما بين 50 الي 100 دولار باليوم الواحد ،و قد تميز العمال الفلسطينيون أثناء فترة عملهم بالمصانع الإسرائيلية بجودة أدائهم و سرعة انجازهم و بالصبر وقدرة التحمل على أداء الأعمال الشاقة التي يعزف عن القيام بها المواطن الإسرائيلي العادي.

لكن كما يقال بالأمثال الشعبية فإن دوام الحال من المحال ، فلقد شهد الوضع الاقتصادي لعمال غزة تغيرات دراماتيكية و هبط معدل دخلهم بشكل حاد و ذلك بعد قرار الحكومة الإسرائيلية الاستغناء عنهم تدريجياً بدءاً من فترة اشتعال انتفاضة الأقصى الثانية حتى فترة انسحاب اسرائيل الكامل من أراضي قطاع غزة في عام 2005 ، حيث منعت الحكومة الإسرائيلية بعد تلك الحقبة التاريخية في حياة الشعب الفلسطيني ، العمال الغزيين من العودة بشكل نهائي إلي العمل ضمن أراضي الخط الأخضر واستبدلتهم بعمال أجانب، فأصبح نحو أكثر من 40 ألف عامل غزي عاطلاً عن العمل و تكدست أعداد هائلة منهم بدون عمل وانضموا الي صفوف العاطلين عن العمل في قطاع غزة.
ومع شدة الحصار الاقتصادي الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007 و الذي أدى إلي إغلاق العديد من المصانع الحيوية في قطاع غزة بسبب انخفاض الموارد و صعوبة ادخال المواد الخام اللازمة لتشغيلها عبر المعابر التجارية الاسرائيلية ، تفاقمت أوضاع العمال وازدادت سوءا و وجد العامل الغزي نفسه مشردا مرة أخرى و غير قادرا على تحمل نفقات الحياة اليومية ، فوصل عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة حسب التقرير الصادر عن مركز الاحصاء الفلسطيني حول مسح القوى العاملة لعام 2013 إلي نحو 159 ألف عاطل عن العمل و سجلت محافظة رفح النتيجة الأعلى في معدلات البطالة لتأثرها المباشر بإغلاق الأنفاق .

و يعتبر عمال غزة حالياً من أكثر فئات الشعب الفلسطيني تهميشاً و أكثرهم تضرراً جراء الحصار الإسرائيلي و الإغلاق المتكرر للمعابر التجارية ، فكل ساعة تمر على العامل بدون عمل ، تجعل هذا العامل يفقد جزء كبير من قدراته المهنية و طاقته الانتاجية ، فأصبح العامل الفلسطيني في غزة يشعر باليأس و الاكتئاب من شدة البطالة و ندرة فرص العمل المتاحة له ، فغزا الشيب شعره قبل الأوان و تجمدت عروق كفتيه من قلة تعرضها للعمل و أصبح العامل الشاب يشعر بأنه شيخ مُقعد عاجز يعتمد على أموال الصدقات و كوبونات الجمعيات الإغاثية.

والآن بعد سبع سنوات عجاف من الحصار و الانقسام و الوضع الاقتصادي المتردي ، يأمل الفلسطينيون بأن تثمر جهود إنهاء الانقسام بحلول جذرية لمشكلة البطالة و أن يتم تطبيق اتفاقية المصالحة بين حركتي فتح وحماس على أرض الواقع وليس على الورق فقط ، بحيث تتوحد الحكومتان في كل من الضفة الغربية و قطاع غزة ، و يصبح لدى الشعب الفلسطيني وزارة اقتصاد واحدة تعمل تحت اشراف ادارة موحدة و تقوم بإعداد خطة عمل اقتصادية وطنية قابلة للتطبيق ، تهدف إلي ايجاد حلول عملية و فعلية لمشكلة العمال الفلسطينيين وتخلق لهم فرص عمل في داخل فلسطين أو خارجها عن طريق التنسيق مع دول الخليج العربي التي يمكنها أن تستوعب أعداد كبيرة من العمال الفلسطينيين في أراضيها بدلاً من أن تعتمد تلك الدول بشكل كبير على الأيدي العاملة الأسيوية ، فالعامل الفلسطيني لا يقل كفاءة عن غيره من عمال العالم و هو يستحق كل التكريم و الاحترام من الدولة وذلك ليس فقط في المناسبات و يوم عيد العمال العالمي بل أيضاً في جميع أيام السنة ، فهذا العامل هو بأشد الحاجة للاعتراف بحقوقه الشرعية المتمثلة بالحق في العمل و التأمين الصحي و التعويض عن إصابات العمل بالإضافة إلي حقه في الضمان الاجتماعي والتقاعد وتلك الحقوق تعتبر في أي دولة متقدمة حقوق أساسية لا يمكن التفاوض عليها .

و أخيراً نأمل أن تصل فلسطين في يوم ما إلي مستوى متقدم في مجال احترام حقوق العمال و أن تنخفض معدلات البطالة بين صفوف الشباب الفلسطيني و يتم تشجيعهم من قبل الحكومة و مؤسسات القطاع الخاص على الاحتراف وتطوير أدائهم ومهاراتهم في كافة الأعمال سواء كانت حرف بسيطة في مجال المهن اليدوية أو متطورة في مجال التكنولوجيا الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جنت على نفسها براقش
زرقاء العراق ( 2014 / 4 / 29 - 20:34 )
لايريد البعض الأعتراف بالحقائق ولذا يقال لنا بأن هناك حصار أسرائيلي ومصري على غزة و استغناء اسرائيل عن عمال غزة الخ.., ولا يقال لنا السبب
والحقيقة بأن الأنتفاضة والأنتحاريين اللذين دخلوا أسرائيل وبعضهم متنكر بأنه عامل لأدخال الأحزمة الناسفة و تفجير انفسهم في الباصات والمقاهي, فأستغنت عنهم أسرائيل
ولا خوف على سكان غزة فأستجداء المعونات الدولية قائم على قدم وساق, اما حفر الأنفاق وادخال السيارات والبضائع المسروقة عن طريق مصر, والعمل بأنتاج صواريخ التنك بدل من انتاج ماينفع الغزاويين فحدث ولا حرج.
لا يصلح الله قوماً حتى يصلحوا ما بأنفسهم

اخر الافلام

.. الأفندية موتونا من الضحك ??????.. مهندسين البترول وعلاج طبيع


.. كيف هو الاقتصاد الفلسطيني بعد 8 عقود من النكبة؟




.. شبكات | إحباط تهريب أطنان من الذهب خارج ليبيا..


.. فرص كبيرة لتنمية التبادل التجاري العربي




.. محمد علي ياسين: غياب السلام أضاع فرص ثمينة على اقتصادات المن