الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الفلسطيني والمشروع الإسرائيلي

طيب تيزيني

2014 / 4 / 29
القضية الفلسطينية


ثمة ملاحظة لابد أن يكون الباحثون والمؤرخون، إضافة إلى القوى الطليعية في الشعوب العربية أن يكونوا قد وضعوا خطاً أحمر على ما يواجهونه الآن من مآسٍ جديدة في حياتهم، وعلى نحو مضطرب يكاد أن يغطي على ما يحدث الآن في العالم العربي، وخصوصاً منه ما دخل في حفل «الربيع العربي»، فالشعب الفلسطيني الشقيق الذي يعيش صراعاً تاريخياً معقداً ومريراً منذ عقود مديدة مع المشروع الصهيوني في فلسطين، يجد نفسه أمام ثنائية هذا المشروع الاستعماري من طرف، والقبضة التي تتحدر الآن من بعض المجموعات العربية المناهضة للفلسطينيين من طرف آخر، وإذا كان ذلك قد أضاف اضطراباً جديداً على تلك الثنائية، فإن ما يثير شعوراً بالعار هو التصدي للفلسطينيين السوريين بطريقة ينزف منها الدم والقتل. ويكفي أن نأخذ عيّنة من هذه الإشكالية تتمثل في تعداد هؤلاء سابقاً، وفيما أصبحوا عليه الآن، فلقد كان تعدداهم في مخيم «اليرموك» قد وصل إلى أربعمائة ألف، وتضاءل هذا العدد الآن إلى أربعين ألفاً، حسب مرجعيات إعلامية، فلقد كان هنالك من ورّط هؤلاء في هذا المخيم، فكلفهم ذلك الكثير، دماً وجراحاً وتهجيراً.

وفي سياق ذلك وغيره، طرحت إسرائيل مشروعاً مضاداً للجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية بفصيليها الاثنين «فتح» و«حماس» لتحقيق مصالحة تاريخية بين هذين الفريقين ومعهما مجموعات فلسطينية هنا وهناك. وإذ وضعت قيادات فلسطينية هدفاً لتلك المصالحة، هو التأسيس لدولة فلسطينية واحدة، فإن إسرائيل رفضت ذلك بحزم وبوقاحة الغُزاة، إذ أعلنت لا لدولة فلسطينية واحدة موحدة، وإلا سيكون التعبير عن هذا القرار الإسرائيلي تأكيداً على تعاظم الاستيطان، ورداً استعمارياً على الدولة الواحدة، وجاء الموقف الفلسطيني الحاسم: لا يحق لأحد أن يتدخل في شؤوننا (عريقات)! وليس ثمة مشروع قانوني وإنساني يحول دون الدولة الوطنية الواحدة. ورداً على هذا الموقف الإسرائيلي جاء ترحيب الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بتلك الخطوة التوحيدية العربية، بل أعلن الكثيرون أن الحكومة الجديدة العتيدة سيكون على رأسها الرئيس محمود عباس، وسيتحقق في سياقها تشكيل جسد حكومي تكنوقراطي، وصولاً إلى انتخابات جديدة.


في إطار ذلك وغيره، برزت مفارقة كبرى خطيرة تمثلت في بروز الموقف المُشين من الفلسطينيين في مخيم اليرموك، لقد كان موقفاً دامياً! مائة فلسطيني في المخيم ماتوا جوعاً، وهُجّر منهم عشرات الآلاف من نساء وأطفال وشيوخ الخ، إنه النزوح الثاني بعد الأول من فلسطين نفسها قبل عقود (1948).

هذا هو مصير الشعب الفلسطيني، وليس جديداً عليه، أولاً، ومن طرف آخر، فإن ذلك سيسلك طريقه الذي يتجه إليه، وهو طريق الحرية، وهدفها أو أهدافها المتمثلة في مجتمع ديموقراطي تعددي وطني. ولعلنا هنا نتوجه في المنعطف التالي: أين يقع ذلك كله من «الربيع العربي»، وتجسداته الجغرافية الاستراتيجية؟ إن ربيع الشعب الفلسطيني لن يكون خارج «الربيع العربي»، على ما فيه من عموميات عربية ومن خصوصيات فلسطينية. ومن شأن هذا أن يدعونا إلى التأكيد المركّز على «المشروع الفلسطيني العربي»، بقدر ما هو مشروع في الحرية والنهضة والتنوير، شأنه في ذلك شأن ما يتمثل في البلدان العربية الأخرى.

عندما انطلقت الإرهاصات الأولى من الثورة، أو من «مشاريع» الثورات العربية يتعين علينا أن نضع في الاعتبار، خصوصاً على صعيدي الفلسطينيين والسوريين، أن الوضع آنذاك (قبل ثلاثة أعوام) لم يهيمن التخلف والتخليف فحسب، ولم يسيطر قانون الاستبداد الرباعي فحسب، وإنما كانت هنالك حالة من «غياب وتغييب السياسة» في سوريا وفي البلدان العربية التي يعيش فيها الفلسطينيين. وهذا من شأنه أن يكون قد أسقط من الحساب - عموماً وإجمالاً - ما يلجأ إليه الإنسان المجتمعي تحت عنوان: «المجتمع السياسي على نحو يمتد إلى أطول من نصف قرن»، إنها السياسة، التي تضع يدها على مفاتيح ومداخل القضايا والمشكلات والمعضلات التي تنتظر من يعود إلى السياسة بمثابتها تفعيلاً لهذه الثلاثة الأخيرة على أرض واقع يستحق القراءة المحتملة، وتصميماً لتحويلها إلى فعل قابل للتحقق، وذلك في بنية مجتمعية متحركة وقابلة للضبط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة