الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأول من أيار : يوم للوحدة أم يوم ذكرى إحتفالية ؟!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2014 / 4 / 29
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


الأول من أيار : يوم للوحدة أم يوم ذكرى إحتفالية ؟!
لقد تحول الشعار "يا عُمال العالم إتحدوا " ،إلى جزء من التراث الإنساني ، وأصبح أيقونة العمال أينما كانوا وعلى إختلاف قومياتهم ،أوطانهم ،دياناتهم وألوانهم . وكان لهذا الشعار أكبر الأثر في ألسعي الحثيث لتوحيد صفوف ألطبقة العاملة في صراعها مع مُستغليها ، وأكثر من ذلك في نضالها من أجل تحسين ظروف عملها من الناحية البُنيوية ومن الناحية المادية ، كشروط السلامة في العمل ورفع أُجور العاملين .
ومن المُفارقات العجيبة ، وبعد أن تحول العالم إلى قرية صغيرة ، وبعد أن أصبح بالإمكان من الناحية العملية ، أن يتحد ويتوحد عمال العالم ، وذلك لسهولة التواصل والتنقل ، أن يحدث العكس ويُصبح تطبيق شعار وحدة الطبقة العاملة ، أمرا بعيد ألمنال وأصعب تطبيقا على أرض الواقع مما كان في السابق .
وقد صاحبت عملية عولمة الإنتاج ، إنهيار منظومة الدول الإشتراكية ، والتي وعلى الأقل ، رفعت شعار سُلطة الطبقة العاملة ، وحاولت أن تبعث لكل العمال في العالم برسالة مُفادها ، أن الطبقة العاملة قادرة على إدارة شؤونها بنفسها ، وأنها قادرة على التحرر من قيود الإستغلال والإضطهاد .(هبوا ضحايا الإضطهاد )!
وقد يُحيلُ البعض "تفوق " الرأسمالية على الإشتراكية في مجالات كثيرة ، بل "وإنتصارها " عليها ، والذي نأمل أن يكون مرحليا ، يُحيلونه إلى الأخطاء في التطبيق للنظرية فقط .
لكن ، وأخلاصا للحقيقة ، يجب علينا القول بأن النظام الرأسمالي لم يجلس صامتا ودون حراك ، فقد طوّر وسائل الإنتاج ، بحيث أصبح بالإمكان ، زيادة الإنتاج بشكل كبير ، وأدى إلى خفض أسعار السلع الإستهلاكية ، بحيث أصبح بإمكان كل عامل أن يمتلك سيارة ، ثلاجة وتلفازا ، بينما نظيره في "العالم الإشتراكي " ، كان إمتلاك سيارة بالنسبة له مُجرد حُلم .
وعلى عكس الدول الإشتراكية والتي كان فيها دور النقابات شكليا ، لعبت النقابات في الغرب دوا بارزا في حصول العمال على ظروف عمل وأجور ، أفضل بكثير من زملائهم في الدول "الإشتراكية " . ولست ُ في معرض إستعراض عيوب "النظام الإشتراكي " وتمجيد "فضائل " الرأسمالية ، لإنني أتحدث عن تنظيمات الطبقة العاملة ، وليس عن الأنظمة السياسية والإقتصادية في هذه البلدان .
وبالعودة إلى العولمة الإقتصادية ، فقد نجح الرأسمال في تحويل قسم من إنتاجه إلى دول "يحلم " بها العامل في فرصة عمل ، لكي يضمن رغيف الخبز ، ولا "يهتم " مرحليا بالتضامن الأُممي أو بوحدة الطبقة العاملة. وشكلت الهند ، الصين ، ودول في العالم الثالث ، منجما للقوة العاملة الرخيصة ، غير المنظمة ، والتي ليس لها سوى مطلب واحد ، ألا وهو فرصة عمل .(وأقصد بالعامل ، هو من لا يملك إلا قوة عمله ليبيعها مقابل مردود مالي ) .
وعلى الجانب الأخر ، فقد هاجر مئات الملايين من فقراء العالم الثالث إلى العالم الأول ، بحثا عن الرغيف.
وهذه الهجرة خلقت واقعا جديدا في دول العالم الأول ، إذ وصلت قوة عاملة رخيصة ، شرعية وغير شرعية ، همها الأول والأخير ،الحصول على فرصة عمل ، ولا يهم نوع العمل ولا الأُجرة التي تتقاضاها . ولنا في الهجرة من شمال أفريقيا إلى فرنسا ، من تركيا إلى ألمانيا ، من المكسيك إلى ألولايات المتحدة ، من أفريقيا إلى اوروبا (بريطانيا ) ، أمثلة واقعة للعيان .
وللحقيقة فهؤلاء المهاجرين ، عملوا في الوظائف التي رفضها أبناء البلاد غالبا ، كأعمال النظافة ، الزراعة والبناء ، الأعمال ذات "المكانة الإجتماعية المُتدنية " ، والأعمال الشاقة .
ولكن وبما أن الرأسمالية تمر بأزمات دورية ،تؤدي إلى موجات كبيرة من البطالة في صفوف الطبقة العاملة ، فإن النظام الرأسمالي ينجح دوما ، في تحويل أنظار العمال عن جشعه وإستغلاليته ، إلى العمالة المُهاجرة !! فالمُهاجرون هم من "إستولوا " على أماكن العمل ، وهم السبب المُباشر في البطالة بين أوساط "أهل البلد " ، وما إلى ذلك من تحويل الصراع من صراع طبقي إلى صراع قومي !!
وما نجاح الأحزاب القومية في الحصول على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين في كل البلدان الاوروبية ،إلا دليل على نجاح الرأسمالية في "خلق " عدو جديد للطبقة العاملة ، وبأن تبريء نفسها من المسؤولية عن الأزمة.
وهكذا تنجح أيضا في شق صفوف الطبقة العاملة وتجعل من وحدتها أمرا مستحيلا .
وبدأ الأول من أيار يتحول إلى يوم ذكرى إحتفالية ، يحتفل بها اليسار ، رافعا شعار "يا عمال العالم اتحدوا " ، في هذا اليوم فقط ، بينما الرأسمالية تعمل على مدار العام لإبقائه يوما إحتفاليا للذكرى ، لا غير !! وقد نجحت في ذلك مرحليا ، في رأيي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة