الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمرةَ السلطة ..

سنان أحمد حقّي

2014 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


خمرةَ السلطة ..


كنت قد رويت بشكل مختصر على شبكة التواصل الإجتماعي ( الفيسبوك) حكاية توضّح أثر السلطة على القادة والأشخاص القياديين واليوم أودّ أن أعيدها لما فيها من عبرة مزيدةً مع بعض التصرّف .
كانت ولاية البصرة في العهد العثماني وأواخره كثيرة الصراعات السياسيّة فمن جهة كان السياسي المعروف طالب النقيب يقود كتلة بل جيشا من الفلاحين والعبيد والأعوان وله صلات مشتركة مع كل من الباب العالي والسلطات الإيرانيّة وإمارة شيخ خزعل حاكم المحمرة وعربستان وله صلات وثقى أيضا مع شيخ الكويت مبارك الذي يُدعى أحيانا مبارك الكبير ومع الشيخ ( الملك فيما بعد ) عبد العزيز آل سعود وهو ذونفوذ كبير وسطوة لا تبارى ومن جهة أخرى فإن المذكورين جميعا كانت لهم أذرع قويّة في البصرة أيضا كما أن الأنكليز الذين يُديرون دفة مصالحهم من خارج البصرة أي من بوشهر ومن خلال تعاون المذكورين جميعا والقصد أنها ولاية كانت تعيش على بركان لا أحد يعلم متى يتفجّرولكن الدخان كان يرتفع ليُنذر بكل الإحتمالات.
وكان من ضمن القوى المؤثرة سياسيا تلك الأيام أحد مشايخ المنتفك والسعدون وهو عجمي السعدون وكان يعمل بإخلاص للباب العالي وله أعوان جلّهم من البدو الأشداء، وله تحالفات قبليّة واسعة في عمق الجزيرة العربيّة.
وبتحريض متنوع إشتدّ النزاع بين عجمي باشا وبين طالب النقيب وكان للنقيب محامي معروف يُدير أملاكه ومصالحه وهو المحامي سليمان فيضي الموصلي الأصل فأشار بعضهم على عجمي باشا أن يتخلص من سليمان هذا لأنه بتقديرهم سر الفتنة أو هكذا رأوا فدبّر عجمي باشا أمرا بليل وأرسل من قبله رجالا يحملون أطباقا وكأنها أطباق تحوي خضارا ولكنها كانت تحمل بنادق محشوّة فلمّا مرّ سليمان في طريقه عند المنطقة التي يشغلها تمثال أسد بابل المعروف بالبصرة حاليا حتّى أنزل الرجال أطباقهم وتناولوا البنادق وبدأوا بإطلاق النار على سليمان ولكن سليمان أصيب بإصابات طفيفة ونجا في النهاية مما تم تدبيره له
وبعد إشتعال الحرب الأولى عام1914 وبعد إنتهائها وتشكيل الدولة العراقيّة الحديثة وكان عجمي باشا قد إنسحب بجيشه العشائري مع الجيش العثماني شمالا حتى إنتهى الأمر به في إسطنبول
وفي الأعوام التي تلت الثلاثينات أي بعد أزمة المعاهدة البريطانيّة التي عارضها العراقيون بحملة إضرابات ومظاهرات كبيرة وبعد هدوء الأوضاع وما حصل لسليمان من نفي ثم رجوعه إلى البصرة سافر فيضي إلى تركيا وزار إسطنبول وبينما هو يتنزّه على البسفور شاهد من خلال زجاج الواجهات عجمي باشا جالسا في إحدى الكازينوهات فقرر إلقاء السلام عليه لا سيما أن الأمور قد تبدّلت كليّا فدخلَ وحيّا الباشا فرحّب به عجمي باشا كثيرا وأجلسه خير مجلس وأكرمه فأمر له بمائدة كبيرة وحيّاه وهشّ وبشّ له كما يُقال وأخذ يسأله عن الناس وأخبارهم فردا فردا وعن أحوال البصرة في تلك الأيام وعن كل شئ تقريبا حتّى إذا أتيا على ذكر الماضي سأله سليمان عن أسباب إستهدافه الموصوف أعلاه وأنه أي سليمان يستغرب ذلك أشدّ الإستغراب لأنه لا يعتقد إتيانه ما يستوجب ذلك لأنه محامي طالب باشا فقط ولا دخل له في السياسة فأجابه عجمي باشا : يا سليمان ، السلطة مثل هذي الخمرة التي أمامك إن شربتها لا تعلم ما أنت فاعل بعد ذلك.

"هذه الحكاية وردت في مذكرات سليمان فيضي الموسومة بـ (في غمرة النضال) بشكل موجز وأنا توسّعت فيها قليلا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المبعوث الأممي إلى سوريا: ليس لدي أي معلومات عن بشار


.. سقوط نظام الأسد.. ما الضمانات التي قدمتها تركيا لروسيا وإيرا




.. ساحة الأمويين تحتضن الاحتفالات في وسط العاصمة دمشق


.. هل ستكون فترة بقاء رئيس الوزراء مكلفا بإدارة المؤسسات العامة




.. كاميرا الجزيرة تدخل منزل بشار الأسد في دمشق