الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلتي مع السياب / السياب مترجما ج3

شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر

(Shakir Al Khaiatt)

2014 / 4 / 29
الادب والفن


من خلال قراءتي المتواصلة والمستمرة عن السياب وكل ما يخص السياب والذي استطاعت اذناي ان تسمعه وعيناي ان تشاهده او تقرأه، وعلى مر عشرات من السنين استطيع التصريح هنا انني منحاز اليه بكل ما في المعنى من امتدادات المعنى وربما سأتهم بالميل الاعمى او الانقياد المتطرف، لا بأس فصاحب الامر يستأهل هذا، شأنه شأن المتنبي او المعري عندي او الجواهري او قباني، و ما ذهبت اليه هو ايمان راسخ ومتجذر فيّ وفي نفسي لا احيد عنه، وليس رأي او وجهة نظر لكي اغيرها او انقلب عليها يوما او ربما اتت عليها عوامل بيئية او طوبوغرافية او فيزيائية لكي تخضعها لعملية التعرية والتجريد، اللهم الا اذا حصل الامر مع بدني الفاني البالي فقط.
ومثل كل المحبين اتشرف ان ارى واسمع عن السياب ما يجعلني افتخر لأسباب قد ذكرتها سابقا، في ذات الوقت الذي اشعر بالمرارة والحزن عندما ارى واسمع او اقرا غير ذلك وما يدعوني الى الحزن.. اذ اني امتلك من برهان كلامي هذا او قوة ايماني بهؤلاء العمالقة ومنهم السياب، اسباب كثيرة ولانني لست بصدد هذا الامر لكن لابأس ان اذكر سببا واحدا من جملة اسباب لا ارى انني سأوفق بعدم الخروج عن صلب الموضوع بذكرها، ولهذا سأقول سببا واحدا وهو:
ليعطيني كل من حاول او يحاول الطعن بقدرات السياب الابداعية مقالا واحدا كتب من قبل شخص انكليزي ( بريطاني اصيل)( Native ) فيه مس لشكسبير او ادب شكسبير!! او فيه مجرد اشارة من قريب او بعيد تقول ان شكسبير قد سرق، او خرج عن المألوف ، او ان ادبه فيه تمرد على التراث الانكليزي، او ما شابه ذلك، انا هنا استطيع ان اورد عظام اخرين من دول اخرى لكنني لست بصدد المهاترات الكلامية او السجالات التي لا تغني ولا تسمن، انما انا هنا شخصيا اضع نفسي كواحد من اولئك التصحيحيين الذين يريدون الوقوف بوجه من يريد حرف الابداع العربي قديما كان ام جديدا عن واقعه وحقيقته بدعوى انهم تجديديون او هم حداثويون، وهذا الامر لا يختلف عمن يدفع لدمار لب وعقل وقلب العرب والانسانية هذا العراق الفاضل الكريم لغيره قبل ان يكون لنفسه...ولم استبعد هذا الاستنتاج لان الذي يدمي او يدفع من اجل ان يدمي قلوب امهات الاطفال او ان يحرف النهر عن مجراه، لهو قادر ان يأتي على الحرث والنسل، واي حرث او نسل اهم وابلغ من ان تشطب او تلغي قرونا من الابداع الرائع الذي تزخر به خزائن الكتب ومتاحف العالم، اي ابتلاء واي دمار واي تتار جديد قادم؟! ان ضياع ابني الوحيد عندي اخف شأنا ووقعا علي من ان تنسى المعلقات او ان يتهم الاخرون الادب العربي الذي رمدت عيون وعانت اياد من اجل تسطيره خدمة للناس والناس اجمع... لهذا سقت مثل شكسبير لكي احدد من يريد النقاش بحدوده او لكي لا ادعه يشظ عن جادة الصواب في الحديث او الراي... على اني لن استبعد ولن استغرب من اي طارئ او متفيهق او نصف متعلم بصحيح العبارة حاول او اراد محاولا ان يقول فقط... لا لشيء انما هناك مرض سار ومعد هو مرض الظهور الذي ابتلي به من فاتهم القطار وعبرت عرباته عنهم من سنين لم تتوفر لهم فرص الامتلاء كما الاخرين والذي يعتقد البعض ممن لم يكتملوا ان فعلهم المتخلف هذا انما سيملأ طبولهم الفارغة، وانا اقف مع النقد الذي يولي اهتماما بإبداع السياب او يظهر خللا ما طبقا لقواعد النقد ومنطق القبول والرفض، وبعد مسيرة ما لا يقل عن عام من دراسة هذا الموضوع الذي انا فيه الان بالتفصيل، جمعت اغلب ما قرات حوله ولم استثن احدا من الذين كتبوا سوآءا كانوا مع او ضد الترجمة عند السياب وهذا الامر شجعني كثيرا قبل ان اخوض غمار البحث هذا على ان أستعرض كتابات من كتب دون تغير وعلى علاتها وكما جاءت دون تحريف، وللقارئ المتتبع المصادر التي سأوردها وهي في متناول يد الجميع والنقاش بهذا الخصوص وحق الرد مكفول ومحترم بل انا ارحب بكل رأي حتى وان اختلف معنا في ذلك.. لأنني اريد هنا ان انهي مسيرة صراع وآراء وفتاوى كان لها الاثر البالغ في محاولة تشويه بعض من بياض وجه السياب الناصع الذي اعتمر بالحب والايمان بمبدأ التعايش السلمي لبني البشر وعلى اختلاف انتماءاتهم.. الا انني سأتقدم سلفا بالاعتذار ممن لن يذكر اسم مصدره لان فارق التوقيت والتوقفات التي اجبرت عليها ربما انستني ان اذكر اسم الناقد او الكاتب او مصدر كتابته او دار النشر مثلا او الموقع والمكان الذي تم فيه النشر... على انني سأحتفظ بحق مناقشة كل ما سيرد من آراء بعد ان انهي تثبيتها... ومن شاء معي ان يشارك فله القلب والروح آذان صاغية.... يقول احدهم :
" مثلما كان السياب مثيرا للجدل في أكثر من مسألة كما هي عليه الحال في قضية ريادته للشعر الحر، أو قيمة شاعريته و مكانتها، أو مسألة جذوره الثقافية (تراجع دراسة سامي مهدي، 1993: ص 118-254) ، فإن إمكاناته و إبداعاته في الترجمة كانت أيضا موضوع تقييم، فهنالك من يقف إلى جانب السياب المترجم و يثني على دقة ترجماته و جمال لغته و عذوبتها، و هناك من يشكك في فهمه و استيعابه أصول النصوص المترجمة، بل و يثير الدعوة إلى ضرورة تخصيص دراسة مستقلة تبحث في أصول النصوص و ترجمتها (و هو على وجه الخصوص رأي الناقد إحسان عباس 1969: ص 237). و لكي نصل إلى رأي في هذا الموضوع أرى من اللازم علي أن استعرض شيئا من سيرة بدر و إمكاناته في اللغات الأجنبية. يذكر المحامي و الأديب محمود العبطة (1970:21) أن بدرا قد حصل في الصف السادس (البكالوريا) على درجة (88) في الإنكليزية، وعلى (91) في اللغة الإنكليزية و (90) في الفرنسية و (76) في الأدب الإنكليزي و (72) في التاريخ الإنكليزي و (88) في الترجمة عندما كان في الصف الثالث بدار المعلمين العالية في 1946-1947(المصدر ذاته: ص 22). و يرى العبطة (ص 13) أن درجاته العالية من الابتدائية إلى دار المعلمين العالية أدت إلى نبوغه الرائع في اللغات و التي سرعان ما انتجت منه شاعرا مطبوعا طلعة ومترجما بارعا ومتتبعا ملما بتيارات العالم الكبير. وأرى إن تفوق بدر هنا في اللغتين الإنكليزية والفرنسية وفي الأدب والتاريخ الإنكليزيين والترجمة يحسب لصالحه مترجما و مثقفا ".
" و يرى الناقد الفلسطيني عيسى بلاطة (1987:ص 86) في معرض حديثه عن كتاب السياب “قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث” أن ترجمات السياب للقصائد الواردة في الكتاب يمكن أن تعد على كل حال أمينة و إن غير المترجم عناوين بعض القصائد و أعاد تقسيم الأبيات بما تقتضيه موسيقى الجملة العربية و تركيبها، و كانت ترجمته غير موزونة ما عدا قصيدتين ترجمهما شعرا حرا فيه بعض القوافي. أما الدكتور سلمان الواسطي فيقول في بحث عن “نقد الترجمة” (1980: ص 282) أن السياب قد أجاد في ترجمة قصيدة “رحلة المجوس” لتي أس إيليوت لأن السياب كان متمتعا بكل مواصفات المترجم الناجح للشعر و هي : (1) المعرفة الجيدة باللغة الإنكليزية و (2) المتابعة العميقة للثقافة التي أبرزت إليوت و (3) شاعريته و حسه الموسيقي بحكم كونه شاعرا و تمكنه من العربية. و يستطرد الواسطي مضيفا إن ترجمة كترجمة بدر تدحض الرأي القائل باستحالة ترجمة الشعر ".
" و إذا كنا نقدر في بدر حصوله على (90) في الفرنسية بدار المعلمين العالية، و سعيه لتوسيع معرفته بتلك اللغة بمساعدة من زميله سليمان العيسى (علوش، 19974: ص 144) فإن مما لا يغفر له ترجمة القصائد المختارة من الشعر العالمي الحديث كلها عن الإنكليزية. إن معظم القصائد المترجمة في كتابه المذكور أنفا كتبت بغير الإنكليزية فهي كما وردت في متن الكتاب لاغلافه للإسباني فدريكو غارسيا لوركا و الإنكليزي تي أس إليوت و الأمريكي عزرا باوند و اليوناني انجلوس سكليانوس و التشيلي بابلو نيرودا و الفرنسي ارتو رامبو و الألماني رينيه ماريا ريلكه و الفرنسي جاك بريفيه و الإيطالي أوجينيو مونتال و الإنكليزية أدث ستويل و الإنكليزي ستيفن سبندر والبلجيكية أميلي كامير و البورتوريكي لويس مينوز مارين و الفنزويلي انجيل ميجيل كرميل و الإيطالي ارتورجيو فانيتي و الأمريكي جون فلتشر و التركي ناظم حكمت و الإنكليزي سيسيل داي لويس و الهندي رابندرانات طاغور و الإنكليزي والتر دي لامير . و هذا يعني أن من بين العشرين شاعرا الذين ترجم لهم السياب هناك تسعة شعراء كتبوا قصائدهم بالإنكليزية، و يصبح العدد عشرة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار احتمالية كتابة الشاعر البورتوريكي مارين لقصيدته بالإنكليزية حيث إن اللغتين الرسميتين في بورتوريكا هما الإسبانية و الإنكليزية. إن حال الترجمة هنا كحال من يستنسخ لا عن الأصل بل الصورة حيث يضيف إلى عيوب الاستنساخ عيوب الصورة (عبد العزيز، 1980: ص 100)، و بمقدورنا أن نتوقع مقدار العيب الذي “استنسخه” السياب عن عيب مترجمي تلك القصائد من لغاتها إلى الإنكليزية إذا ما وضعنا في البال قول يوجين نايدا (1976: ص 63) : لا اتصال سواء كان داخل اللغة الواحدة أو بين لغات متعددة أو كان اتصالا سيميولوجيا ، يمكن أن يظهر دون بعض الفقدان في المعلومات، و ليس من المحتمل أن يزداد مستوى استيعاب خبراء يناقشون موضوعا من صميم اختصاصاتهم إلى أكثر من 80% " .
" فلو تصورنا أن مترجم تلك القصائد المكتوبة بغير الإنكليزية قد توصل إلى 80% من تلك النصوص ألا يكون قد توصل بدر إلى أقل من 80% و هو ينقل تلك النصوص إلى العربية. إن حسنة السياب التي تستوجب الإشارة لها في هذا الموضوع بالذات هي إشارته (1955:ص100) لمدى الصعوبة التي يواجهها المترجم وهو ينقل قصيدة مترجمة أصلا مضيفا إن مما يزيد في تلك الصعوبة هو كون أغلب تلك الترجمات هي ترجمات شعرية. و يتوصل إحسان عباس (ص237) بعد دراسته للينابيع و الأصول الثقافية لبدر و مقارنته لنصوص قصائده المترجمة المختارة مع أصولها (كما في حالة اقتباسه عن كيتس و نقله بعض نصوص ستويل) إلى أن الترجمة يعوزها في بعض الأحيان قدر كبير من الفهم الدقيق للنص، و يدعونا لمقارنة ترجمة السياب لقصيدة ناظم حكمت و ترجمة عفيف فراج للقصيدة ذاتها. و ضمن السياق ذاته يشير حسن توفيق (1979:ص 65) إلى مدى العناء الذي تكبده بدر في ترجمة قصيدة “إلى الصيف” للشاعر الإنكليزي وليم بليك (القصيدة مضمنة في رسالة بعث بها السياب إلى صديقه محمد علي إسماعيل بتاريخ 24/12/1943وردت في السامرائي 1975:ص 22-23) بسبب ضعف مقدرته في الإنكليزية و لأن السياب كما يقول كان يستعين بالقاموس لأكثر من عشرين أو ثلاثين مرة في القصيدة الواحدة ، إنه لمن الغريب هنا حقا أن نقف بين حافتي النقيضين، بين بدر الذي يدحض الرأي القائل باستحالة ترجمة الشعر و بدر غير المتمكن في الإنكليزية " .
للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معك وبأزاءك..الى العصامي النادر شاكر الخياط
غازي احمد ابو طبيخ ( 2014 / 4 / 29 - 21:29 )
الاستاذ الفاضل شاكر الخياط ..لم اجد صفة تثير حنقي مثل الجحود .. فكيف اذا كان في هذا الاجحاف تطاول واعتياش على رواد الثقافة بل رواد الحضاره..ان القول بوجود بعض النواقص في عمل الرائد امر معقول..ولكن جحود اسبقيته والتنكر لفضيلة مبادرته ومبادأته في وقت كان الناس بل كانت الأمة بأمس الحاجة الى كل ما يمكن ان يعبد طريق التواصل مع الثقافة العالمية امرغاية في التعسف بل والاستغلال ايضا..التعسف لان المجترئ لم يأخذ بعين الاعتبار ان حصول الرائد على اية معلومة في زمن المبادرة شأن عسير جدا..ومع ذلك فهو يحاول جاهدا ويخرج بنتائج لا سبيل الى نكرانها ابدا..اما الاستغلال فهو استعراض البعض لعضلاته على حساب الرائد العظيم بعد ان اصبحت المعلومة (على قارعة الطريق) كما يقول الجاحظ..من هنا اشد على يديك استاذنا الجليل ’بل واحيي انتصارك النبيل لرائد اصيل مثل السياب الكبير في بعدي الريادة الابداعية او اسهاماته المخلصة الهادفة في حقل الترجمه .. احسنتم مبحثا غاية بالضروره ..وبوركتم منصفا غاية في الاخلاص ..سنبقى متلهفين للاطلاع على جديدكم والسلام


2 - لك الوفاء استاذي الكريم ابو طبيخ
شاكر الخياط ( 2014 / 4 / 29 - 21:49 )
بكل الحب اتلقى مرة اخرى شهادة من استاذ اجله ايما اجلال وتقدير ولي الفخر بل والامتنان ان يكون تعقيبكم هذا نبراسا لي في قادم المواضيع..كل الود لك استاذي الفاضل...ومنكم نستقي وبكم نستزيد...مودتي

اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف