الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الهاوية

علوي أحمد الملجمي

2014 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بادئ ذي بدء لا بد أن ندرك أن الثقافة مصطلح العصر الفضفاض، و لا تزال كلمة "مثقف" في العنوان العربي غائمة الفحوى، غائبة المعنى. إذ يذكر سلامة موسى أنه كان أول من أدخل مصطلح "الثقافة" إلى العربية في عشرينات القرن العشرين، وأنها ترجمة لكلمة "kultur" الألمانية، ومرادفاتها باللغات الأوروبية الحديثة، والتي معناها في الأصل: الزرع والتنمية، والتي تطورت دلالتها فأصبحت تعني "تنمية القدرات".
وقد تدل أحيانًا على اكتساب الوعي الاجتماعي " الراقي أو الحضاري"، وقد تعني التعليم على إطلاقه، فقد يوصف المتعلمون أنهم مثقفون، وقد تطلق في بعض الأحيان كلمة "ثقافة" على أصحاب المهن الجماهيرية دون غيرهم "المذيعون والصحفيون والكتاب". ثم ظهر في الثقافة العربية ما يسمى بـ"كبار المثقفين".
وفي هذا المقام لستُ بصدد تحديد مفهوم محدد لكلمة "الثقافة" ، ولا من هو "المثقف"؟. ولكنني أرقب عن كثبٍ "المثقف العربي" ، فأراه في تصرفاته، وألمحه في كتاباته، ثم أنظر في الخط الذي تمضي فيه هذه الثقافة.
فإلى أين أيها المثقفون؟
ناديت بأعلى صوتي، فسمعوني كلهم، فأجابني الأدعياء، وصمت العلماء الجبناء. أجابني أصحاب مهنة الثقافة، ولابسوها ، كلابس ثوبي زور ، من كل صحيفة وشاشة ومذياع، من تحت كل حجرٍ ومدرٍ.
حاورتني نفسي لوكان هؤلاء مثقفون حقًا. فلماذا نحن في أذيال العالم؟!!
ناداني صوتٌ من بعيد ، إنه صوتٌ عربي عتيقٍ مثقفٍ (والتثقيف عند العرب التهذيب والتأديب) لأن مثقفوكم مازالوا أذنابًا وأذيالًا.
إذًا فلماذا اتخذهم الناسُ رؤوسًا، وأحلوهم دارًا عاليةً؟!! هل هو الحظ والصدفة التي قفزت بهم إلى ذلك المكان فهم "مثقفو الحظ" ؟ ومن كان منهم أهلًا لهذا اللقب. فلماذا اتخذه وظيفةً يتكسب به؟ وجعلت أصرخ بهذه التساؤلات، فيجيبني صوت المستقبل من الماضي البعيد "صوت الأفوه الأزدي" وهو يقول:
أَمارَةُ الغَيِّ أَن تَلقى الجَميعَ لَدى الـ .... إِبرامِ لِلأَمرِ وَالأَذنابُ أَقتادُ
كَيفَ الرَشادُ إِذا ما كُنتَ في نَفَرٍ ..... لَهُم عَنِ الرُشدِ أَغلالٌ وَأَقيادُ
أَعطَوا غُواتَهَمُ جَهلاً مَقادَتَهُم ...... فَكُلُّهُم في حِبالِ الغَيِّ مُنقادُ
إن من عظائم الأمور وكبائرها، ومخازي العصر وفضائحه، أن ترى ألقاباً علمية، وشخصيات مشهورة، تراهم من خلال التخصصات نجومًا ساطعةً، وأعمدةً شامخةً. فإذا اقتربت منهم السياسة، جاؤوا بكل قولٍ عجيب، وبما لا يصدقه لبيب. فتراه قد تنازل عن كل النظريات العلمية التي يؤمن بها في صرحه العلمي، وباع عقل العالم لصحفي أو مذيع لا يفقه "كوعه من بوعِهِ" ، فيفكر بتفكيره، ويؤمن بفلسفته.
ويقف الإنسانُ حائرًا أمام هذه الأمور. ويعود الصوت مرةً أخرى صارخًا وبقوةٍ، أين الثقافة في البلاد العربية؟ هل لها وجود؟ أم أنها روح بلا جسد؟ بلا لون ولا طعم ولا رائحة؟ أين الثقافة من الإنسان العربي وقضاياه؟ أين الثقافة من الحقيقة، من الضمير، من العلم، من العقل؟؟؟
وهل الثقافة في وطننا العربي نمط من الحياة مرسوم داخليًّا أم خارجيًّا؟ محليًّا أم دوليًّا؟ أم أنها مجرد أفكار سيئة ناتجة عن تفكير عقيم؟
مازال ذلك الصوت يصرخ بداخلي ، ولن أسكته. لا لن أسكته، حتى أجد جوابًا شافيًا، من صوتٍ حاضرٍ ينافس أمم العالم بوعيه لا بغوايته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح تزامنا مع تواصل المفاوضا


.. -ندعي يجينا صاروخ عشان نرتاح-.. شاهد معاناة سكان رفح وسط هرو




.. غالانت: مستعدون لتقديم تنازلات من أجل استعادة الرهائن ولكن إ


.. الرئيس الإيراني: المفاوضات هي الحل في الملف النووي لكننا سنل




.. إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكدان مواصلة العمل بات