الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد العمال .. والثورات العربية

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2014 / 4 / 30
ملف الأول من أيار 2014 - تأثيرات الربيع العربي على الحركة العمالية وتطورها عربيا وعالميا


في الأول من آيار من كل عام يحتفل العمال في العالم كافة بعيدهم، والكثيرون يجدوا في هذا اليوم إما فرصة لشحذ الهمم ومواصلة النضال العمالي نحو المساواة والحرية بشقيّها المادي والفكري، أو فرصة لمراجعة الماضي ونقد سلبياته وتطوير إيجابياته بهدف تطوير نضالات الطبقة العاملة وتصحيح مسارها لتحقيق الأهداف المنشودة من حراكها بمختلف الجوانب والحوار المتمدن مشكوراً يفتح الباب واسعاً لكل الاجتهادات التي تخدم قضايا العمال ونضالاتهم والتي في مجموعها تمثل عصفاً فكرياً له نتائج إيجابية في تطوير قدرات الطبقة العاملة وتحولها من طبقة في ذاتها تتحرك في دوائر مغلقة إلى طبقة لذاتها تنفتح على عوالم جديدة تقوي نضالاتها وتوحدها نحو الهدف.
فبالنظر للتحولات الكبرى التي تقودها الطبقة العاملة بعمالها ومفكريها، والمطالب التي أصبحت عنواناً لكل الثورات عربياً وعالمياً وعلى رأسها (الحرية والعدل والمساواة) نجد أن الربيع العربي تفجر من أجل مطالب وغايات وافقت عامة الشعب وبالأخص العاملة منه، حيث تتوق المجتمعات العربية لتطبيقها واقعاً على الأرض.
إلا أنه حتى اللحظة لم تصل الثورات للاستقرار بعد، وموجاتها ستستمر بقوة دفع المطالب المرجوة لذلك لا نستطيع أن نجزم بوجود نتائج إيجابية في تحسين حالة العمال المعيشية رغم ان كل المؤشرات تؤكد أن تلك الثورات باستثناء سوريا وليبيا ستؤتي ثمارها خصوصاً وأنها لم تنجز أهدافها بعد وهذا التفاؤل مرجعه الأسباب التالية:
1- أن الثورات رفعت حاجز الخوف من سلطان الحاكم وجبروته، وأرجعت القرار للشعب لاختيار من يمثله بشرط تحقيق الحد الأدنى من الشعارات التي طالبت بها الثورات.
2- أنه أصبح صعباً على أي حاكم خداع شعبه، وبالتالي تجربة مصر خير دليل أن الثورات مصرة على تحقيق أهدافها، وكذلك ما حدث في تونس من حزب الشغل الذي تمكن من فرض إرادته على الحكومة.
3- أن السبب الحقيقي لتفجر الثورات هو تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وسيظل هذا هو المطلب الأهم ولن يقنع الشعب بغير ذلك.
خصوصاً وأن كل القضايا الوطنية والسياسية التي يحاول الحكام شغل الطبقة العاملة بها لن تفيدهم أمام جائعين يبحثون عن الحد الأدنى من كرامتهم داخل بلدهم.
لذلك وجب على الحركة العمالية أن تختار قائديها بعناية، وأن تقف في وجه كل المحاولات التي تبديها الدولة لشراء ذمم قادة تلك الحركة كتعيينهم في مناصب مهمة في الحكومة، لأن القائد النقابي في هذه الحالة سيعطل دور النقابات والاتحادات، وهذا ما حدث في مصر، وحدث بشكل أقل في تونس، من ناحية أخرى نجد أن العمال وما يمثلهم من اتحادات ونقابات، كان لهم الدور الرئيسي في إشعال الثورات إلا أن الصراعات السياسية وعسكرة الثورات كما حدث في اليمن، وسوريا ، وليبيا لم يعطها دوراً فصوت الرصاص كان أعلى وما لحق سوريا وليبيا من دمار انعكس بشكل كبير على العمال وحياتهم حيث تشتتوا وتمزق نسيجهم، وأغلقت مصادر رزقهم.
لقد كان الأثر الذي تركته الثورات العربية في العالم أقوى في البداية ولكن تحول التجربة إلى حروب واقتتال داخلي دمر الأخضر واليابس جعل إمكانية تمددها والأخذ بها مستبعداً خصوصاً بالشكل الذي صارت عليه، لذلك عندما اندلعت في أمريكا اللاتينية واليونان وغيرها من دول العالم كانت أكثر رقياً وتماسكاً وحرصاً على ملكية الشعب والدولة.
أما الأحزاب اليسارية والشيوعية العربية حتى اللحظة فإنها تتخلف عن الإمساك باللحظة الثورية وقيادة الجماهير، ورغم عمق الفكر والتحليل الموجود عند العديد من قياداتهم إلا أنهم انفصلوا عن قاعدتهم لأسباب منها:
1- اقتربوا كثيراً من السلطة ليصبحوا في كثير من الأحيان ورقة التوت التي تغطي بها السلطة نفسها.
2- أهملوا توسيع القاعدة الشعبية لسنوات لظروف موضوعية وذاتية أهمها عدم ضخ دماء جديدة في مواقع قيادية.
3- لم يستفيدوا من التطور التكنولوجي وثورة المعلومات في تحقيق التوسع الأُفقي لأحزابهم.
4- لم يحققوا حتى الآن وحدتهم وبالتالي شرذموا الطبقة العاملة فكرياً وأثروا على وحدتها وفعاليتها.
لذلك نجد من البديهي أن يخرج عدد من الساعين للمناصب والانتهازيين من رحم الثورات ليدَّعوا قيادة الشعب ويحرِّفوا الثورات عن مسارها وليضعفوا إرادتها، وهو ما ظهر في عديد من الأشخاص لمعوا في أوقات معينة ثم اختفوا عن المشهد.
وعليه لا يمكن أن تحقق الأحزاب اليسارية مبتغاها إلا بجبهة وطنية يتوحدون تحتها، وغير ذلك سيبقون بحالهم تلك قوى معطلة للزخم الثوري أكثر منها قائدة.
فتنظيم الأحزاب تحت راية واحدة سيزيد من شعبيتها، ويمكنها من حصد نتائج أفضل، فالأكثر تنظيماً وتماسكاً هو الذي ينجح والإخوان في مصر كانوا دليل على ذلك، في وقت لم يستطع اليسار حتى أن يظهر إعلامياً في المشهد باستثناء تونس.
إن الهجمة على الثورات العربية من الداخل والخارج تزداد قوة وشراسة فالحركة العمالية تريد الوصول لأهدافها من مساواة وعدل، والآخرون يريدون تدمير البلاد العربية، لذلك علينا الانتباه بين تحقيق مطالبنا بالثورات السلمية وبين الانسياق للعنف المدمر الذي لا يبني مصنعاً ولا يُنشئ بيتاً، وعلى الحركة العمالية أن تشجع الصناعات الوطنية، وتقلل نزعتها الاستهلاكية والتي تهدف إلى الاستدانة وعدم التوفير لأن التوفير هو أساس أي مشروع، وانغماسنا في الاستهلاك سيفقرنا عاجلاً أم آجلاً، ولن يمكننا من تحسين أوضاعنا بالشكل الذي نطمح إليه، ومطالبنا لو أُنجزت ستحسن معيشتنا، ولكن لن توصلنا للاكتفاء الذاتي إلا بمحاربة نزعة الاستهلاك لدينا، والتي يروج لها العالم الرأسمالي صباحاً ومساءً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية