الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترنيمة انتخابية..

حنان فوزي المسعودي

2014 / 4 / 30
الادب والفن


ترنيمة انتخابية..  

"شهر واحد فقط....واستطيع العودة الى ممارسة عملي."....
فكرت منيرة..وهي تستعد للأستحمام..وتتأمل الملابس الانيقة التي تناثرت على فراشها .والتي لم يسبق لها ان ارتدت مثلها ابدا...فلم يكن يتطلب عملها سوى ارتداء عباءة سوداء...وخف عتيق..كانت تحرص على ان لايسرق كلما خلعته في منزل احدى الزبائن.
رشت الماء على جسدها الاربعيني المترهل...بينما اخذت الذكريات تنساب منها بعفوية ..كالماء المتساقط من الحنفية القديمة التي توسطت ارض الحمام... تذكرت كيف جاءت من الجنوب بعد وفاة والديها لتسكن في بيت خالتها الحاجة هدية....وهي دلالة معروفة في الرحمانية....وكيف شعرت بالسعادة وهي تمتلك لاول مرة غرفتها الخاصة في المنزل المتهالك الذي تستوطنه خالتها... كانت تجد صعوبة في التركيز على دروسها فأثرت ترك المدرسة بعد المرحلة الابتدائية ..وهي بالكاد تتمكن من فك رموز الخط..وحساب اجرتها كل ليلة...
صبت كمية اخرى من الماء..وتذكرت..كيف ابتدأت بالعمل في الدلالة مع خالتها ....وكيف كانت الخالة تستفاد من نشاط تلك الطفلة ورشاقتها من خلال ارسالها الى الزبائن بالاغراض والعودة سريعا بالمقسوم...حتى انتبهت الخالة ذات يوم الى منيرة وهي تغني احدى مواويل سليمة مراد...ولاحظت صوت ربيبتها الشجي....فكان لابد من توديع مهنة الدلالة..واستقبال مهنة اخرى تدر ربحا اكبر...وبجهد اقل...فلم تكن مفاصل الحاجة هدية تسمح لها بالدوران في الاسواق او على بيوت الزبائن الذين يصرون على الشراء بالدين رغم بخس قيمة مبيعاتها....
ابتدأت منيرة بالغناء....كانت تنشد المواويل والاناشيد الدينية والمناقب الحسينية...في الافراح والمأتم وفي عاشوراء..ومالبثت ان لمع اسمها وازدادت شهرتها كملاية من الدرجة الاولى. انهت حمامها وإرتدت دشداشتها القديمة ذاتها اذ يبدو انها لن تجرؤ على تجربة الملابس الجديدة..ومن الافضل لو بقيت في مكانها على السرير ..للفرجة فقط.... لم تعد مهنة الملاية تدر لها ربحا في الاونة الاخيرة فقد تغير محيطها واصبح للناس انشغالات اخرى اكثر اهمية  من جلسات نسائية سرية للغناء او طلب المراد..كما كان للسجائر الفضل الاكبر في تلك البحة والسعال المتواصل الذي ينتاب منيرة بين الحين والاخر فيعيق  اداءها...
"كل مايتطلبه الامر شهر واحد"
"شهر واحد من الالتزام والسيرة الحسنة والتوقف عن الشجار مع الجيران..."
"بعدها ستمتلكين كل شئ"...
كانت تلك هي كلمات جارهم الحلاق.....شيخ سباهي الذي اقترح عليها تغيير عملها...والاتجاه نحو مهنة اخرى اقل جهدا واكثر ربحا.... مازالت منيرة وجلة....وهي تتخوف من الطريق الجديد الذي سوف تسلكه.....لقد قامت بالاستعداد لكل شئ..وهاهي شهادتها المزورة تتلامع على حائط الغرفة لتثبت ان منيرة خريجة السادس الابتدائي قد انهت اعدادية التجارة..... وهي لاتعلم..... وهاهي الملابس الجديدة تحتضن جسدها بنعومة... بينما تساعدها ابتسام...ابنة الشيخ سباهي على وضع بعض مساحيق التجميل.... كي تبدو ملامحها اجمل وهي تستعد لإلتقاط صورتها التي ستنشر على الملصقات الانتخابية.....
نعم....فمنيرة الدلالة سابقا والملاية حاليا... سوف تترشح لمجلس النواب..... ولكن ماذا ستعمل  ؟؟؟ فليس هناك من مجال للدلالة ولا الغناء تحت قبة البرلمان..... فكرت منيرة..وهي تمشي بصعوبة مرتدية الكعب العالي لاول مرة في حياتها.... "هي الدنيا شنو...كلها غنا وتسفيط....واني طول عمري احسن وحده تسفط.." قالت كلماتها تلك...وركبت سيارة الشيخ سباهي...مسؤول حملتها الانتخابية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري