الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمشق العصّية

علي الخليفي

2014 / 4 / 30
الارهاب, الحرب والسلام


قبل ألفٍ وأربعمائة عام ، حاصرت جموع الهمج البدو أسوار دمشق ، مدعية أنها تحمل رسالة من السماء إليها . واستطاعت تلك الجموع الهمجية إجتياح دمشق وباجتياحها لدمشق إجتاحت قلب الحضارة وعاتت فيه فساداً ودمارا .

فسقطت الحضارة صريعة بين أيدي القبائل المتوحشة وتحولت دمشق من عاصمة لحضارة الدنيا إلى عاصمة لمملكة التوحش والتخلف والإنحطاط.

دارت الأيام دورتها وسقطت مملكة التوحش تلك لكن أثار توحشها وتخلفها ظلت لحقبٍ مُتطاولة مُختلطة بهواء وماء وتراب دمشق ، وعانت دمشق المرارات لتطهير نفسها من ذلك الوباء البدوي.

اليوم وبعد ألف وأربعمائة عام يعود ذات البدوي الحامل لأوبئة الدنيا كلها ،يعود ليقف عند أسوار دمشق من جديد بعد أن عدّل في هيئته ، فاستبدل عِقال سلفه المنسوج بالليف بعِقال مغزولٍ من خيوط حريريه ، وأستعاض عن قطعة القماش المتسخة التي كان سلفه يغطي بها رأسه بشماخ ملون بالوان زاهية منسوج بأنامل شقراوت العالم المُتحضر ، وظن لحمقه أن إصلاح هيئته سيُصلح داخله المليء بالقبح والتقرحات والوساخات.

عاد خلف ذاك الهمجي ليقف عند ذات الأسوار التي وقف عندها سلفه ، مدعياً نفس الإدعاء الذي إدعاه أسلافه بأنه جاء يحمل رسالة من السماء لدمشق ،تلك الرسالة التي حملها سلفه على أسنة السيوف والرماح ، وجاء هذا الخلف يحملها مُقرطسة في دولارات نفطه وغازه القذرة.

لكن دمشق إستوعبت الدرس وأدركت أن اللصوص وقطاع الطرق هم من يدعون أنهم رسل السماء وحملة وصاياها ، فغلّقت أبوابها دونهم ، وأستعصت أسوارها عليهم وعلى غلمانهم الذين اشتروهم وجمعوهم من أسواق نخاسة العالم .

وقفت دمشق لسنوات أربع شامخة كشموخ قاسيونها ، تسخر من محاولات ذاك الأعرابي وغلمانه تسلق أسورارها ، ليقع في كل مرة وقعة أشد من سابقتها على مؤخرته المُتهدلة ، وسيظل يحاول وسيظل يقع حتى تتهشم مؤخرته كما تهشمت مؤخرة جده إبن فرناس عندما تصدى لما هو ليس أهلاً له .

لعل الوقعات المتكررة تجعل عقل هذا الاعرابي ـ إن كان له عقل ـ تجعله يعمل ، ويدرك أن وقوفه عند أسوار دمشق جلب له العار والفضيحة لأن وقفوفه عند تلك الأسوار جعل الدنيا بأسرها تقارن بين تلك الأسوار الشامخة ت الضاربة بقوبة في طبقات الأرض والسماء وبين حجمه الصغير والقميء الذي يجعله يظهر على تلك الأسوار كدودة حقيرة بائسة تتطلع لما لا تدرك.

مجيء هذا الإعرابي في نسخته الثانية وأندحاره سيحمل خيراً كثيراً لدمشق ، فهو سيمنح دمشق قدرة أكثر على التطهر من بقايا الأوبئة التي حملها أسلافه في رسالتهم الملغُومة بالأوبئة التي إدعو أن السماء كلفتهم حملها.

ستكون دمشق الأن أكثر مقدرة على التعافي والتطهر ، وستعود بعد التخلص والتطهر من أدران تلك الرسالة الملغومة ،ستعود لما كانت عليه قبل إجتياح قطعان الجراد لها قبل ألف وأربعمائة عام ، ستعود لتكون كما كانت دائما عاصمة للدنيا وواحة للنفوس العطشى للجمال والفن .

سيندحر الأعراب وسيعودون ليختفو خلف كثبانهم الرملية المتحركة ، وستبقى دمشق دائما هي المكان الذي تستريح فيه النفوس أكثر من أي مكان في الدنيا .

ليس فقط لأبنائها بل لكل من إلتقاها يوماً ، ووقع في عشقها ، وما أكثر عشاقك يا دمشق العصّية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دمشق الحضارة
شام ( 2014 / 4 / 30 - 19:45 )
دمشق التي صنعت حضارة الانسان منذ الأزل ستظل تصنع الحضارة وتقف في وجه التوحش والبداوة . فالحضارة يصنعها الإنسان الضارب بجدوره في صناعة حضارة الدنيا وليس الطارئين الذين لم تعرفهم الدنيا طوال تاريخها وعندما عرفتهم عرفتهم كمعاول هدم للحضارات .دمت بخير كاتبنا المتألق دائما


2 - التخلف الموروث
lulu ( 2014 / 4 / 30 - 21:14 )
تلك الوحوش البشرية لم تتغير ولم تتبدل الا بقطعة القماش التي انسدلت على اجسامهم المتسخة بدماء البشر ,اما افكارهم المتخلفة الدموية الموروثة تنتقل من جيل الى اخر لتنشر سمومها في عقول البهائم التابعة لفصيلتهم وهؤلاء امام دمشق وحضارتها ليسوا سوا صعاليك تحاول ان تنهش
من اقدام دمشق ولكن هيهات هيهات
مبدع كما عهدناك تحياتي لك


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 30 - 21:40 )
1- كلام عاطفي , خالي من المصادر! .
2- أهل الشام -قبل دخولهم في الإسلام- كانوا تحت الأستعمار البيزنطي .
3- قامت حضارات إسلاميه في دمشق , مثل الدوله الأمويه , و ها هو جامع دمشق خير شاهد .
4- الإسلام دين العلم و الحضاره , و ليس الهمجيه كم تعتقد , راجع :
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1487659634780755&id=100006101974822&ref=notif¬if_t=like
5- الهمجيه مربوطه في الديانه المسيحيه التي كانت تستعمر الشام بإسم الإمبراطورية البيزنطيه , و هذه صور من همجية المسيحيه , راجع :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412521


4 - تبا لك
سالم ( 2014 / 5 / 1 - 07:10 )
ما الذي ابقته براميل سيدك المتحضر في دمشق ؟ وحلب ؟ وكل سوريا ؟ تصفقون لهذا الاهوج المتخلف وتطلبون منه البقاء في الحكم لكي يحكم العالم ؟ هذا الدكتاتور الصغير الذي رضع الحقد مع حليب امه وتتلمذ عل يد ابيه على القتل والمراوغه وسلم سوريا الى ايران الشعوبيه . كلامك هذا نابع من نفس مملوءه حقد وكره لكل ما هو عربي حتى انك لم تذكر كلمة عرب بل وصفتهم بالبدو وكان اجدادك عبدة نار المجوس كانو اكثر تطورا .بالله عليك الم تحكم سوريا بالحديد والنار منذ جاء المقبور حافظ الاسد الى الحكم وصفى جميع رفاقه لكي يتفرد بالسلطه ويحوله الى حكم الطائفه وليس حكم الشعب . تدعي انك كاتب تبا لك وتبا لما تكتبه تدافع عن هذا المتخلف الذي ورث الحكم عن ابيه وحول سوريا الى كسرويه كان الاجدر بك ان تصعد على الطاوله وتشد خرقه على حقويك وترقص وتصيح انا ايراني ...انا ايراني


5 - شكرا لمروركم
علي الخليفي ( 2014 / 5 / 1 - 07:58 )
السيدات والسادة أصحاب التعليقات المتفقة والمعترضة شكراً لمروركم ولإسهاماتكم دمتم بسلام


6 - لقد صمدت سورية في وجه الأهبل أبو البراميل وأعوانه
سوري فهمان ( 2014 / 5 / 1 - 12:29 )
نعم دمشق التي صنعت حضارة الانسان منذ الأزل ستظل تصنع الحضارة وتقف في وجه التوحش العلوي الذي أتى من خلف البقر . لقد صمدت سورية في وجه الأهبل أبو البراميل وأعوانه من اصحاب زواج المتعه إرهابيي ولايت الفقيه أربع سنوات وستنتصر سورية على هولاء المتوحشين


7 - كلام صحيح
مراد ( 2014 / 5 / 2 - 00:41 )
أوافق الكاتب في مقالته ستبقى سوريا الحضارة صامدة في وجه البدو المتمدن في لباسه متخلف في عقله
احسنت وفقك الله


8 - دمشق ياذا السيف
مروان سعيد ( 2014 / 5 / 2 - 08:30 )
تحية لك استاذ علي وتحيتي للجميع
نعم لكل ما قلته بموضوعك هذا الشام عصية على كل بدوي وطامع منذ نشئتها وستكون الجبل الذي لا يرهبه قليلا من الصراصير
ولك وللجميع هذه الهدية لفيروز شام ياذا السيف
http://www.youtube.com/watch?v=jCJ_VfrXbiQ
وابشركم بانه انتها الخريف واتا بعده الصيف صيف دمشق بزهوره وسنكنس ما نشرته هذه البداوة من قذارة وسنرجع الى بناء الوطن من حلب وحمص وحماة
والف رحمة على شهداء الوطن والوطنيين الذين دافعوا بدمائهم عن وحدة سوريا وشعبها ضدد هذه الهجمة الشرسة التي تقودها قطر والسعودية وتركيا وازيالهم
ولل المخدوعين الذين يدافعون مع البداوا الم يكفيكم الاستعمار العثماني اربع مئة سنة انسيتوا الخوازيق ام تعودتوا عليها فعلا زاكرتكم ضعيفة انا شخصيا افضل البراميل على الخازوق وللتوضيح اكثر افضل الحرامي على القاتل والحرامي والسابي
وللجميع مودتي


9 - التاريخ والحاضر
رائد الحواري ( 2014 / 5 / 2 - 12:43 )
لم يستفد العرب من تاريخهم رغم ما فيه من شواهد ـ من المفترض ان تدفع بهم الى طريق الصواب لكن...


10 - يتناوب على الحوار المتمدن شبيحة ونبيحة أبو البرامي
سوري فهمان ( 2014 / 5 / 2 - 13:32 )
يتناوب على الحوار المتمدن شبيحة ونبيحة أبو البراميل وهم معروفون فبالامس كان الأمل المقرف الذي اختفى وحل محله اليوم نبيح أخر يردد كلمة خلصت مبشرا بسيطرة الارهاب العلوي من جديد على سورية ويعيش من دون أن يشعر أحلام اليقظة ولم يعلم أبدا أن العاقل من اتعظ بغيره وله في صدام أكبر عظة .عندما ينتهي دور الوريث القاصر بتدمير بلدنا الحبيب سيشدون عليه السيفون كما فعلو مع القذافي وغيره ليذهب إلى مكانه الطبيعي وطالما بقي أمل في سورية سيبقى هذا المجرم وعصابته مختار لحارة دمشق فقط لا غير.

اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت