الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قذائف هاون ... على الأهل

خالد قنوت

2014 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


أحد السوريين الموالين أرسل لي في بداية الثورة مقالة عن دور القناصيين المرتزقة في تأجيج المشاعر الغريزية و إثارة الفوضى مرفقة بصور عن أماكن تمركزهم و طرق تخفيهم و انسحابهم بطريقة بوليسية مخابراتية فتحسب نفسك أمام فيلم هوليودي. لم أرد عليه و لا على هذه المقالة لسببين أني متأكد أن أي تحليل علمي للمقالة أو لتفاصيلها البلهاء لن تغير في ثوابت يؤمن بها ذاك الموالي من مؤامرة كونية تنال نظام بيت الأسد و ثانياً لأني كنت متأكد و بالدلائل الحسية التي يصورها الناشطين الاعلاميين عن قناصي عناصر المخابرات و الفرقة الرابعة و الحرس الجمهوري و بمعرفتي العميقة كما كل السوريين بطبيعة النظام الأسدي و كيف عمل و يعمل المستحيل لقمع ثورة السوريين ضده.
يندرج هذا الكلام و لو بنسبة معينة عن قذائف الهاون التي تنهال على الأهل في المدن السورية و يتهم بها التنظيمات المسلحة المعارضة, و سأتحدث عن الاحتمالات الممكنة للجهة التي تطلقها و عن نتائجها.
لن أتهم اسرائيل و أحملها سقوط القذائف على السوريين المدنيين دون تمييز بين ثائر أم موالي أو من ليس لديه موقف واضح لما يحدث, كما علمنا النظام الأسدي و العربي عامة في رمي مشاكله على العدو الوجودي الأول رغم أن الربيع العربي أظهر لنا كشعوب عربية أعداءً أشد بأساً و همجيةً من اسرائيل ألا و هي الأنظمة العربية القابعة على صدورنا منذ عقود من الذل و القهر و اللصوصية.
من يطلق الهاون؟
هناك احتمالين لا ثالث لهما, إما التنظيمات المسلحة على اختلاف تشكيلاتها و انتماآتها للمعارضة السورية أو قوات النظام الأسدي, بحكم أنهما من يحملا السلاح و يملكان مدافع الهاون و لكن ما هو سلاح الهاون؟ سلاح الهاون سلاح فردي يحتاج لمدفع سهل الحمل و لقاعدة و توجيه غير دقيق, يختلف عيار قذيفته و المدى المجدي و لكنه بالتأكيد هو سلاح عشوائي هدفه إصابة منطقة العدو و ما حولها بالصدمة و التصدع أكثر من التأثير الموجه لقتله و القضاء عليه.
في عودة لمن يطلق الهاون, يمكن أن تقوم بعض التنظيمات المسلحة المعارضة المتعددة الخلفيات الفكرية أو التمويلية يتوجيه سبطانات مدافع الهاون على المدنيين السوريين و خاصة في المدن الكبيرة و قد تكون لهم دوافعهم:
1- نقل المعركة من مناطق بعيدة إلى مراكز النظام الأمنية و العسكرية في المدن, حتى و لو كانت بين الأبنية السكنية للمدنيين.
2- تخفيف الضغط العسكري و الضربات الجوية على المناطق الثائرة التي غالباً هي في المناطق الريفية.
3- تقليب الرأي العام على النظام و محاولة تحريك القوى المحايدة ضد سياسة النظام و شبيحته.
4- قد يكون للبعض من تلك التنظيمات هدف تعميم التدمير و الخراب لكل المناطق السورية بعد أن دمر النظام مدنهم و قراهم و بيوتهم و هجر أهلهم.
لكن سؤال المليون المشروع: لماذا تستهدف قذائف الهاون المناطق ذات الأغلبية المعينة كالمسيحية و الدرزية و لا تستهدف مناطق تمثل أغلبية لموالاة النظام ففي دمشق نرى مناطق القصف العشوائي تطال جرمانا و القصاع و الطبالة مثلاً و لا تستهدف عش الورور و السومرية و مزة 86 و يمكن أن ينطبق الموضوع على مدينة حلب؟؟ و هنا يأتي الاحتمال الثاني لمطلق الهاون و هو النظام نفسه حيث ذاكرة السوريين مليئة بتاريخ من القتل و القصف و الاغتيالات التي قام بها النظام و ألصقها بأعدائه المحليين ضمن خططه الجهنمية للإطاحة بها و بكل معارضيه بمعيتها و ما مارسه في لبنان و العراق يذكره تاريخ مسجل بدماء المدنيين لهذا النظام المجرم مقابل حصده للنتائج السياسية و الأمنية زمناً طويلاً.
لهذا النظام مقدرة تدمير معارضيه و تدمير مدن و شعوب فيها لبقائه و نتذكر حماة و جسر الشغور و سجن تدمر و بعض مناطق حلب في الثمانينيات ثم أحداث السويداء و انتفاضة الأكراد بالقامشلي أما في لبنان فحدث و لا حرج, تل الزعتر, زحلة, نهر البارد, لا و يمكن أن نضع كل لبنان على خارطة جرائمه و كذلك في العراق و سياراته المفخخة على امتدار العراق المحتل ثم المقيد بطائفييه الجدد. نتحدث عن التاريخ قبل قيام الثورة لننتقل لأكثر من ثلاث سنوات من التدمير اليومي و القتل للسوريين بشتى أنواع السلاح الفتاكة فهل يمكن اسثناء قذائف الهاون من نظام يستخدم السكود و البراميل المتفجرة و العنقودي و الكيماوي؟؟
ما هدف النظام من استخدام الهاون و اتهام المعارضة؟
1- استمرار التدمير على المدن الكبرى المرشحة للانضمام للثورة.
2- إقناع الموالين بعبثية الثورة و ضرورة استمرار الحرب عليها باعتبار خيارهم هو استمرار النظام كمصدر أمان لهم.
3- إرهاب المترددين و خاصة الأقليات من البديل إن كان لا يهتم لحياتهم في تقصد قتلهم دون تمييز و خاصة و أن النظام على أبواب استحقاق الرئاسة الصوري.
4- رسالة إلى الثائرين و المؤيدين للثورة بأنها خطأ كبير و لا جدوى من استمرارها و أنها تفتقد لبديل عن النظام يحقق أهدافهم لا بل ترسم صورة قاتمة عن البديل و هي القتلة و قطاع الطرق و المتطرفين و اللصوص.
النتائج المتوقعة لقذائف الهاون على السوريين:
1- استمرار التدمير اليومي للبنية التحتية للمدن السورية و خاصة دمشق و حلب و أساليب العيش المتبقية فيها.
2- ازداد الفوضى و تعميمها على كل مناطق السورية الثائرة أو التي من المحتمل ثورتها على النظام بسبب الظروف الصعبة و المتفاقمة السوء و بذلك تؤجل تعميم الثورة و اللعب على الوقت.
3- تدمير البنية الأساسية للدولة السورية التي عمرها السوريين من قبل الاستقلال و لو كان النظام قد صادر مؤسسات الدولة و لكن هذه البنية يجب أن تستمر و تبقى لما بعد سقوطه لأنها اساس الدولة السورية الجديدة المحررة.
4- ازداد الفقر و التشرد و الأزمة الاقتصادية التي تطال السوريين القريبين من خط الفقر و الفاقة و تعميم الخراب الاقتصادي و الاجتماعي و النفسي لكل أفراد الشعب السوري في المدن الكبرى.
نعرف جميعاً المكاسب التي يجنيها النظام من تعميم الخراب و الفوضى و الخوف بين السوريين جميعهم بقصف الهاون حيث تقف معه آلة إعلامية محلية و دولية مبررةً ازدياد عنفه و جبروته على كل السوريين بحجة قمع متمردين و متطرفين محاولاً إرهاب بقية السوريين بتدميرهم بسلاحه أو بسلاح ينسبه للمتطرفين قاطعي الرؤوس, و لكن ما هي أهداف القوى العسكرية المعارضة السياسية و العسكرية إذا كانت هي من تستخدم قذائف الهاون على المدنيين السوريين؟ هذا إذا اعتبرنا أن هناك سياسة بالأصل. ما الهدف العسكري النبيل من قطع المياه و الكهرباء عن أحياء كبيرة عن مدن كدمشق و حلب؟ هل تفيد قضيتهم الثورية العظيمة؟ هنا لا داعي لأن نذكر بالظروف الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري حتى الثائر و الرافض للنظام الأسدي غير ظروف القهر التي يمارسها قوات النظام و شبيحته و ميليشيات جيشه الوطني الجائعة.
كلمة أخيرة و اساسية, كائن من كان من يطلق قذائف الهاون و يقطع المياه و الكهرباء عن المدنيين السوريين و سبل العيش و الاستمرار فهو خائن للشعب السوري و للإنسانية و للوطنية هو جندي مأجور أو جندي يخدم بغباء نظام الأسد المجرم و استراتيجيته القذرة و بغض النظر عن قوانين دولية تلاحق كل من يستهدف المدنيين في الدول المتحاربة بالقصف أو الحصار أو التجويع فكيف إذا كان القصف يتناول مدنيين سوريين هم الأهل و المستقبل.
الثورة السورية قامت من أجل كل السوريين, حتى الموالين منهم ليعودا للوطن و لبنائه من جديد على اسس الحرية و الكرامة و المحبة و استخدام هذه الوسائل العسكرية العشوائية وغير العشوائية حتى للمدنيين الموالين هو فعل غير ثوري و غير وطني و غير انساني و تبرير ذلك بما فعله النظام في المناطق الثائرة غير مقبول لأن الثوار الحقيقيين لا يمارسون خسة و وضاعة النظام و إلا صاروا مثله و لن يسقطوه ابداً و الفرق كبير بين موالي للنظام و بين شبيح و قاتل سيكون مصيره المحاكمة و القصاص العادل.
من واجب كل السوريين و كل الأحرار في سورية و خارجها أن يقفوا ضد هذه الأعمال اللاإنسانية و اللأخلاقية و على رأسهم كل من يعتبر نفسه ممثل للثورة و الحراك المدني و العسكري و إلا فإنهم يساهمون في القضاء على الثورة و على سورية و في بقاء نظام الخيانة على صدورنا لعقود أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيك سوليفان: -قرار تجميد شحنة الأسلحة، لا يعني أننا سنتخلى ع


.. اتساع رقعة العمليات العسكرية في غزة رغم الدعوات الدولية لوقف




.. معارك ضارية في الفاشر والجيش يشن قصفا جويا على مواقع في الخر


.. -منذ شهور وأنا أبحث عن أخي-.. وسيم سالم من غزة يروي قصة بحثه




.. بلينكن: إذا قررت إسرائيل الذهاب لعملية واسعة في رفح فلن نكون