الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد المغربي للشغل: من البيروقراطية الى البيروقراطية..

البديل الجذري

2014 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


إن المتتبع لمجريات الصراع وتطوراته داخل الاتحاد المغربي للشغل لا بد أن يقف عند حقيقته (طبيعته) وأن يستشف آفاقه الآنية والبعيدة المدى. فهل هو صراع من أجل دعم وخدمة مشروع مجتمعي بديل، وعلى أرضية برنامج نقيض للمشروع والبرنامج البيروقراطي، أم هو مجرد خصومات بين"رفاق" الأمس، سرعان ما ستجد لها حلا من داخل نفس التوجه السائد والمسيطر على المركزية النقابية، أي على نفس الأسس والأرضية التي كانت من وراء الأزمة الذاتية التي تعيش على وقعها هذه المركزية؟ علما أن القيادات والهياكل والمؤتمرات تتم صناعتها من أجل أن تبقى المركزيات النقابية المغربية ومعها العمل النقابي المشوه سلاحا في يد الباطرونا ومعها النظام القائم لتوجهه الى ضرب مصالح الطبقة العاملة والحد من تطور وعيها السياسي والتنظيمي. وحقيقة هذه المركزيات (الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل) هي كونها الآن مقاولات اتخذت من العمل النقابي سلعة لوضع أسهمها في سوق الأعمال وعالم الأموال وفي أسواق البورصة. والسؤال الذي يفرض نفسه من خلال هذه الحقيقة، هل نحن إزاء مجرد بيروقراطية متربعة على عرش هذه المركزيات أم نحن إزاء مافيا عالم المال والأعمال؟ مافيا احترفت الاستثمار في العمل النقابي وجعلت من النقابات مجرد أدوات لخدمة الرأسمال العالمي والمرتبطين به محليا، بما يفرض ذلك من مواجهة لكل عمل نقابي جاد أو بلورة نقابة أو مركزية نقابية لها هدف خدمة الفئات والطبقات التي تمثلها، وتكون سلاحا حقيقيا في أيدي المضطهدين، وخاصة الطبقة العاملة، لمواجهة القمع والاستغلال الطبقيين للنظام القائم. إن تحديد الصورة الحقيقية التي توجد عليها هذه المركزيات، وكذلك واقع العمل النقابي، وكذلك نسبة الشغيلة الضئيلة جدا المنتمية لهذه المركزيات، مقارنة مع النسبة الحقيقية للشغيلة، بالإضافة إلى العوامل السالفة الذكر، هي جد ضرورية لإنتاج الموقف السليم والعلمي الذي يوجه عمل ونضال الخط الديمقراطي الحقيقي ورهاناته في اللحظة التاريخية الراهنة. فهل الأسلوب المعتمد للوصول إلى المكاتب والقيادة (الكراسي) على ضوء الصورة السالفة الذكر هو الطريق الناجع لمواجهة البيروقراطية، أم أن الوصول لهذه المراكز هو ارتباط جذري وديمقراطي بالقضايا الحقيقية للطبقة العاملة، وهو طريق مواجهة النظام والمافيا المسيطرة على المركزيات النقابية، وكل البيروقراطيات النقابية، وكل المنتفعين والانتهازيين الذين يتسلقون المراكز الاجتماعية وأهم الوظائف على حساب بؤس الطبقة العاملة؟ فالمناضل الحقيقي هو نتاج معمعان الصراع الطبقي من خلال المعارك الميدانية بنجاحاتها وإخفاقاتها، وهو نتاج الحركة النضالية منها واليها. إن جماهيرية ومضمون وقوة أي إطار تتحدد من خلال هذا المضمون وليس العكس، أي تحديد الحركة ومضمونها من خلال إطارها التنظيمي، أي شكلها. كما أن قوة قيادة معينة هي في قوة الجماهير التي تعبر عنها هذه القيادة، وضعف الجماهير أو القاعدة الجماهيرية هو في ضعف القيادة. فالقيادي قبل أن يصبح كذلك، فقد أنتجته حركة معينة، أنتجه التزامه بقضايا الحركة، كمدافع شرس عن مصالحها (فالحركة هي السابقة عن أي إطار)، فهو لم ينتج من داخل المكاتب وفي مراكز القيادة بعيدا عن الجماهير، كما هو الشأن في الغالب لما هي عليه قيادة المركزيات النقابية. وحتى إن كانت قيادة لها ماض نضالي فقد قدمت استقالتها من العمل النضالي منذ مدة وتحت عناوين مختلفة واحترفت لعبة الكراسي، بل أصبحت ملكية مدونة تحت اسمها وكأنها من اختراعها وتمتلك الملكية عليها كالملكية الفكرية. ألم تكن الرؤية التي اعتمدها حزب النهج الديمقراطي ومعه أنصاره في تسابقهم وتهافتهم على مراكز القيادة مع من استنتجوا (متأخرين) بأنهم بيروقراطية نقابية، وفي توافق معهم وعلى نفس الآليات والقواعد التنظيمية البيروقراطية، بعيدة كل البعد عن الجماهير والتي تبقى، أي الجماهير، مجرد أرقام لتأثيث المشهد المعد مسبقا والمعروفة نتائجه وحتى قبل أن تصدر أي قرارات أو نتائج، هي التي أعطت القوة والمشروعية، بل وحتى الشرعية التي لا زال هؤلاء متشبثين بها إلى إخراج ورقة الطرد في وجوههم من الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل؟ ألم تعتمد هذه البيروقراطية على الاستثمار في هذه الوضعية، وبدعم مباشر للنظام وكل أدواته في مواجهة أي نزوع ديمقراطي؟ إننا نستحضر ذلك، وبكل مرارة، لأنه بدون رؤية الصراع مع النظام ومع الخط البيروقراطي لا يمكن إنتاج قيادة نقابية تكون معبرا حقيقيا عن طموحات الشعب المغربي. وستتكرر نفس الحالة وبمختلف السيناريوهات عند كل تطور في وضع سياسي معين، كما هو الشأن مع انتفاضة وثورات شعوب المنطقة برمتها. وفي إطلالة ولو سريعة على أسلوب صنع المكاتب والمؤتمرات والقيادات من داخل إطارات تحت قيادتهم، نموذج الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وكيف يتم إقصاء مناضلين، بل كيف يتم تجميد فروع بأكملها وحل بعضها، كل ذلك في سبيل التشبث بالقيادة، ولا شيء غير ذلك، وبنفس الشاكلة التي راحوا ضحيتها ومعهم بعض المناضلين الجذريين. إنها النتائج الموضوعية لصناعة القيادة عن طريق توافقات مسبقة وبطريقة مدروسة بشكل دقيق لا تترك ولو مجالا بسيطاً لحدوث مفاجأة معينة. فجائز القول بأن التعود على ذات الأسلوب، مع البيروقراطية النقابية والقوى السياسية المرتبطة بها، قد أصبح ثقافة تنظيمية وسياسية لديهم. والسؤال: هل الصراع الذي دخل فيه حزب النهج الديمقراطي مع الخط البيروقراطي هو من اجل بديل عنها أم مجرد صراع لإيجاد موقع معين بجانب هذه البيروقراطية؟ إن تصوره السياسي للعمل مع هذه الأطراف وبجانبها والتوحد معها، يعكس منظورا للصراع يطلق(يقطع مع) الرهان على الجماهير والشعوب في زمن الانتفاضات والثورات التي عمت المنطقة بأكملها. فسواء أدركنا أم لم نعترف بذلك، فالصراع الذي انفجر داخل الاتحاد المغربي للشغل، وبالشكل الذي انفجر، كان في خضم السيرورة الثورية التي عرفتها وتعرفها المنطقة، والتي أعطت حكمها في الواقع الموجود، بما هو واقع يتطلب بناء أدوات ثورية لخوض الصراع، وأننا إزاء طور جديد، والذي ابتدأت معالمه في الحقبة الحالية مع انفجار الانتفاضات والثورات، وبالتالي فانفجار الوضع مع التزامن مع الوضع العام بكل مستجداته، وبكل تناقضاته، يفرض بالضرورة التحيز، والرهان على الشعوب، وبناء أدواتها التنظيمية المستقلة سياسيا ومن ضمنها النقابات أي أن الوضع الجديد يدفع إلى التفكير بطريقة تستجيب لمتطلبات المرحلة، وامتلاك تصور لحقيقة مضمون الصراع بين الخط الديمقراطي والخط البيروقراطي بما هو صراع بين خط يعبر عن مصالح الجماهير، وخط يتآمر على مصالحها، وينتج كل أشكال الخداع لنسف وتحييد الجماهير عن المعركة الطبقية الشاملة لجميع مستويات الصراع وتشتيت جهدها وإرهاقها وزرع التناقضات في صفوفها ونقلها إلى معركة جزئية في ركن ضيق، دون أفق سياسي، لإفراغ الفعل من كل بعد ثوري. إنه الخيار بين ساحة المقاومة وأنفاق الانبطاح. فقد صار من البديهيات أن من يتربع على كرسي القيادات النقابية لا يصل اليه بكل كفاحية ونضالية وبأصوات الجماهير المناضلة، بل يؤتى به للإسهام في تدبير أزمات الرأسمالية بعد التأكد من استعداده لخدمة" المقاولة المواطنة" أو ل"لطفه" وقلة ضرره. وهذا السيناريو تساهم في حبكه أيادي النظام والرأسماليين والإعلاميين والسياسيين قبل النقابيين، فالأمر أشبه بصناعة السلطة في بلدان الأنظمة التبعية من طرف الإمبريالية وعملائها. وعلى نفس الطريقة والتفكير والممارسة تصنع اليوم القيادات داخل "الإتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي-" بعيدا عن الجماهير وفي غيابها وفي غياب أي قطاع يمثله من ينصب فوقها، مثلما هو الأمر في بناء التوافقات والتحالفات اللامبدئية، وتوحيد غير القابل للتوحيد إلا على أرضية خدمة النظام، وخدمة الرأسمال العالمي. وذلك يتضح بشكل لا يترك أي لبس في الموقف الذي اتخذته قيادات المركزيات النقابية ومن ضمنها قيادة الإتحاد المغربي للشغل بانحيازها بشكل مطلق إلى جانب النظام، وخضوعها لإملاءاته، ضد إرادة الشعوب في التحرر من الأنظمة الديكتاتورية. ولم يكن الموقف السياسي لحزب النهج الديمقراطي بالموقف المنسجم مع طبيعة المرحلة، حيث اختار التموقع في الوسط، فما هو مع ولا هو ضد. هذا في عودتنا الى الماضي القريب، أما ما يجري الآن في ساحة الصراع مع الإجرام والمؤامرات التي يحيكها النظام ضد الشعب ومناضليه المخلصين في الجامعات المغربية ووسط حركة 20 فبراير والحركات الاحتجاجية وكل الإفراز السياسي، فحزب النهج الديمقراطي انحاز لمتراس اليمين، ويقدم نفسه دون خجل، على طريقة الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سنوات الثمانينات والتسعينات، كقوة أنسب في المستقبل لإغاثة النظام. إن تتبع مسار ما يسمى ب"التوجه الديمقراطي" منذ بدايته، وبالخصوص مع طرد ثلاثة من أعضاء حزب النهج الديمقراطي من الأمانة الوطنية للإتحاد المغربي للشغل، من طرف المافيا النافذة داخل هذه المركزية، وما تلى ذلك من تطورات وصلت حتى تنظيم هجومات على كل الفروع التي اختارت التموقع ضد البيروقراطية، والذي لم يكن انحيازا أو انجرارا خلف حزب النهج الديمقراطي، بدعم مباشر من النظام، استخدمت فيه أساليب البلطجة لمواجهة المناضلين وطردهم من المقرات، وتعيين مكاتب بطريقة مباشرة من طرف الأمين العام للمركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل موخاريق (ونموذج هذه الأساليب من البلطجة ما عرفه فرع تارة)، سيلاحظ أن الارتباك هو سيد الموقف في الغالب بين من اعتبر أن الواقع الذي نشأ يتجه في طريق إعلان عن تأسيس مركزية أخرى، وبين من اعتبر بأن الشروط لا زالت متوفرة لإعادة الأمور إلى حالها قبل الانفجار، وذلك عن طريق تسوية معينة ما بين القيادة/المافيا والمطرودين، دون القدرة على تغليب هذا الاتجاه أو ذاك. والإجماع في حملة مسعورة على من اعتبر المعركة هي معركة ضد النظام والبيروقراطية المرتبطة به، وهذا الموقف "النشاز"/الجذري يدعو الى خوض المعركة بنفس وروح الانتفاضات والثورات، وإبداع وإنتاج كل الأشكال النضالية والآليات الضرورية لخوض هذه المعركة ذات نفس طويل لحسم معادلة الصراع المختلة حاليا لصالح النظام والمافيا المرتبطة به. بمعنى الوعي بأن الحسم في آخر المطاف، يتطلب خوض الصراع من هذا الحجم ووفق هذا الأفق والحسم مع المواقف المرتبكة، الالتحاق أو الانفصال، وليس ذلك بحادث عابر. وهي معركة ستكون من حجم كبير ونفس طويل، لكنها ضرورية بمعنى الإيمان بالنضال وتفجير معارك حقيقية تنسجم مع مضمون اللحظة التاريخية (لحظة الانتفاضات والثورات والفرز السياسي) وإبداع كل الآليات المطلوبة لخدمة هذا الصراع وتحقيق أهدافه. فماذا كان يعني طرح المسألة بهذه الصيغة، الالتحاق أو الانفصال، ألا يعني بأن المسألة غير قابلة للحل إلا بهذه الطريقة أو تلك؟ أم أن التحدي والمواجهة سيتعرضان إلى ضربات قوية من طرف النظام، ويمكن العصف بكل ما تراكم من خلال العمل والتوافق مع البيروقراطية، وتكون التكلفة غالية؟ إن قصور وغياب التصور الواضح هي نتيجة لخلفيات طبقية عاجزة للنظر بأن المعركة ينبغي أن تأخذ صيغة الرهان على القاعدة، وعلى أرضية مطالبها، وتنظيم الطبقة العاملة، وكل الفئات الأخرى غير المنتمية لأية مركزية، والانحياز التام للشعب المغربي والانخراط في حركة 20 فبراير والدفع بنضالاتها إلى الأمام. وبالرغم من الوضع الجديد الذي نشأ (مع الطرد و بعده) ظل التفكير ما قبل الطرد والآليات التنظيمية التي كانت سائدة هي التي يتحرك من خلالها، وفي أفقها أصحاب الثنائية. فقد ظل الثلاثة المطرودون من الأمانة الوطنية يمارسون القيادة التي كانت لهم من داخل الأمانة الوطنية قبل الطرد، وكأن شيئا لم يحدث، وكأنهم ليسوا إفرازا للوضع البيروقراطي السابق الذي أوصلهم للقيادة، وكأن البيروقراطية ستنتفي بمجرد رجوعهم إلى أماكنهم غانمين. فهل الوضع الجديد الناشئ لا يعني أن الصلاحيات التي كانت لهم قد سقطت مع هذا الوضع الجديد؟ فهل الوضع الجديد لا يتطلب آليات جديدة تستوعبه، وتقود المرحلة ولن تكون إلا آليات ديمقراطية بالطبع؟ نجد كذلك أن من طرد أو انسحب من اللجنة الإدارية قد ظل يمارس صلاحياته وكأنه من داخل اللجنة الإدارية قبل الوضع الجديد. فهذه القيادة الجديدة/القديمة تمارس القيادة، رافضة أن تنظر إلى الوضع الجديد، مجندة أسلحتها لكل نقد يوجه إليها، ومتربصة بكل إفراز نضالي لخدمة أجندة الحزب الضيقة. في حين أن الجدية والمسؤولية تتطلب إنتاج آليات ديمقراطية تقود معارك المرحلة، والانفتاح على التطورات التي تخترق هذه اللحظة، وعلى رأسها بالطبع تطلع الشعب المغربي إلى الحرية والإنعتاق، خاصة مع ظهور وبروز معارك نضالية لبعض الفئات مثل معركة رجال التعليم (الترقية ورفض المباراة) في إطار التنسيقية وخارج أي إطار نقابي، وظهور لجان شعبية وعمالية خارج أي إطار نقابي، وبالمناسبة فهو دليل على الرفض للتوجه السائد داخل هذه المركزيات ورد على هذه القيادات المتورطة في بيع الطبقة العاملة والاتجار في قضاياها بشكل عام. ومن التناقضات الخطيرة التي واجهت هذا المسار هو غياب موقف واضح لدى هذه القيادة الجديدة/القديمة، هل نحن إزاء مسار سيفضي إلى تأسيس مركزية جديدة أم نحن إزاء خلق موازين القوة للالتحاق بالاتحاد المغربي للشغل؟ وطيلة هذا المسار لم تنقطع الاتصالات بين القيادة الجديدة /القديمة وقيادة الإتحاد المغربي للشغل، وأبرزها الرسائل الموجهة إلى الأمين العام موخاريق، والتي يعبر من خلالها بشكل واضح عن خيار الالتحاق، ويبقى طرح شروط معينة للالتحاق دون أهمية كبيرة بالنظر لطبيعة الأزمة. فالموقف غير الواضح أحدث وفق رؤية القيادة الجديدة /القديمة ارتباكا واضحا في صفوف أنصارها، فتارة يفهم بأن مسار البناء (حسم قطاعات معينة، الجامعة الوطنية للتعليم – الجماعات المحلية، خلق اتحادات، طرح آليات معينة لخلق امتداد داخل القطاع الخاص)، يتجه في منحى خلق مركزية جديدة، وتارة أخرى أمام استمرار نهج المفاوضات يفهم بأنه يمشي في إطار الالتحاق بالاتحاد المغربي للشغل، ليصبح خيار الالتحاق هو الموقف السائد مؤخرا، وتبقى قواعدهم عرضة الى اللاموقف. ومن الرواسب الخطيرة ل"الخط الديمقراطي" (القيادة الجديدة /القديمة) هي الطريقة التي تم بها توسيع اللجنة الإدارية، حيث تم الاعتماد على طريقة التعيين في فرز هيئات لها صفة تدبير المرحلة دون العودة إلى القاعدة أو حتى إشراكها بصيغة أو بأخرى في ضرب صارخ لأحد المبادئ الأساسية لأي عمل نقابي كفاحي، وهي الديمقراطية. ومن النقط الأساسية التي يتعين على اللجنة الإدارية الموسعة والمعينة البث فيها أو بالأحرى تنفيذها: هي المفاوضات مع قيادة الاتحاد المغربي للشغل وكذلك التهيئ لانتخابات اللجن الثنائية. ويمكن أيضا التوقف عند الطريقة التي تم بها منح التفرغ النقابي (الجامعة الوطنية للتعليم) حيث تم خلق بنود في القانون الداخلي تتناقض مع مقررات المؤتمر الوطني العاشر وتعطي للأجهزة الجهوية الصلاحية في اقتراح المؤهلين لذلك، وتم سحب القرار من هذه الأجهزة الجهوية لتنفرد به القيادة وتبث فيه بشكل نهائي، هذا دون أن تدخل في نقاش الموضوع، أي التفرغ النقابي، وهناك من يعتبره مجرد ريع نقابي، مستندين في ذلك على تجارب ملموسة، سواء بالنسبة لكيفية منحه ومن يستفيد من ذلك، أو بالنسبة لمسار المستفيدين من هذا الامتياز، حيث أن هناك من دخل عالم المقاولات واحترفها ولم يعد يربطه بالعمل النقابي أية صلة. فلماذا ينعت كل من يختلف مع القيادة الجديدة/القديمة بأنه مجرد مشوش؟ لماذا هذا الهروب إلى الأمام؟ ألفرض الأمر الواقع؟ في الحقيقة لا يمكن أن ننفي وجود هذه الكائنات (المعارضة من أجل مصالح خاصة وفئوية) وهي موجودة في كل الإطارات، لكن حجم الموضوع وطبيعة التحديات والمهمات المطروحة هي أكبر من تناول الموضوع بهذه الطريقة :المؤيدون /المشوشون. فهل سيكون الحسم مع "المشوشين" بتهميشهم وإقصائهم بطريقة لا نضالية هي أحد الشروط التي سكتت عنها شروط المافيا بشكل صريح، وهي عربون ثقة للمافيا النقابية المتربعة على عرش الإتحاد المغربي للشغل؟ أليس الاختلاف هو في مضامين الأشياء وليس فقط في ظواهر معينة جزئية أو هامشية؟ لماذا لا يطرح هذا الموضوع بكل جرأة، أي واقع التوجه الديمقراطي وآفاقه للنقاش بشكل موسع وديمقراطي عوض فرض أراء من فوق ومواجهة كل الآراء والأفكار الأخرى والتي ليست بالطبع مشوشة، بل تقع ضمن مسار تطوير العمل النقابي بشكل خاص وقضية الطبقة العاملة بشكل عام. إن أي تساهل في مواجهة البيروقراطية، وبالطبع على أرضية مواجهة النظام، ومواجهة كل مخططاته الطبقية والسياسية ستكون تضحية بمصالح الشعب المغربي في الوضع الحالي وتضحية بآماله وطموحاته في الإنعتاق والتحرر من كافة أشكال وأنواع الاستغلال والاضطهاد في المستقبل، لأن هذه القيادات هي الداء الذي يعيق كل تطور محتمل للطبقة العاملة بشكل عام، سواء على مستوى وعيها النضالي أو السياسي والتنظيمي. والتاريخ أعاد إعطاء حكمه على هذه القيادات بأنها قيادات ينبغي مواجهتها بكل حزم وعزيمة. وهذا الخيار يضع المناضلين الثوريين هدفا لطلقات العدو وحقده. فالوضع الناشئ مع انتفاضة الشعوب وثوراتها، أعاد طرح بؤس القيادة السياسية والنقابية المتربعة على عرش المشهد الحزبي والنقابي وعمالتها للنظام، وفتح إمكانيات كبيرة بجانب الشعب المغربي لتجاوز الأزمة المذكورة، بل منحنا مداخل مهمة، بما لها وما عليها، لتخطيها، هذا بالطبع دون أن ننسحب من هذه الأماكن، بل كل وجود سيكون إضافة وعملا يندرجان ضمن هذه الرؤية العامة، وخدمة لها بما تسمح به الإمكانيات الموضوعية والذاتية..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا