الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!! هزيمتنا التى لا ينكر عاقل باننا نعيشها كأمة

محمد سعدي الأشقر

2005 / 7 / 18
القضية الفلسطينية


ان الحوار يعتبر سبباً مهماً من الأسباب الكثيرة التي لا بد ان تتوفر كي يبدأ الانسان العربي العمل في اتجاه الانتصار على هزيمتنا التى لا ينكر عاقل باننا نعيشها كأمة بسبب العسف والظلم والقهر الاستثنائي الذي مارسه حكامنا ضدنا ، لا اتجنى على الانظمة عندما اقول بانها المتسببة الرئيسية في وصول الحال العربي لما هو فيه من تردي بحيث وصل الناس الى نتيجة او قناعة بان الحال لن ينصلح لا في القريب المنظور ولا في المستقبل ، بل وصل عند الكثير من المرموقين الى قناعة مغلوطة بدونية الانسان العربي وقصور عقله ، بل نجد بعضهم لا يسمحون حتى بمجرد المقارنة بين العقل العربي وعقل الشعوب المتحضرة الاخرى ، والأخطر ان رأي هؤلاء المرموقين الذين يحظون بمساحة لا يستهان بها من الاحترام في محيطهم الذي يعيشونه يلقى الاذآن الصاغية التى تستقبله بتسليم تام من أولئك البسطاء المحيطين بأولئك المخضرمين الذين وصل الكثيرين منهم مع الاسف الى القناعة المخيفة والمرعبة على مصير الامة ، والتى هي بالتأكيد ليست صحيحة وأعنى بها اقتناعهم بان العقل العربي قاصر والشخصية العربية هي شخصية دونية ومتخلفة وانتهازية ، وأوغلوا في قناعاتهم المغلوطة تلك حتى أصبح الكثيرين منهم يستنكف من مجرد مناقشة تلك القناعات التى ترسخت لديه ، وفي هذا الامر تكمن الخطورة الهائلة التي نشأت وأعني بها البيئة الخصبة جداً الملائمة للأعداء كي يصلوا بالاغلبية من ابناء الامة الى الاقتناع والتسليم بان العقل العربي قاصر والنفسية العربية ليست طبيعية ، انما انتهازية ومريضة ولا يرجى شفاؤها ، والمحزن هو انه بالرغم من ان العلم يؤكد على زيف هذا الطرح فاننا سنحتاج الكثير من الجهد والزمن لإصلاح النتائج المدمرة له ، وفي مقدمة هذه النتائج المدمرة تمكين الانظمة الديكتاتورية من البقاء مسيطرة على المجتمعات بسلاحين : السلاح الاول قبضتها الحديدية التقليدية التى استخدمتها ضد الامة على مدى الخمسين عاماً الماضية ، والسلاح الثاني الجديد وهو اكثر فتكاً وأمضى فعالية من السلاح الاول وهو نشر القناعة لدى الناس بانهم من عنصر ادنى ومن طينة رديئة وما عليهم الا الرضوخ والاستسلام لمن هم اقدر ، واقتناعهم بان هؤلاء الحكام وزبانيتهم لولا انهم يتمتعون بوعي وقدرات مختلفة عن بقية الناس لما وصلوا لما هم فيه من عز وجاه وسطوة .
وكل هؤلاء المقتنعين بقصور العقل العربي وبدونية نفسيته وانحطاطها مدعوون ببساطة للاجابة على السؤال البسيط التالي : لو كان هناك مجتمع كبير مكون من اناس اشرار وموبوءين وسكارى ومتعطلين ومتبطلين وفقراء ومقهورين وانتهازيين وقدر لهم قيادة عادلة صادقة حريصة دؤوبة ، فهل تتوقعون ان لا يتحول هذا المجتمع نحو التقدم والتطور والازدهار وحب العدالة ، الاجابة واضحة ، والسؤال الآخر وفي نفس السياق ، لو تعرض شعب متحضر جداً لقمع استثنائي ومتواصل وبقبضات حديدية متوحشة لا ترحم ولمدة خمسين عام كما حدث ولا زال يحدث في بلادنا ، فهل سيبقى ذلك الشعب رائعاً وهل لن تنخره كل الامراض السلوكية التي تنخر كياننا حالياً ، بالتأكيد سنجدهم سيغرقون في النفاق والتملق والجهل والانحراف ، وهكذا حالنا ، الكل مدعو للنهوض في اتجاه المحاربة وبلا هوادة ضد كل من يحاول الترويج لهذه الفرية الكبرى ، يجب التنبه بأن هناك ذيل لهذا الترويج وهو الخلط الواعي الخبيث أو اللا واعي الساذج بين الحاكم العربي والمحكوم العربي ووضعهم دائماً في سلة واحدة ، والمؤكد ان الحكام الديكتاتوريين هم سبب البلاء ، وأما الامة فمهما تصرف انسانها الفرد بسلوكيات شائنة ومهما ظهر وكأنه لا كرامة ولا انسانية لديه ، فلا بأس ، ولكن لا بد من حل !! كل ما اسلفنا هو تشخيص وما العلاج ؟ العلاج يكمن في نهوض أغلب المثقفين الشباب المنتمين إلى الأحزاب الموجودة على الساحة العربية وهم بالتأكيد مجمعون على الحياة ( الديمقراطية ) بكل ما تعني الكلمة من معنى كحاجة اساسية لبناء المحتمع الحر ، ان الحل يكمن في هؤلاء الشباب ليبدؤوا من داخل احزابهم وبلا استثناء وبالحوار ثم الحوار لازاحة القيادات الصنمية التى دمرت تلك الاحزاب وابقتها تراوح في مكانها عشرات السنين وجعلت الناس يبتعدون عن الانخراط في صفوفها وعن الالتفاف حولها ، هذا لا يعنى انني أعفي القمع الاستثنائي الذي مارسته الديكتاتوريات العربية ضد كادرات تلك الاحزاب ، وهذا لا يعني اننى انكر التضحيات الجسام التي قدمتها الاحزاب المعارضة العربية من خيرة أبناء الامة الذين تأطروا في صفوف تلك الاحزاب ، وهذا لا يعني اننى اتجاوز عن شعار الحرية الذي اطلقه الفيلسوف الفرنسي فولتير قبل قرنين من الزمان " قد اختلف معك في الرأي ولكني على استعداد ان ادفع حياتي ثمناً لحقك في الدفاع عن رأيك " .
ختاماً ، لا حل الا بازاحة القيادات الصنمية التي تتربع على عروش تلك الاحزاب وتصادر حق اعضاءها في الحوار وتتغلغل في كياناتها من خلال تلك المصادرة المخجلة لذاك الحق العظيم الذي فيه سر انتصار الامم !! ، لا بد من ازاحتهم ، كي يتسنى للطاقات ان تعمل بالشكل الصحيح في اتجاه إعادة الارادة الفاعلة للانسان العربي والتي ستمكنه من اسقاط الزيف وهزم الخداع والوهم ، كي يحقق الانعتاق ويندفع من ثم في اتجاه احقاق الحق وسيادة العدالة . ولنبقي الحوار مفتوحاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس