الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعبير عن الحب .. أنقذ أطفالك من الاضطرابات النفسية والعلاقات المبكرة مع الجنس الآخر

نورا جبران

2014 / 5 / 3
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


يعتبر الإشباع العاطفي والحاجة إلى الحب والاهتمام من أهم حاجات الإنسان، وهي من الحاجات الأولى التي تنشأ مع الإنسان منذ ولادته، وتؤثر في حياته كلها فيما بعد. ويؤدي نقص أو عدم التعبير عن الحب للأطفال بعبارات وسلوكيات واضحة كالتواصل البصري والجسدي وكلمات الثناء والتقدير وقول "أحبك"، إلى تشوهات كثيرة في البناء النفسي للطفل، بما ينعكس على سلوكه وشخصيته وحتى نموه الجسدي.
إن تعبير الوالدين عن مشاعرهما الإيجابية لأطفالهما، بشكل صريح ومباشر، هو استثمار حقيقي في بناء شخصيات هؤلاء الأبناء، وتكوين نمطهم في بناء العلاقات الاجتماعية، وقدرتهم على مواجهة وحل المشكلات، وشعورهم بالأمن والثقة بالنفس، والإقبال على الحياة.
تشير دراسات كثيرة إلى أن الأطفال الذين يتلقون تعبيرا كافيا عن الحب من والديهم يتمتعون بتقدير ذات مرتفع، وقدرة على حل المشكلات، وبناء علاقات اجتماعية وصداقات صحية، كما أنهم يحصلون على نتائج مدرسية أعلى، وتنخفض لديهم المشكلات السلوكية، والانحرافات، كما يتمتعون بالقدرة على التكيف الإيجابي مع الظروف المحيطة، ويكونون أقدر على تقبل التغيير.
وتشير الدراسات كذلك إلى أن هؤلاء الأطفال لا يقيمون غالبا علاقات مع الجنس الآخر في سن مبكرة، كما يتبنون مفاهيم إيجابية وصحيحة عن العلاقة بين الجنسين في سن المراهقة، ولا يتزوجون في سن مبكرة، كما أن قدرتهم على الاختيار الزواجي الصحيح والناضج تكون أعلى بكثير من أقرانهم ممن لا يتلقون إشباعا عاطفيا في سنوات طفولتهم ومراهقتهم.
لا ينعكس الإشباع العاطفي الذي يحصل عليه الإنسان عليه وحده، بل ينعكس على علاقاته وحياته كلها، وينعكس بالدرجة الأهم على الأسرة التي سينشئها مستقبلا، فالأبناء الذين يحصلون على إشباع عاطفي يقيمون علاقات زواجية صحية، كما يقيمون علاقات مُشبعة عاطفيا مع أطفالهم، وبالتالي يقيمون أسر صحية وسعيدة.
إن الحرص على علاقة عاطفية متينة مع الأطفال، منذ طفولتهم المبكرة، والتعبير عن الحب اللفظي والجسدي يضمن تحقيق الإشباع العاطفي للأطفال، ويحافظ على بقاء السلوك الجنسي في حدوده الطبيعية. كما أنه يطمئن الأطفال للتحدث عن كل ما يجول في أذهانهم من تساؤلات، وفي نفوسهم من رغبات، ويشجعهم كذلك على البوح في حال تعرضوا لأي تهديد أو تحرش أو سلوك غير سوي.

آثار عدم التعبير عن الحب على الأطفال
يؤدي عدم التعبير عن الحب والاهتمام بالأطفال إلى العديد من المشكلات النفسية والسلوكية والاجتماعية تتمثل في الخجل الزائد والتردد وعدم الوضوح فيما يرغبون فيه والخوف من التعبير عن رغباتهم أو المطالبة بحقوقهم، و عدم القدرة على التعبير عن المشاعر الإيجابية أو طلب المساعدة من الآخرين عندما يحتاجونها، تدني مستوى الثقة بالنفس والآخرين، و تدني مفهوم وصورة وتقدير الذات وارتفاع الشعور بالذنب وتأنيب الضمير أو القسوة الشديدة في التعامل مع الآخرين، و مشكلات في التعلم والتحصيل الدراسي، و تدني القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرار، و مشكلات سايكوسوماتية، وهي المشكلات الجسمية الناتجة عن أسباب نفسية كآلام البطن والرأس وادعاء المرض أحيانا، و محاولات التعويض ولفت الانتباه بسلوكيات غير سوية كاللباس وتسريحة الشعر والصوت المرتفع وغيرها. كما قد يكون الأطفال عُرضة ل اضطرابات الأكل كالسمنة الزائدة، حيث يقوم الطفل بتناول الطعام بصورة مبالغ لإشباع حاجاته العاطفية، والتعويض عن الحرمان النفسي الذي يعيشه، وعُرضة ل إقامة علاقات عاطفية مبكرة أو عدم القدرة على إقامة علاقات عاطفية والخوف منها، و الإدمان الالكتروني ومحاولات الإشباع العاطفي بطرق سلبية. عدا عن مشكلات ك الكبت والمشكلات المتعلقة بالسلوك الجنسي والخجل من الكثير من الممارسات الجنسية في العلاقة الزوجية، وإقامة علاقات متسلطة وتتصف بالسيطرة مع الأبناء أو علاقات متساهلة تميل إلى التسيب عندما يصبحون آباءً.
كيف تعبر عن حبك لأطفالك؟
يعتقد بعض الآباء والأمهات أن التعبير عن الحب يكون بالإنفاق على الأطفال أو بإنجاز أعمال البيت أو متابعة الواجبات الدراسية ويغفلون عن أهمية تقديم الحب بشكله المباشر والصريح، ودوره في تقوية وتعميق العلاقة بينهم وبين الأبناء وبناء شخصياتهم بشكل سوي، وفيما يلي بعض الأساليب والوسائل التي يمكن للآباء استخدامها للتعبير عن الحب مباشرةلأطفالهم:
-;- التعبير الصريح والمباشر عن الحب أيا كان سن الطفل، وذلك بقول كلمة "أحبك"، انظر في عيني طفلك وأخبره أنك تحبه حتى دون أن يكون هناك سبب للتعبير عن الحب، ولا تربط بين الحب والالتزام بما تريده كأداء الواجبات أو ترتيب السرير أو عدم إزعاج الآخرين، فالحب الذي يحتاجه الطفل هو الحب غير المشروط، وغير المرتبط بسبب، والذي تتقبله فيه كما هو، يمكنك استخدام أساليب تعديل سلوك أخرى لضبط سلوك الطفل، ولكن لا تقل له أنا أحبك لأنك أنهيت الواجب، أو أنا لا أحبك لأنك تزعج شقيقك.. قل لطفلك أنا أحبك وأنت تستحق الحب.
-;- عبر عن الحب بالتواصل الجسدي مع طفلك، وذلك باللمسات الحانية، والجلوس بجانبه، والاحتضان والتقبيل، فالإشباع الجسدي جزء مهم من حاجات الطفل ومن بنيته النفسية والعقلية.
-;- اقض وقتا كافيا مع طفلك وأشعره أنك مهتم ومستمتع بقضاء الوقت معه، وأنك سعيد لأنك تتمكن من الجلوس معه، وأنك حريص على ذلك لأنه (أي طفلك) مهم بالنسبة لك. واستمع باهتمام لما يقول الطفل، ولا تجلس معه لتخبره بهمومك، أو تتذمر من مشاكل الحياة والعمل، بل لتستمع إليه، ولا تنشغل بأمر آخر أثناء حديثه إليك.
-;- قدم عبارات الثناء والمديح والإعجاب بكل ما يقوم به من أفعال إيجابية وقل له أنك فخور به وأنك ترى أنك محظوظ لأن لديك طفلا مثله.
-;- احتفل بإنجازات طفلك وتفوقه في أي مجال كان، وخصص جلسة عائلية لهذا الاحتفال.
-;- العب مع طفلك وانسجم في عالمه، ولا بأس إن اتسخت ملابسك أو أحدثت فالفوضى في البيت، فتنظيف الملابس أو ترتيب البيت، رغم صعوبته أحيانا، إلا أن ما تبنيه في طفلك من الشعور بالأمان والثقة لا يعادله شيء، ويبقى تأثيره معه طوال عمره. كما أنك بلعبك معه ستتخلص من الكثير من الضغوط النفسية وضغوط العمل والحياة التي لديك.
-;- درب أطفالك على الاختيار، واسمح لهم باختيار ما يريدون من ملابس أو مقتنيات، لأنها تعجبهم وهم من سيرتديها، كما أن في ذلك احتراما لهم، وتدريبا على الاختيار واتخاذ القرار، لا تفرض عليهم رأيك وذائقتك، بسبب ضيق وقتك أو رغبتك في السيطرة، أو اعتقادك بأنهم غير أكفاء وذوقهم غير مناسب، فهذا يؤثر في تقديرهم لأنفسهم واحترامهم لها. إذا كانوا صغارا يمكنك اختيار ثلاثة قطع جيدة وتخييره بين أحدها، ولكن لا تفرض عليه رأيك مطلقا.
-;- ساعد أطفالك على استكشاف وتطوير مواهبهم ومارسها برفقتهم، سيشعرهم هذا بأهمية هذه الهوايات وباهتمامك الكبير بهم، وبالتالي تطويرها.
-;- لا تعنّف طفلك ولا تستخدم ألفاظا نابية أو جارحة ولا تقلل من قيمة أطفالك، فهذا يعكس عدم قدرتك على التعامل مع المشكلات، وعدم قدرتك على التربية بالحب، وينشئ أطفالا غير أسوياء، وعلاقة والديّة مشوهة ومنقوصة.
-;- أبد اهتماما بدراسة أطفالك وساعدهم فيها دون انتقاد أو تذمر، سيساعدهم ذلك على الشعور باهتمامك وقربك، وعلى الإنجاز والاهتمام بالدراسة بشكل أجمل وأفضل.
-;- فاجيء طفلك بعبارة جميلة ملصقة في غرفته أو فوق مكتبته أو على الثلاجة، وقدم له هدية يحبها حين ينجز عملا جيدا.
-;- كن وفيا لما تقدمه لأطفالك من وعود، فالطفل يفسّر عدم الوفاء بالوعد بأنه عدم اهتمام وعدم حب، انتبه لما تقوله وما تبدي التزاما به.
-;- لا تستخدم طفلك بأي شكل من الأشكال للضغط على الشريك أو تحقيق أي غايات من الشريك أو غيره، فالأطفال أذكياء ويستطيعون فهم ذلك جيدا، وإن وافقوا أن يكونوا وسيلتك في ذلك فهم إما خائفون ولا يشعرون بالأمان في علاقتهم معك، وإما غير مكترثين بحبك، أو يشعرون بالذنب من أجلك، وهذا الاستخدام سيدمرهم ويدمر علاقتك بهم، لأنهم لن يستطيعوا تحمل هذا العبء طويلا بسبب ضعف تكوينهم وهشاشة طفولتهم.
-;- اطلب من شريكك التعبير عن حبه للأطفال، يخطئ الكثير من الأزواج باعتقادهم أن التعبير عن الحب أمر يقتصر على الزوجين، ومن الأنانية أن تطالب شريكك بالتعبير عن حبه لك، وتنسى أو لا تجد أهمية لتعبيره عن الحب لمن هم في العمر الحرج وفي أمس الحاجة للحصول على الإشباع العاطفي، ولمن هم أطفاله ونفح من روحه ودمه.
-;- ساعد طفلك على إقامة علاقات جيدة، واهتم بأصدقائه، وعلمه كيف يكون بناء العلاقات الجيدة والاهتمام بالآخرين.
-;- أخبر طفلك عن حكايا طفولتك، سيشعره هذا بالاهتمام والقرب وسيجعل منك نموذجا جميلا في ذهنه.
-;- ابن رسائلك وطلباتك من الأطفال على الحب والاهتمام الحقيقي، وتوضيح هذا للأطفال، فهم قادرون من خلال علاقتهم بذويهم على تمييز الحب والاهتمام، فحرص الأبوين على نوم الأطفال في وقت محدد مثلا يجب أن يكون مبنيا على ضرورة حصولهم على قدر كافٍ من الراحة، وبيان انعكاس ذلك على حياتهم ودراستهم ومزاجهم، وقناعة الأطفال بهذا مرتبطة بالتعبير الدائم عن الحب والثناء من قبل الأبوين، ومحاولتهما مساعدة الأطفال على تقبل النظام، لا أن يكون منطلقا من رغبة الأم أو الأب في الحصول على قسط أكبر من الراحة، وعدم الاستماع لضجيج الأطفال، وبالتالي نكون علمناهم إغلاق الباب فقط، أو ادعاء النوم، بينما هم مستيقظون يفكرون في الأسباب التي تدفع والدهم أو والدتهم لفعل ذلك، وهل هم يحبونهم حقا.
-;- اقرأ لطفلك قصة قبل النوم، سيساعده هذا على النوم بشكل أفضل ويبني بينكما علاقة قوية ويقضي على مشكلات الذهاب إلى النوم اليومية التي تعاني منها مع طفلك، يحتاج الأطفال فقط لان تجلس بجانبهم في السرير وتمسح على رؤوسهم بيد حانية وتروي لهم قصة قصيرة جدا حتى يشعروا بالأمان ويستغرقوا في نوم عميق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار