الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استذكارات : كراج النهضة ح8 : من كراج النهضة الى سجون المعسكرات

سعدي عباس العبد

2014 / 5 / 4
الادب والفن


• استذكارات : كراج النهضة ح 8
من كراج النهضة إلى سجون المعسكرات

___________________________________

** ............... لم اذهب للحرب جنديا اجباريا مكلفا .. لم امشِ اليها بخطواتي ... انما كنت اجري
اليها بخطوات مستعارة ..خطوات ممهورة بتواقيع سلطة ابويّة ..
سلطة الآباء الحكومين والآباء الجنرلات .. والآباء المعمّمين الكهنة
خطواتي كانت تدرج في ساحات المصير الغامض على وفق ايقاع سلطة الخوف ..
الخوف سلطة قائمة بذاتها .. سلطة متنفذة بلا رقيب بلا منازع ..سلطة لاتضاهى ..
كنت لاازال طريّا عودي اخضر ناعم لم تجفّفه سنوات الخراب والملمّات بعد .. لما وجدتني وجها لوجه
شاخصا في كراج النهضة .. اعزل إلّا من سلطة الخوف وهاجس غامض يدعوني للفرار من الجندية
كان ذلك اواخر عام 1976 .. بيد إني لم البِ نداء الهاجس .. كنت مأخوذا بسلطة الخوف
الخوف الذي سوف اواجههُ وهو في اشد تجلياته وضوحا وقربا من الروح , روحي ..
الخوف الذي سوف اراه كشيء مادي محسوس .. ساطالعه يمشي على الارض على هيئة
ضابط توجيه سياسي .. كما اسلفت كنت لم ازل في طور المراهقة المنتهية ولايتها الاوّلى
او بالكاد كنت قد عبرت جسورها الاوّلى .. الجسور المشحونة .. الملغومة بالاضطرابات والهواجس
الجسور التي قذفت بي صوب الضفة او الحافة الخطرة من الوجود ..اقصد مركز تدريب مشاة كركوك
ومن ثم سلمني الجسر في خطوته الاخيرة إلى كتيبة مدفعية الميدان / 37 قف2 ..
هناك تجلى الخوف عندما قذف بي داخل سجن الكتيبة .. وجدتني في السجن على اثر وشاية
مرعبة , اجاد في حوك نسيجها احد الوشاة المهرة من مراتب الوحدة التي حللت جنديا
مستجدا على ارضها الخراب .. كان الواشي نائب عريف مطوّع يشغل وظيفة واشِ او على مقربة من ذلك
في التوجيه السياسي للوحدة .. كان ذلك النائب عريف قد اكتشف بمحض الصدفة كتابا او وجدني
متلبسا !!! بمطالعة احد الكتب الممنوعة من التداول والمطالعة , كان الكتاب معنون او يحمل عنوانا غريبا
لدى الواشي فطلب إليّ انّ يتصفحه كان الكتاب : الانسان المتمرد تاليف البير كامي ._ لم اكن اعرف ان
للكتب سلطة على الطغاة وسلطة ايضا في تحديد او رسم المصائر _
بعد ذلك ..وقبل حلول الظهيرة وجدتني وجها لوجه مع مؤسسة القمع والقسوة .. كانت تلك هي المرّة الاوّلى
التي اجد فيها نفسي في مواجهة حية .. مع اقسى مؤسسة قمعية عرفها تاريخ العراق الحديث
نموذج مصغر لمؤسسة الرعب والقسوة متمثل ب ضابط التوجيه السياسي
لا زالت ملامح ذلك الضباط المتحدر من محافظة بابل ..مطبوعة في ذاكرتي .. كما لو اني اراه الآن
بكامل بزته العسكريه وملامحه السمراء الداكنة ونبرة صوته الاجش وشاربه الكث الملصوق اعلى شفته
كضبّة مجتزء من وبر اسود مطبوعة عند منتصف الوجه .. كان وجها ينضح قسوة
لم يدم التحقيق معي طويلا .. التحقيق الذي تخللته صفعات وركلات ..وبصاق وشتائم وسياط
موجعة بصونده سوداء يابسه .. فسرعان ما رحّلوني إلى قيادة استخبارات الفرقة الثانية
احيّلت قضيتي بكافة ملابساتها إلى احد ضباط استخبارات الفرقة . كانت التهمة : الانتماء للحزب الشيوعي
المحظوره نشاطاته داخل صفوف القوات المسلحة .. اودعني داخل سجن الاستخبارات ..حيث مكثت
هناك شهورا 3 .. وتلك حكاية مغايرة عن مرويات كراج النهضة
كنت في السجن .. ذلك الفضاء الذي يختزل القارات في مساحة منحسرة من الاحلام والخوف ..استعيد
ملامح كراج النهضة . بوصفه المكان الاوّلى الذي ابتدأت منه الخطوة الاوّلى في الشروع صوب
مرافىء المصائر المجهولة .. المصائر المعلّقة على رفوف سلطات متنوعة في تعدّدها
تاخذ حالة التدرج في الصعود ..
كراج النهضة او المكان يحضر في فضاء الذاكرة الممنوعة من الأرشفة والتقاط المشاهد
ليس ثمة مشاهد جاهزة او مهيأة للالتقاط عبر عدسة كاميرا الجندي المحبوس على ذمة المجهول ..
سوى منظر الجدران وفضاء الحجز الفارغ الا من جندي اخر معتوه مكمّم بحاجز مهوّل من الصمت
كان هو نفسه الصمت بكامل حضوره وملامحه وهيمنته وسلطته
الكراج اخر مالتقطته كاميرا الجندي المستجد .. التقطت اكثر واشد ملامحه الفةً .. كانت رائحة المكان او
الكراج تضوع من روحي وبدني وانفاسي .. رائحة دخان الحافلات وهي تتأهب للانطلاق .. رائحة حطب
مواقد الشاي .. رائحة الشاي ذاته وهي تضوع وتنتشر في الفضاء .. فضاء ركن الباعة .. رائحة
المياه الاسنه الراكده التي خلّفتها امطار شتاءات منصرمة .. مسطّحات مائية تشغل بقع متفرقة متباعد
من ساحة الكراج .....................................................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??