الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعادلة بين هي وهو !!

محمد سليم سواري

2014 / 5 / 5
الادب والفن


صديقة عزيزة علي أحترمها وأُقدر كل كلمة تقولها .. لأنها نعم الإنسانة الواعية والمدركة لبواطن الكثير من الأمور وأسرارها.. وكانت قد أرسلت قبل فترة رسالة مختصرة لي ورسالتها عن الحب الذي كان محور حديثنا قبل ذلك .. وكان لرسالتها في هذا الموضوع الكثير من العمق والجرأة المتسمة بالهدوء .. وطلبتَ مني مشكورة أن يكون لي رأي في هذا الطرح .. ومما جاء في رسالتها : ( نعم سيدي .. البعض يفهم الحب بصورة خاطئة .. فأنا أسمع أن الناس معظمهم يسمون الحب على أنه علاقة ، ولكن حسب مفهومي لكلمة الحب أنا أعتبرهاغير ذلك تماماً .. فمثلا قد يكون مشروع الزواج بين الرجل والمرأة هو علاقة .. وإما أنه نصف الدين أو ربما من أجل الحفاظ على الجنس البشري أي زيادة البشرية أو ربما هو مجرد إشباع رغبات الطرفين أو أحياناً يفهمها معظم الناس على أنه مصلحة .. فمهما كانت مسميات العلاقة تلك ففي النهاية هي مجرد علاقة ولكن ليس حباً .. فأنا أقول وحسب وجهة نظري أن الحب هي فطرية أو هبة قد يهديها الله لبعض البشر وليس لكل البشر .. وأعني هو وليس هي.. فالحب هو عطاء سيدي ، دون مقابل
فعندما نحب بعض الناس فنحن لا ننتظر منهم مقابل ذلك أي شيء اذا كان هناك مقابل فستكون علاقة .. فحبي لولدي بدون مقابل .. فأنا أُحبه إن كان هو يحبني أو لا .. وهكذا حبي لحبيبي فهو كالمحيط الذي لاينضب مياهه ، فهو عطاء مستمر لايتوقف ، فمهما حاولنا أن نفهم الناس بأن الحب هو أسمى وأعلى الصفات في العالم فهم لايفهمون ذلك والكل ينظر إليه نظرة غير شرعية .. وأنا أقول إن شرعية الحب تعلو كافة الشرائع التي يدعونها هولاء الناس .. فهل توافقني الرأي أم أنني مخطئة سيدي؟ )
سيدتي العزيزة .. أنا دائماً أتكلم عن قانون النسبية للقديس والعالم آنشتاين وكيف أن نظريته قلبت الكثير من الأشياء وغيرت العديد من الأفكار.. مثلاً أنا أرى النملة بعيني ولكنني عندما أنظر إلى تلك النملة بعدسة مكبرة أرى النملة كبيرة .. نعم حجم النملة تغيرت صغراً وكبراً بالنسبة لعيني وللعدسة .
سيدتي .. وهكذا يكون الكلام عن الحب .. الكل يتكلم عن الحب .. القسم منهم يدعي بأنه حبه لحبيبته نموذج فريد وإنه في هذا المضمار قد فاق قيس وليلى ومم وزين ومنهم أحد الأصدقاء إعتبر الحب شيء لا يستحق الذكر في الوقت الحاضر وليس له وجود إلا في دواوين الشعراء والذين يمضون وقتهم مع الحب هم مجانين .
عزيزتي .. هذا هو الخلاف البيزنطي حول الحب الواحد وهو حب القلب فكيف تكون صولتنا مع كل أنواع وأجناس الحب وبعض العلاقات تحت مختلف اللافتات .
أنا مع وجهة نظرك بأن الزواج مثلاً علاقة .. وهي أكيدة علاقة مبنية على المصلحة وكل علاقة مبنية على مصلحة أو غاية أو هدف .. حتى العداوة هي علاقة بين طرفي المعادلة الغاية منها أن يتمكن طرف من الطرف الآخر .. وإن ما ذهبت إليه إلى مفهوم العلاقة وهي تأتي من خيار الإنسان أو أحد طرفي المعادلة أو الطرفين وليس للعاطفة أو الغزيرة فيها دخل.. مثل الزواج والصداقة والعداوة والممارسات في العلاقات الإجتماعية والإقتصادية والدولية .
أما الحب الذي تحدثت عنه أو علاقة الأم بولدها فهذه أكيد تصنف ضمن مفهوم العلاقة ولكن فرق ذلك عن العلاقة السابقة وكما تفضلت فهي دون مقابل أو مصلحة ولكن إضطرار .. وإنها قد لا تكون من خيار الإنسان في كل التفاصيل مثل علاقة الاُم وولدها .
وفيما ذهبت إليه من لب الموضوع وزبدته أي الحب المتعارف عليه ففي حب القلب المسألة تختلف كلياً وهي ليست بالمفهوم المصلحي للعلاقة .. في الحب جوانب الإختيار والتحميص والبحث قليلة أو مفقودة وكما يقال نظرة وهناك من يقول والأُذن تعشق قبل العين أحياناً .. أي بدون مصلحة أو فرصة للإختيار.. قد يكون وحياً ولكن ليس بالمفهوم الديني للوحي وقد يكون إيعازاً من شيء مجهول لم يتم التعرف عليه هذا المجهول يبعث بإشارة أو إيعاز إلى الطرف الأول للمعادلة الرجل أو الطرف الثاني للمعادلة المرأة وقد يتم إستلام هذا الإيعاز أو الإلهام في وقت واحد للطرفين أو يتأخر إستلام أحدهما عن الآخر .. وكذلك قد يكون رد الفعل في نفس الوقت للطرفين أو يتأخر أحدهما للإجابة النفسية والروحية والوجدانية على هذا الإيعاز وعندما تكمل الدورة يكون هناك البداية المنطقية للحب وما أدراك ما الحب تعجز الأقلام عن وصفة تهب الرياح وتتجمع الغيوم وتسقط الأمطار ليأتي الربيع وهذا الربيع يغير كل شيء من وجه الأرض والإنسان الذي يعيش في واحة الحب كل شيء يتغير في حياته وينظر إلى الحياة نظرة أُخرى ويصبح إنساناً آخراً يلغي من محيطه الكثير من المفاهيم والعادات وما سميته أنت فوق كل الشرائع.
وأما ما جاء من كلامك نصاً (هبة قد يهديها الله لبعض البشر وليس لكل البشر .. وأعني هو وليس هي..) وقفت سيدتي عند هذه العبارة .. نعم أنا معك بان الحب هبة من الله لأن الله عزوجل محبة ولكن القليل القليل من البشر من يحظى بذلك ككل الرسائل السماوية التي إختص بها الله العدد القليل من الأنبياء والصالحين .. ولكن ما الفرق بين هو وهي إنهما طرفي المعادلة .. ليس هناك مفهوم للمعادلة في غياب أي طرف .. كما أن الشرارة الكهربائية لا تكمل ولا تفتعل بدون السالب والموجب .
سيدتي أنت محقة في كل ما ذهبت إليه وأنا محق في كل ما ذهبت إليه والحب محق في كل ما ذهب إليه .. أنتِ والحب وهو ثالوث لمثل تكمل به كل الزوايا .. فهنيئاً لمن يحب نعمة الحب الخالد الذي يجسد في كل خلية من خلايا الكيان الإنساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه الفنان دريد لحام ضيف صباح العربية


.. اللوحة الأخيرة لأشهر فنانة برازيلية تظهر فجأة .. والتحقيق سي




.. إلغاء حفل -هولوغرام- للفنانة الراحلة ذكرى في تونس.. ما السبب


.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا




.. محمد الأخرس: الرواية التي قدمتها المقاومة الفلسطينية حول عمل