الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-نهاية التاريخ-.. عربياً!

جواد البشيتي

2014 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



قانون "الانتخاب (الاصطفاء، الانتقاء) الطبيعي" لداروين يَفْعَل فعله حتى في المجتمعات، ولو لم تكن حُرَّة وديمقراطية بما يكفي لتحريره من كثيرٍ من القيود؛ ولقد رَأَيْنا فَعْله في "البيئة العربية (غير الطبيعية)" على مستوى العقائد والأفكار والمذاهب والاتِّجاهات والتَّيَّارات.
في عهد الحُكْم العثماني، الذي استبدَّ بالعرب قروناً من الزمان، رَاَيْنا ولادةً للوعي (والشعور) القومي العربي؛ ولقد كان الهاشميون، في شبه الجزيرة العربية، بقيادة الشريف حسين بن علي، الذي قاد (بالتعاون والتفاهم والتنسيق مع "بريطانيا العظمى") الثورة العربية (القومية) الكبرى، سنة 1916، الممثِّل الأبرز لهذا الوعي؛ لكن هذا الحراك القومي العربي الأقدم، والذي ضَمَّ منظمات وجمعيات وقيادات قومية عربية من خارج الهاشميين، في العراق وسورية وفلسطين على وجه الخصوص، كان في محتواه خليطاً من القَبَليَّة والعشائرية والزَّعامة الدينية. وانتهى هذا الحراك إلى فَشَلٍ تاريخيٍّ، واستُبْدِلَت قيادات من نمط جديد بالقيادات القديمة؛ لعلَّ الموجة الثانية من الحراك القومي العربي تأتي للعرب في المشرق بالتحرُّر القومي من البريطانيين والفرنسيين، وبما يسمح بالتأسيس لدولة قومية عربية، و"تحرير فلسطين"؛ لكنَّ هذه الموجة لم تأتِ إلاَّ بما أقام الدليل على أنَّ هذه القيادات القومية الجديدة لم تكن أهلاً لإنجاز مهمات قومية بهذه الأهمية التاريخية؛ فتهيَّأت الظروف والأسباب لموجة ثالثة، كانت خليطاً من "القومية الناصرية"، و"القومية الحزبية البعثية"، والمنظمات والأحزاب والتَّيَّارات اليسارية بألوانها المختلفة؛ ولقد تأثَّر هذا الحراك القومي واليساري العربي الجديد، والذي لم تكن المطالب والشعارات الديمقراطية، ولا الاتِّجاهات الإسلامية، بجزء من تكوينه السياسي والفكري، بقيام وتوطُّد التحالف بين الاتحاد السوفياتي ومصر الناصرية، التي كانت مركز الثقل في هذا الحراك، وبإنجازات وانتصارات لـ "الحركة الشيوعية العالمية"، وبالمَثَل الثوري الفيتنامي على وجه الخصوص؛ وظلَّت "القومية الناصرية" مَصْدَر طاقة لشَحْن الشعور القومي العربي من المحيط إلى الخليج، فشرعت تتبلور الهوية القومية العربية، ويَضْمُر ما دونها من هوية وانتماء، حتى وقعت الواقعة (حرب حزيران 1967) فهُزِمت "القومية الناصرية" شَرَّ هزيمة، وساد الشعور بالإحباط القومي، وبدأت مرحلة الارتداد العربي إلى الهويات والانتماءات دون القومية؛ وسرعان ما اختلط وامتزج "إفلاس القومية الناصرية (والبعثية)" بـ "إفلاس اليسارية الشيوعية" بعد، وبسبب، انهيار وتفكُّك الاتحاد السوفياتي؛ فتهيَّأت الظروف والأسباب لصعود جماعات "الإسلام السياسي"، وفي مقدَّمها جماعة "الإخوان المسلمين"؛ فهذا "الفراغ القيادي (السياسي والفكري) الهائل"، والذي خلَّفه "إفلاس الحركة القومية واليسارية"، ما كان ممكناً شَغْله إلاَّ بجماعات "الإسلام السياسي".
وفي موازاة هذا المَدِّ الإسلامي (الشعبي والسياسي والفكري والثقافي) تَبَرْعَمَت في بعض الأوساط الشبابية الميول والأفكار الليبرالية والديمقراطية، واستبدَّت بتفكيرهم ومشاعرهم "الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة"، وكانت، من ثمَّ، ثورات "الربيع العربي"، وانتقلت السلطة، في بعض دول "الربيع العربي"، ومن طريق "صندوق الاقتراع"، إلى جماعة "الإخوان المسلمين"؛ ثمَّ عَصَفَت الأزمات بهذه السلطة الجديدة، حتى أطاحها العسكر في مصر، مركز الثقل في "الربيع العربي"؛ وبدا أنَّ "البيئة العربية" لم يَقَع اختيارها، أيضاً، على جماعات "الإسلام السياسي"؛ أمَّا الشباب الذي فجَّر هذا الحراك الشعبي الثوري الديمقراطي والليبرالي فشرع يسوده شعور بالإحباط؛ ولقد سُيِّرت رياح ثورات "الربيع العربي" في بعض البلاد العربية، وفي سورية على وجه الخصوص، عربياً وإقليمياً ودولياً، بما وَلَّد "فراغاً قيادياً جديداً"، لا يستطيع شَغْله، هذه المرَّة، إلاَّ نمط قيادي هو الأسوأ في تاريخ العرب الحديث؛ فالقادة الآن خُلِقوا على مثال العصبيات الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية والجهوية؛ فحراكهم هو بماهيته وخواصه الجوهرية يُمثِّل النَّفي التام لكل حراك عرفه العرب من قَبْل، أكان من طبيعة قومية أم من طبيعة ديمقراطية؛ وكأنَّها "الجاهلية" تعود، فتُغْلِق "الدائرة"، ليُعْلِن هذا الخليط القيادي من العسكر وزعماء الطوائف والقبائل "نهاية التاريخ" عربياً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بناء الدولة القومية
فؤاد النمري ( 2014 / 5 / 5 - 15:37 )
بناء الدولة القومية ترافق تاريخياً مع حاجات الرأسمالية المتنامية إلى جغرافيا خاصة بها محجوزة جمركياً
بناء الدولة القومية في المشرق العربي كان التعبير الثوري للبورجوازية الشامية فكان الشرق العربي الأسيوي فقط هو حدود انتشار صناعاتها الحرفية وعليه فإن ما وصف بولادة القومية في الهاشميين في قلب الجزيرة العربية لم يكن صحيحاً ولا تولد القومية دون أم ولاّدة
الأم الولادة كانت الصناعات الشامية والتي اجتمع أساطينها في بصرى الشام 1915 واختاروا الشريف حسين رمزاً للخلافة الإسلامية
تآمر الاستعمار الأنجلو الفرنسي على مشروع البورجوازية الشامية وقمع الثورة في دشق وفي بغداد وفي مكة وشرّك المشرق العربي إلى أجزاء لا تربطها روابط مادية حيث الصناعات الشامية لم تكن قد وصلت البنية الرأسمالية وهو ما استدعى فشل الثورة
ظلت البورجوازية الشامية تحتفظ بحرارة الثورة حتى تلقفها عبد الناصر لكن العالم كان قد تغير زمن ناصر وتقادمت الدولة الرأسمالية

في السبعينيات انتهت الثورة العربية إلى الفشل فكان أن اختطفت السلطة في الجملكيات العربية عصابات معادية لشعوبها
نهضت الشعوب العربية بكل طبقاتها للتحرر من حكم العصابات فقط


2 - حكم العصابات مجددا
حاتم حسن ( 2014 / 5 / 5 - 21:51 )
جاء في تعليق الاستاذ فؤاد النمري ان الشعوب العربيه نهضت بكل طبقاتها للتحرر من حكم العصابات
وهذا صحيح
ولكن ماذا عساهم العسكر فاعلين بمصربعد احكام قبضتهم علي السلطه
الاسبوع الماضي اصدر رئيس الجمهوريه المؤقت والذي عينه السيسي بعد انقلاب 3 يوليو اصدر قانونا يمنع الطعن امام القضاء في العقود بين الحكومه واالقطاع الخاص
وكان الكثير من عقود الخصخصه وبيع ممتلكات الدوله في عصر مبارك قد تم ابطاله امام القضاء بسبب ماشابها من فساد فاضح
العسكر يعيدون مصر الي حكم العصابات علي انقاض ثوره يناير وباستخدام فزاعه الاخوان


3 - الصديق العزيز حاتم حسن
فؤاد النمري ( 2014 / 5 / 6 - 15:07 )
ليس هناك ما يحول دون عودة حكم العصابات مجدداً سوى كون الشعوب كانت قد عانت كثيراً من حكم العصابات لأربعة عقود مريرة

بغياب الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة وكلاهما يمتلكان وسيلة إنتاج متطورة فليس هناك حكم مستقر

طبقة البورجوازية الوضيعة (الطبقة الوسطى) لا تنتج ما يسد حاجات المجتمع وستظل شرائحها المبعثرة في صراع حاد لامتلاك السلطة دون استقرار سواء تلك التي ترفع شعارات إسلامية أو ليبرالية أو يسارية

الشعب يكد ليل نهار ليمتلك الخبز وليس المبادئ

كنت قد كتبت عن الموضوع بتاريخ 14 / 2 / 2011 تحت عنوان - - ماذا في مصر وفي تونس -

تحياتي للصديق حاتم حسن

اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال